إذا رأيت إنساناً عاجزاً عن الكلام..إعلم أنه لا يريد التعبير عن أوجاع ما بداخله، لأنه يكون شيئًا عجز الكلام عن وصفه، حالة من العزلة والاكتفاء الذاتي، بعيدًا عن قسوة الواقع المليئ بالضوضاء، هناك في وسط النيل، علي إحدي المراكب، تجده منهمكًا في عالمه الخاص. عاش طفولة مريرة ما بين عنف أصدقائه ومدرسيه، يداه مغلولة مطاردًا من الفقر والمجتمع الذى لفظه ورفض وجوده، هموم وأعباء ألقيت على الطفل الصغير وفرض عليه تحمل المسئولية فى وقت مبكر هو باختصار «محمد السيد» المقيم مع أحد أقاربه على مركب بوسط النيل. يجدف بقاربه يوميًا من دلوك الشمس إلي غسق الليل، ليحصل علي قوت يومه، يبلغ من العمر 18 عامًا، عندما تراه تحسبه طفلًا لقصر قامته، لكن بمجرد أن تحاكيه تتأكد أنه شابُ، ربما كان الفقر سببًا في ضعف بنيته. يرتدى ثياب رثة، ذو بشرة سمراء وملامح قاسية، يتحدث عن همومه وكأنه رجل عجوز جار عليه الزمن، لا يغادر المركب بعد أن ترك منزل والده بحثًا عن العمل بعدما قرر ترك المدرسة بسبب فقره وقلة حيلته، ويقول "المدرسون كانوا بيضربوني وبيبهدلوني فسبت لهم المدرسة ومشيت أبهدل نفسي ليه". لسنا جميعًا بنفس القدر علي تحمل أعباء الحياة وقسوتها فهناك من هم يفضلون العيش بسلام تزعجعهم الفوضي والصفات الدنيئة التي لايخلو منها أي مجتمع، وبعد عدة صدمات متتالية تجدهم يبعدون كل البعد عن الاختلاط بمن حولهم هكذا فعل محمد فيستطرد، "حياتى كلها قي البحر لا بقابل ولا بكلم حد ولا عايز أكلم حد الناس اللى بره وحشة وأنا مش عايز تعب دماغ". وتابع محمد حديثه:" أنا مش عايز أفضل اشتغل في البحر إن شاء الله هسيبه وهلاقى شغل تانى مش عارف إيه هو بس هدور قبل ما أتجوز عشان مش عايز أبهدل اللى هتجوزها معايا". وفى نهاية حديثه تمنى محمد:"نفسى البلد تبقى مستقرة ونلاقي فرص شغل كويسة وعايزين نحس بالأمان". شاهد الفيديو..