قال البروفيسور الإسرائيلي إيال زيسر، المختص بالشئون العربية، إنه يتحتم على الدولة العبرية أن تدرك أن الجيش المصري وقادته أضعف من أن تحدد مستقبل مصر لأن الشارع وقادته سيصوغونه، وأضاف أنه في جهد لتسكين النفوس الهائجة في مصر خطب الجنرال الطنطاوي خطبة مصالحة أساسها دعوة المتظاهرين بل استعطافهم ليعودوا إلى بيوتهم. وبرأيه – كما ذكرت وكالة سما الفلسطينية - فقد كان هذا الخطاب بقدر كبير استجداءً وخضوعا للجماهير في الشوارع؛ وهي خطبة تدل على أن الجيش لا ينوي الوقوف في طريق هؤلاء، لا الآن ولا في المستقبل أيضا، وتابع زيسر: كان في إسرائيل من أملوا في بداية السنة أن تنتهي الثورة في مصر إلى طرد الرئيس مبارك وأن يتولى الجيش زمام مؤسسات الحكم ويضمن استمرار استقرار الدولة ولا سيما بقاء اتفاق السلام مع إسرائيل. لكن تبين منذ اللحظة الأولى أنه برغم أن الجيش المصري له تصور واضح عن مستقبل الدولة فإن قادته وعلى رأسهم الطنطاوي لا ينوون أن يحاربوا ولا أن يقتلوا ويُقتلوا بيقين من أجل تصورهم واعتقادهم. وساق قائلاً إنّ الطنطاوي، وهو مُشير طاعن في السن في السادسة والسبعين رعاه الرئيس المخلوع سنين طويلة، يتم تصويره بأنه معني أكثر من كل شيء بأن يجتاز العاصفة الهوجاء في مصر في السنة الأخيرة وأنْ يعود إلى بيته بسلام، إنّ الطنطاوي عالم بأهمية الدور الذي تولاه وهو أن ينقل مصر بسلام في الفترة الانتقالية بين استبداد مبارك ونظام حكم ينشأ في الدولة بعد الانتخابات، على حد تعبيره. وزاد زيسر قائلاً إنه تبين أنه لا يطمح في سنه الكبيرة، وهو غير قادر أيضًا على حكم مصر ونقلها إلى الأمام، مشيرًا إلى أنّ ضباط الجيش الذين يحجمون عن مواجهة الغوغاء في الشوارع، استوعبوا تردد الطنطاوي وحذره، لكن القوى السياسية التي تعمل في مصر أدركت تردد الطنطاوي، ولا سيما الجموع في الميادين وهؤلاء يحرضون على الجيش بصورة ما كان يمكن أن تخطر في البال في الماضي. وبرأيه فإن خطًا مستقيمًا يصل بين أحداث السفارة الإسرائيلية قبل بضعة أشهر والأحداث الأخيرة، ففيهما معًا احتفظ الجمهور بالكلمة الأخيرة والويل لمن يحاول أن يقف في طريقه. ورأى البروفيسور الإسرائيلي أيضًا أن الجيش والمقربين منه أطلقوا بالون تجربة على صورة وثيقة مبادئ ترمي إلى أن تضمن للجنرالات منزلة رفيعة في مصر المستقبل أيضًا، لكن رد الجمهور كان واضحا حازما، الأمر الذي دفع الجيش إلى التراجع عن موقفه، وبالتالي، أضاف، يجب على الدولة العبرية أن تستوعب أن الجيش المصري، كما أخذ يتضح، ليس عاملاً ذا وزن وقوة في مصر، وأن الشارع وقادته هم الذين سيعطون الدولة صبغتها في المستقبل، على حد تعبيره.