بدأت أحداث عام 2011 فى مصر باندلاع ثورة 25 يناير كثورة شعبية ضد نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذى ساهم فى استشراء الفساد فى الجسد المصرى، وتعقد مشاكل الحياة، وانتهى العام بمحاولات متكررة للانقضاض على الثورة ومحاولة هدم الدولة وزعزعة الأمن وكسر القوات المسلحة التى انحازت للشعب منذ الوهلة الاولى وتحملت الكثير من أجل نجاح الثورة. وما بين البداية والنهاية سلسلة طويلة من الأحداث التى لم يعتد المصريون عليها، ولم يدر بخلد أحدهم مهما بلغت خصوبة خياله أن يتصور أن يحملها عام واحد، لقد كان عاما متمردا على جميع قواعد اللعبة، تصدر مشهده السياسي لقطة استثنائية هي تنحي مبارك تحت ضغط شعبى عارم، ومثل هو وأبناؤه ووزير داخليته ومساعديه وراء القضبان فى قفص الاتهام فى محاكمة وصفت بأنها "محاكمة القرن"، وهو ما لم يحدث فى مصر أو أى دولة عربية من قبل فى العصر الحديث. ربما تكون حادثة كنيسة القديسين بالاسكندرية، التى استقبلت بها مصر الساعات الأولى من عام 2011 قد ألهبته فبات حافلا بزخم هائل من الاحداث والمتغيرات، وبارتفاع حرارته تمدد ليستوعب متناقضات لم يحدث لها مثيل من قبل، وسمحت تلك الأحداث بعودة أرواح ضحايا الظلم والفساد ورفقائهم لينتقموا. بدأت منظومة الثورة من جميع الميادين العامة من الاسكندرية إلى أسوان وبمشاركة قوية من الشباب، وكانت ساعة الصفر هو يوم الاحتفال بعيد الشرطة فى 25 يناير، وتعاظمت المشاركة الشعبية فيها بسبب الممارسات الخاطئة لقوات الأمن واستخدامها أساليب مستفزة فى تفريق المتظاهرين بالاضافة إلى اليأس من إصلاح نظام فاسد أو بعث الروح فى مؤسساته التى انهارت قوائمها بفعل النهب والسرقة والنفاق والاهمال، وأدى بطء الاستجابة السياسية للمطالب إلى إطلاق شرارة الغضب الشعبى فى مصر. ودفعت الشرطة ثمنا باهظا لممارسات كانت غير آدمية منهم ومن رؤسائهم وتحطمت رموز لطالما قوبلت بالمديح والثناء، حيث كانت تعمل فى مصر قبل ثورة 25 يناير فى إطار استبدادى وساهمت ممارستها القمعية والفاسدة على مدى سنوات كثيرة فى انهيار ثقة الناس فى الحكومة وفى تعبئة طاقة الغضب لدى حشود كثيرة من الجماهير اندفعت بقوة فى مواجهات دامية منذ قيام الثورة وما بعدها. وحدث الانفلات الامنى بعدما دعى الجيش للنزول إلى الشوارع والميادين لمساعدة قوات الامن وبدلا من تخويف المتظاهرين بالجيش ودفعه إلى ما أسماه الرئيس السابق الحفاظ على الشرعية انحاز الجيش إلى الشعب والثورة وظهر شعار"الجيش والشعب إيد واحدة" وفشل مشروع التوريث، وأعلن مبارك تخليه عن موقعه الرئاسى، وتم تكليف المجلس الاعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد. وقدم المصريون خلال الثورة نموذجا رائعا لفت أنظار العالم، وأعادت الثورة الأمل فى التغيير والقدرة على الاصلاح، وكانت تحركا شعبيا جماعيا تكاملت أسبابه واتحدت أهدافه، فقال الرئيس الامريكى أوباما "يجب أن نربى أبناءنا ليصبحوا كشباب مصر"، وعلق ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا قائلا "علينا أن نفكر جيدا فى تدريس الثورة المصرية فى المدارس"، أما سلفيو بيرلسكونى رئيس وزراء ايطاليا السابق فقال "لا جديد فى مصر.. فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة"، وعبر