وزير الدفاع: القوات المسلحة قادرة على مجابهة أي تحديات تفرض عليها    وزير الري يلتقي مدير عام اليونسكو على هامش فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه    السيد الغيطاني قارئا.. نقل شعائر صلاة الجمعة المقبلة من ميت سلسيل بالدقهلية    اتفاق بين مصر وألمانيا لتمويل البرنامج الوطني للمخلفات الصلبة ب80 مليون يورو    موعد ورابط الاستعلام عن نتيجة الصف السادس الابتدائي بالقاهرة والجيزة    ارتفاع مفاجئ في أسعار الدولار اليوم الخميس 23-5-2024 بالبنوك    الوادي الجديد تعلن خرائط وأسعار التصالح في مخالفات البناء    استمرار توافد المواطنين على المراكز التكنولوجية بالشرقية لاستخراج شهادات البيانات والتصالح    توقيع عقد إدارة وتشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة الكبرى    البحيرة: توريد 211 ألف طن قمح للشون والصوامع حتى الآن    القاهرة الإخبارية: محافظات قطاع غزة لها نصيب من العدوان الإسرائيلي والمجازر    استطلاع: 70% من الإسرائيليين يؤيدون انتخابات برلمانية مبكرة    هيئة البث الإسرائيلي: وزراء حكومة الحرب سيدعمون مقترحا جديدا لإطلاق سراح الرهائن    نعش الرئيس الإيرانى يصل مدينة مشهد مسقط رأسه تمهيدا لدفنه    غدًا.. "العدل الدولية" تصدر حكمها بشأن قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل    إطلاق 30 صاروخا من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى    تعرف على خليفة أليجري في تدريب يوفنتوس    حسن مصطفى: الفوارق واضحة بين الأهلي والترجي التونسي    تريزيجيه: أنشيلوتي خطط للتعاقد معي.. وهذا موقفي من اللعب ل الزمالك    عضو مجلس الزمالك: نعمل على حل أزمة بوطيب قبل انتقالات الصيف    في الجول يكشف تفاصيل إصابة عبد المنعم وهاني بتدريبات الأهلي قبل مواجهة الترجي    "بسبب مغادرة 5 محترفين".. خطاب عاجل من الزمالك لاتحاد الكرة لتأجيل هذه مباراة    سيارة نقل ثقيل تدهس طبيبين بالنزهة    إصابة شخصين في انقلاب سيارة نقل بالفيوم    التصريح بدفن 3 جثث جديدة من ضحايا معدية أبو غالب    تموين المنيا يضبط 110 مخالفات متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    براءة السكرتيرة المتهمة في قضية طبيب الإجهاض بالجيزة    الكل مضروب.. حوادث الامتحانات فى المحافظات لا تفرق بين طالب ومدرس    تعرض طالبة الإغماء خلال إمتحانات الإعدادية بالفيوم    تعرف على إيرادات فيلم "بنقدر ظروفك" في أول أيام عرضه    مسلسل البيت بيتي 2.. هل تشير نهاية الحلقات لتحضير جزء ثالث؟    "مظهر غير لائق".. يدخل أحمد الفيشاوي تريند "إكس"    تعرف على إيرادات فيلم "عالماشي" بعد 6 أسابيع من طرحه بالسينمات    مسلسل دواعي السفر يتصدر قائمة الأعلى مشاهدة على منصة WATCH IT    رجل متزوج يحب سيدة آخري متزوجة.. وأمين الفتوى ينصح    وفد المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض يجري زيارة ميدانية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين يجنوب سيناء طبقا للمعايير القومية المعترف بها دوليا    بالصور- وكيل صحة كفر الشيخ يفتتح عيادة علاج طبيعي لمرضى الكلى وشلل الأطفال    محمود محيي الدين: تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي أكثر من 3.4%    أخبار الأهلي: حقيقة مفاوضات الأهلي مع حارس مرمي جديد    تشابي ألونسو: لم نكن في يومنا ولدينا فرصة للفوز بكأس ألمانيا    ل برج الجوزاء والميزان والدلو.. مفارقة كوكبية تؤثر على حظ الأبراج الهوائية في هذا التوقيت    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    فضل الأعمال التي تعادل ثواب الحج والعمرة في الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-5-2024    الجريدة الرسمية تنشر قرارين جمهوريين للرئيس السيسي (تفاصيل)    موسم الحج.. إجراءات عاجلة من السعودية بشأن تأشيرات الزيارة بداية من اليوم    نوادي المسرح معمل التأسيس، في العدد الجديد من «مسرحنا»    "علق نفسه في سقف الأوضة".. نزيل بفندق شعبي ينهي حياته في الأقصر    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    عماد الدين حسين: تقرير «CNN» تعمد الإساءة والتضليل حول موقف مصر من المفاوضات    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احذروا خروح الأحياء من القبور !
