"النظافة سلوك حضارى" عبارة دائما ما تكتب على جدران المدارس وهدفها أن نتبع ذلك السلوك، ولكنها لا تمثل أى شىء سوى كونها تكتب مع بداية بناء مدرسة جديدة فى مكان ما، وكأنه أصبح جزءا من الإرشادات المكتوبة خلف الكتاب الدراسى ولم ينظر لها الطالب ولا يبالى بوجودها، علاوة على العديد من الشعارات الأخرى والتي تظل دائما مجرد كلمات ملونة على الحوائط، حيث إن الصورة الحقيقة هى ما نراه كل يوم أثناء أصطحاب الأمهات لأطفالهن للوصول لمدارسهم المحاطة بحالة من الإهمال وتجمع أكوام القمامة حولها وكأنها زهور تنشر رحيقها على الطلاب. ومن هنا رصدت عدسة "بوابة الوفد" عددا من مدارس منطقتي الطالبية والعمرانية بمحافظة الجيزة للاطلاع على حالة الإهمال التى تحيط بالمدارس من الخارج. مدرستا الفريق عزيز المصري والسيدة عائشة وفي أحد الشوارع الجانبية لشارع الهرم تقع مدرسة الفريق عزيز المصري، والتى تطل واجهتها على الشارع الرئيسي، ورغم ذلك لم يغير من المظهر شيئاً، فالقمامة والحشرات تجمعت فوقها بداية من أول الرصيف لأخره والأطفال يمرون عليها وجانبها بصورة طبيعية ويومية. وعلى بعد خطوات توجد مدرسة السيدة عائشة والتي استكملت رصيف القمامة والمخلفات، وجلس أولياء الأمور لإنتظار أطفالهم أمام المدرسة وسط تلك القمامة التى تغطي جانبي الشارع ولا يبالون بها ويتسامرون مع الأخريات ويفتحون فى أحاديث مطولة عن حياتهم وكأنهم يحاولون توصيل رسالة لمن حولهم أنهم جزء من شعب اعتاد الإهمال بكل أشكاله وقد تعبوا من كثرة الشكوى. وفى مشهد آخر تجد رجالا من المفترض أنهم من عمال هيئة النظافة والمسئولين عن إزالة القمامة من أمام تلك المدارس، ولكنه يفرغ الأكياس من القمامة لتترك كوما منها أمام حائط المدرسة بدلا عن إتمام مهام وظيفته بإزالتها ، فهكذا يفعل عامل النظافة دون ان يحدثه ضميره او ينظر ولو لبضعة دقائق للشعار المكتوب أعلى الحائط "النظافة سلوك حضارى- مدرستى نظيفة جميلة متطورة" فما بالك بما يفعله المواطن. مدرسة مصطفى كامل سوق للخضار وباعة هنا وهناك والجميع يتعالى صوته لتسويق بضائعهم من خضار وجبن وفاكهة، وخلفهم سور كبير لمدرسة مصطفى كامل الكائنة بشارع مستشفى الصدر في العمرانية. ويعتبر شارع مستشفى الصدر معروف بازدحامه وتكدسه بالباعة فهو سوق للخضار كبير وفي نفس الوقت به مجمع مدارس كبير يضم الآلاف من الطلبة والطالبات الباحثين عن العلم ويدرسون وسط بيئة غير مهيئة لذلك فيخرج الطلاب من المدرسة وسط السوق والقمامة والحشرات. مدرسة الشهيد أحمد جمال الفقى بالتجول داخل إحدى المناطق العشوائية للبحث عن المدارس وما يلاحقها من إهمال بالنظافة العامة وغيرها، وجدنا أنفسنا داخل شارع أشبه بسوق للخضار ولا يمكن أن نطلق عليه أنه منطقة مجمع المدارس التى توجهنا لها للتطلع على مجريات الأمر بها. فالشارع يقع على جانبيه باعة جائلون من كل شكل ولون، فكيف للأطفال أن يستيقظوا كل صباح ذهاباً وإياباً من ذلك الشارع المليء بروائح كريهة ولكنها متعددة . فتبدأ الحكاية من سور المدرسة في أول الشارع فتجد بائع السمك التى اتخذ منه مجلسا له لتوافد الزبائن عليه وبجواره تجد قمامة متراكمة من تنظيف الأسماك والتى تتصاعد منها روائح وذباب على الأطفال فى المبانى العالية المصاحبة للسور داخل المدرسة، ليجلسوا داخل فصولهم معرضين لتلك الروائح طوال مدة ساعات اليوم الدراسى، والتى تتعدى ال5 ساعات المتواصلة بداية من 8 صباحا وحتى 1 ظهرا. أما عن مخلفات الخضراوات فكانت تحتل جزءا من سور المدرسة، حيث تفترش سيدة الشارع ب"الكرنب" أما الباب الرئيسى للمدرسة والذى تم فتحه لدخول الطلاب وخروجهم من خلاله ولكن الباعة تجلس امامه فى الفترة الصباحية، وحين مغادراتها تخلف وراها القمامة الخاصة بها دون أى مسئولية لتلك الحالة المزرية. نهاية السور يستقر عليه بائع بعربة الفول ليتخذ منه مكانا لكسب عيشه، وتاركاً المخلفات وراءه، ولكنه لا يبالي بها كما يبالي بحرصه على لقمة عيشه . لا يأبه هؤلاء البائعين بحياة الطلاب في المدارس فكل منهم يبحث عن لقمة عيشة دون الوعى الكامل المتطلب منهم لحياة نظيفة تساعد أطفالهم على التعليم السليم ببيئة نظيفة وسلوك حضارى. شاهد الفيديو...