ستولتنبرج رئيس وزراء النرويج عن سعادته بنجاح الثورة قائلا " اليوم كلنا مصريون"، ووصف هانز فيشر رئيس النمسا الشعب المصرى بأنه أعظم شعوب الارض ويستحق جائزة نوبل للسلام. ومن الوهلة الاولى لاندلاع الثورة كان هناك فى الظل من يحرك الاحداث من وراء الستار فكانت موقعة الجمل فى 2 فبراير حيث تم التخطيط لافساد الثورة فحارب الموالون للحزب الوطني المنحل الفيس بوك والتويتر بالجمال والبغال والخيول فى معركة تشبه معارك العصور الوسطى وانقضوا على المتظاهرين في ميدان التحرير لإرغامهم على إخلاء الميدان الذى يعتصمون فيه، ليقع قتلى وجرحى وتفشل المحاولة. ووقعت أحداث مسرح البالون فى 28 يونيو حيث نظم أهالى الشهداء وقفة اعتراضا على إقامة حفل لتكريم بعض الشهداء بالمسرح قبل محاكمة المتهمين بقتل الثوار. وفى اغسطس بدأت محاكمة مبارك ونجليه والعادلى واشتبك المحامون المدعون بالحق المدنى بالايدى مع الجماهير فى حلبة اكاديمية الشرطة التى تحولت الى حلبة مصارعه لمؤيدى ومعارضى المخلوع، وتوالى عقد الجلسات بدون بث تليفزيونى . ووصف يوم 21 سبتمبر الى يوم الغضب الثانى حيث تحول ميدان التحرير الى ساحة حرب بين الامن المركزى وملايين السلميين الذين يرفعون الاعلام مطالبين بالحقوق العادلة وبدأت مواجهات دامية وضرب بالعصى والهروات واستخدمت قنابل فاسدة مسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين مع الاشتباك الدامة والضرب للعزل . وبدأت خطة جهنمية لاحداث فتنة طائفية فوقعت مذبحة ماسبيرو يوم 9 أكتوبر أو أحداث الأحد الدامى وانطلقت تظاهرة من شبرا باتجاه مبنى الإذاعة والتلفزيون "ماسبيرو" ضمن فعاليات يوم الغضب القبطي، ردا على قيام سكان من قرية المريناب بمحافظة أسوان بهدم كنيسة قالوا أنها غير مرخصة، وتصريحات لمحافظ أسوان اعتبرت مسيئة بحق الأقباط، وتحولت إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزي، وأفضت إلى مقتل نحو 24 شخصا أغلبهم من الأقباط. وفى نوفمبر وقعت ما أطلق عليه الثورة المصرية الثانية "أحداث شارع محمد محمود" هي اشتباكات و مظاهرات وقعت في ميدان التحرير ومحيطه و شارع محمد محمود في قلب القاهرة بدءا من يوم السبت 19 نوفمبر حتى الجمعة 25 نوفمبر وأدت الأحداث إلى مصرع 42 متظاهرا بالإضافة إلى آلاف المصابين، وكان هناك نسبة كبيرة جدا من المصابين في العيون كما نشرت مقاطع فيديو تشير إلى ضرب مقصود من قوات الداخلية على ضرب العيون، واعقبها أحداث واشتباكات مجلس الوزراء التى حدثت فى 16 ديسمبر بين قوات الشرطة العسكرية والمعتصمين أمام مبنى مجلس الوزراء. ومع استمرار الاحتجاجات فى مصر، أعرب رئيس الوزراء الاسرائيلى عن امله بأن لا تترك هذه الاحتجاجات اثرا سلبيا على معاهدة السلام بين مصر واسرائيل، ورغم ان الاحداث بعد ثورة يناير كشفت صعوبة وصول مظاهرات المصريين الرافضة لاسرائيل لمقر السفارة الاسرائيلية بالجيزة، إلا أنه فيما يشبه الحرب الشعبية الصغيرة، أحرق العلم الاسرائيلى الذي يعلو مقر السفارة ورفع بدلا منه العلم المصرى، بعدما ظن الاسرائيليون انهم بمأمن عن غضب المصريين ضد مماراستهم الدموية والعدوانية احتجاجا على شهداء الشرطة الابرار على الحدود فى سيناء .