نشر في الوفد يوم 27 - 01 - 2011

بقدر ما أوتيت من حب لبلدى التى لا أتمنى يوما أن أراها نارا ودمارا، ولا أرى دماء شعبها مسالا على الأرض، أو كرامته مهانة على أيدى رجال الأمن بموجب الاوامر العليا ، بقدر أملى وطموحى فى التغيير السلمى للنظام كأى دولة متحضرة أو حتى تحاول الإمساك بتلابيب الديمقراطية، بقدر هذا كله حاولت أن أكون موضوعية فى مقالى السابق، وأنا اطالب بتحرك سياسى مدروس ومنظم ، تحرك من الاحزاب السياسية معا ، وورقة سياسية تحملها الاحزاب تضم مطالب الشعب بالتغيير، حاولت أن أكون موضوعية ، وانا استقرئ مسبقا النتائج المحبطة لغضبة 25 يناير، ليس لأننى انهزاميه كما علق أحدهم ، بل لأننى ما زلت أطمح فى التغيير السلمى، ولان المعطيات التى سبقت ثورة الغضب كانت تنبئ بأن الحكومة ستستميت لإجهاضها أمنيا ، وذلك للاسباب الآتية :
إعلان موعد الغضب أ و المظاهرات كان مسجلا ومعلنا ومرصودا من قبل السلطات الأمنية، واستعدت له استعدادا رهيبا ، حتى أن عدد رجال الأمن فى الشوارع كان يوازى تقريبا المتظاهرين .
غياب عنصر المفاجأة الذى شل السلطة والأمن فى تونس أوقفهم عاجزين أمام ثورة الجياع، انعدم وجودها فى مصر، فلا مفاجأة ولا صدمة، بل كان الأمن مستعدا تماما لامتصاص الصدمة واحتواء الغضبة بالحديد والنار، بل وبالمدرعات .
تأكد النظام الحاكم أن من سيخرجون فى المظاهرات هم من الشباب المثقف أو المتعلم أو حتى نصف المتعلم ، هولاء الذين يتعاطون الانترت ويتعاملون مع مواقع التواصل الاجتماعى كالفيس بوك وغيرها، وهم بالطبع ليسوا بالملايين، وبالتالى تأكد النظام أن من سيخرجون، سيخرجون فى مظاهرات سلمية لشباب متعلم، مع فئات شعبية أخرى، أما الفئات البسيطة جدا والفقيرة جدا، فلم تسمع بنداء الغضبة إلا فى يوم المظاهرات نفسها ، وبالتالى، لم يخرج الجياع من مخابئهم فى عشش الإيواء وبيوت الصفيح، ولم يخرج الأحياء من سكان القبور، لأنهم لو خرجوا لكان لوقفة الغضب شأن آخر من الفوضى والتخريب والإحراق والنهب والسلب، النظام يعرف ذلك تماما .
لهذا كنت أتخوف مسبقا على إخوتى وأبناء بلدى من الخروج حاملين أرواحهم وقلوبهم الهادرة بالغضب على أيديهم، عزلا لا يملكون إلا أصواتهم فى مواجهة قوات مدججة بالاسلحة الحية والوسائط القمعية من عصى كهربائية وخراطيم مياه وقنابل مسيلة للدموع .
وما توقعته حدث تماما، وحتى لا يغضب منى من اتهمونى بالانهزامية، فقد أثبتت نتائج الغضبة، أن الاستعداد الأمنى تعامل بالحديد والنار مع المتظاهرين، وها هو يطاردهم هنا وهناك، يضرب ويعتقل ويقتل، لكن الأمن والنظام لم يقدرا خطورة استمرارية المظاهرات، وتمسك الشعب بمطالبه، فالاستمرارية هى التى تخيف النظام الآن .
ولكن أىاً كان رأيى الشخصى، فإن الشعب قال كلمته، وأظهر غضبته ورفضه لهذا النظام ، وينتظر الآن سماع كلمة الحكومة، و الذى أفقدنى المنطق والعقلانية التى تحدثت بها فى مقالى السابق، أن الحكومة لم تقل شيئا، لم تخرج عن صمتها الرهيب حتى ولو بتصريح من تصريحاتها السابقة العنترية، تلك التى كانت تخدرنا بها من قبل، لم يخرج بيان رئاسى واحد ، ولا تصريح وزارى واحد تعقيبا على غضب الشعب ليمنحه الامل، او حتى ليقول له إنه فهم الشعب مثلما قالها زين العابدين قبل أن يرحل بساعات مدحورا مصحوبا بكراهية الشعب، باستثناء ما قالة الحزب الوطنى على موقعه الهزيل بأنه تفهم مطالب الشعب .
لم تقل الحكومة شيئا سوى بيان واحد خرج به وزير الداخلية حبيب العادلى، بتهديد الشعب بالضرب بيد من حديد على يد المتظاهرين ومنع التجمهر، واخيرا وليس آخر منع صلاة الجمعة فى المساجد الكبرى، هل هذا كل شئ يا حكومتنا الغراء، هل هذا ما تملكينه من قرارات للاستجابة لمطالب الشعب .
هل كل ما تنامى الى فهمك من ثورة الغضب، هو كيفية التعامل مع هذه الثورة بالحديد والنار وكل الوسائل القمعية، هل هذا كل ما لديك للشعب الغاضب النازف الما ودما، الشعب الذى خرج أعزل جائعا فى الصقيع ليطالب بحياة آدمية، حياة غير حياة الذل والمهانة، حياة بها رغيف خبر نظيف بحجم يشبع، ومياة بلا مجارى، ووسيلة نقل بلا اهدار للاهمية، وشوارع بلا قاذورات، ومساكن بعيدة عن القبورالتى بات يقطنها آلاف من شعب مصر .
والامر الثانى الذى أفقدنى منطق الحكمة والعقل، الاسلوب القمعى العنيف الذى تعامل به الامن مع الشعب الأعزل، أن حق التظاهر السلمى حق مشروع تكفله كل مواثيق حقوق الانسان ويكفله الدستور، فهل الأمن الذى أطلق النيران وضرب وسحل وسب وأهان أمن مش من بلدنا، أمن لا يشعر بالكارثة التى يعيشها الشعب على مدى أعوام طويلة من الفقر والمهانة، أمن لا يعانى هو نفسه وأفراده من الاحتياج وتدنى الأجو، أمن يمد فيه بعض رجال الشرطة والمرور أيديهم للمواطنين، للحصول على جنيهات المحبة أو الاكرامية المشفوعة بكلمة " كل سنه وانت طيب "، وإن كان الأمن يعتقد أنه يستمد قوته من النظام، فمن اين سيستمد قوته إذا ما انهار النظام هذا النظام، وكيف ستكون المواجهة الشعبية معه .
هل بيان حبيب العادلى هو رد الحكومة على الشعب الثائر الذى أشعل فى بدنه النار، إن صمت الحكومة أفقدنى منطق العقل والحكمة، وبت أصدق أن الحكومة تريدها نارا ودمارا وخرابا، فماذا ينتظر النظام وبطانته، ثورة اخرى فجائية، ثورة هادرة مدمرة ، ثورة يخرج فيها سكان العشش، والاحياء من سكان القبور، ثورة يحترق فيها الأخضر واليابس، ثورة لا يكون الأمن مستعدا لها بالسلاح وسيارات الأمن المركزى، والمعتقلات، ثورة تطول رجال الأمن أنفسهم .
ان النتائج اللامنطقية التى تحاول الحكومة وضعها الآن أمام غضبة الشعب، بإخراج لسانها لهم، إنما تزيد الامر سوءا، وتشعل مزيدا من نيران الغضب، وتجعل الشعب يفقد الامل، وويل للنظام لو فقد الشعب الأمل فى التغيير السلمى، هذه المرة خرج الشعب اعزل بصوته ورفضه، فما هى الضمانات لان يخرج الشعب هكذا المرة القادمة.
إذا تصورت الحكومة أنها ترسم سيناريو للحفاظ على كرامتها أمام إرادة الشعب برفض التغييرالآن فهى خاطئة، واذا كانت ترجئ أى قرارات لصالح الشعب حتى تصدرها فى الوقت الذى يتراءى لها، وحتى لا تبدو بمظهر المستجيب الذى خضع لضغوط الشعب فهى خاطئة، فلا ضمانات لأن تكون الغضبة المرة القادمة أنكى وأشرس، فقد اكتسب الشعب جرأة التظاهر الجماعى بشكل غير مسبوق، واكتسب جرأة التصدى لرجال الأمن، والوقوف امام سيارات الشرطة الضخمة وسيارات الاطفاء بخراطيمها غير عابئين بحياتهم، واكتسبوا جرأة تلقى طلقات الرصاص المطاطى وغير المطاطى فى أجسادهم، فماذ بقى بعد ذلك .
احذروا، لم يخرج الشعب ليلهو ويلعب كما تتصورون ، فمصر ليس حديقة هايدبارك البريطانية، التى يترك فيها المرء يصرخ ويعارض دون ان يسمعه احد ليفرغ غضبة صدره ، مصر ليس حديقة هايجد بارك ، مصر شعب وامه، تاريخ وحضارة، إرادة شعب غير مصائره على مر العصور، وتصدى بسواعده لجبابرة الاستعمار .
اذا استمر صمت الحكومة، واكتفت بأوامرها للأمن لمطاردة المتظاهرين فى حرب الشوارع ، فإن الحكومة بذلك تريدها نارا، وتريد لبقعة الزيت أن تزداد اتساعا، وإذا ما اتسعت واشتعلت بها النيران، لن يطوقها احد ، ولن يردعها أحد ، أنقذوا أنفسكم وانقذوا مصر من خطر قادم لا محالة ، خطر الشعب الغاضب، خطر خروج الاحياء من القبور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.