أخلص أمير الغناء العربى «هانى شاكر» طوال مشواره لفنه، واحترم جمهوره، لذا يمتلك رصيداً كبيراً فى قلب الجمهور العربى من المحيط إلى الخليج. لم يقدم تنازلات ولم يتم ضبطه متلبساً بالسير عكس الاتجاه. ولأنه يمتلك ذكاء الاختيار، والقدرة على التجديد، استطاع أن يحتفظ ببريقه وحضوره كنجم حتى هذه اللحظة، فقد ظهر الفنان الكبير هانى شاكر وسط عمالقة الغناء، مثل وردة، وعبدالحليم، ومحرم فؤاد، واستطاع بموهبته الفنية أن يحجز لنفسه مكاناً وسط الكبار، وبمرور الأيام صار اسمه كبيراً فى دنيا الطرب، ومنحه الجمهور لقب «أمير الغناء العربى».. فى الفترة الأخيرة، فاز هانى شاكر بمنصب نقيب الموسيقيين، هذا المنصب الذى يرى البعض أنه التهم رصيداً كبيراً من وقت الفنان بداخله.. كان آخر البوم قدمه هو «اسم على ورق»، وبالرغم من سخاء التجربة الغنائية، فإنَّ الألبوم لم ينتشر ويترك بصمة تتناسب مع حجم وقدر فنان من العيار الثقيل. التقينا الفنان هانى شاكر، ودار حوار طويل حول إنجازاته فى موقع نقيب الموسيقيين، وعلاقته بشركة روتانا، وأسباب التقصير فى الدعاية لألبومه الأخير «اسم على ورق» وإلى نص الحوار.. هل يشعر الفنان هانى شاكر بالرضا عن أدائه نقيباً للموسيقيين؟ - الحمد لله أشعر بكل الرضا.. عندما تقدمت لهذا المنصب كنت أدرك وأعلم جيد، أن دور النقيب هو خدمة الأعضاء ومساعدتهم على حل أى مشكلة تعرقل طريقهم، ولا أبالغ إذا قلت إننى كنت أعتقد أنها مهمة سهلة، ولكن بعد تجربة اكتشفت أنها مسئولية ومهمة كبيرة تحتاج إلى مجهود وتعب، لكن مهما كان حجم التعب والجهود كل هذا ينتهى ويزول أمام الإحساس بسعادة الأعضاء لحظة حل مشكلة أو اكتساب ميزة جديدة. وما أبرز إنجازاتك فى موقع النقيب؟ - عندما توليت المنصب كانت النقابة تعانى ارتباكاً شديداً، لذا أخذت وقتاً طويلاً من أجل ترتيب الأوراق، وتصحيح العديد من الأوضاع الخاطئة، بعد ذلك نجحنا فى رفع معاش الأعضاء مرتين، وارتفعت قيمة الوديعة الخاصة بالنقابة إلى 3 ملايين، وقمت بعمل مشروع علاج يشمل العضو العامل والعضو المنتسب، ونجحنا فى استرداد أراضٍ خاصة بنقابة الموسيقيين كان من الممكن أن تضيع لولا البحث عنها. إلى أى مدى أثر موقعك كنقيب على عطاء الفنان بداخلك؟ - دون شك عملى نقيباً للموسيقيين أخذ مساحة كبيرة من إبداعى الفنى، ولكن كما قلت الإحساس بالسعادة بخدمة زملائى يجعلنى فخوراً بهذه المهمة، وأبذل فى المقابل جهداً كبيراً؛ حتى أتواصل مع جمهورى الذى يثق باختياراتى، أنا دائماً حريص على أن أكون عند حسن ظن جمهورى. لماذا تراجع اسمك على ساحة الحفلات الغنائية؟ - اسمى لم يتراجع، بالعكس أتلقى عروض حفلات كثيرة، ولكنى أرفض لأنها تقام فى أماكن لا تليق بما أقدمه من أغانٍ.. أنا أقدم نوعاً خاصاً من الأغانى لا يصلح للشواطئ، أو غيرها من الأماكن المفتوحة.. احترم بكل تأكيد زملائى الذين يغنون فى هذه الأماكن، ولكن نوعية ما أقدمه من أغانٍ تحتاج إلى مسرح وجمهور مختلفين، لذا اعتذر. ما رأيك فى المناخ الغنائى الآن؟ - أنا لست راضياً عن حال الغناء فى هذه الفترة، وأتصور أن أهم عيوب هذه المرحلة هو قلة الحفلات.. أنا ألقى باللوم على الدولة فى هذا الاتجاه، فيجب أن تدعم الدولة الفن بصورة جادة ومباشرة، يجب أن تعود «ليالى التليفزيون» وتعود «أضواء المدينة»، وتتضافر جهود وزارتى السياحة والثقافة من أجل إقامة حفلات غنائية كبيرة وضخمة.. فى الماضى كانت هذه الحفلات تسعد الجمهور العربى كله من المحيط للخيج، وكانت أشبه بمهرجان فنى وإبداعى، وكانت هذه الحفلات، أيضاً، تسهم فى اكتشاف مواهب جديدة، وتمنحها الفرصة، وتضعها على الطريق الصحيح.. الآن الدنيا تغيرت، وأصبحت الحفلات تقام داخل الفنادق الفاخرة فقط، وبالطبع الجمهور العادى لا يستطيع حضور هذه الحفلات؛ لأن قيمة التذكرة عالية جداً، ولا يقدر عليها كل الناس.. الفن ملك للناس كلها، وليس مقصوراً على فئة فقط. تردد أن هناك خلافاً بينك وبين «روتانا» بسبب ألبوم «أغلى بشر»؟ - أنا مندهش جداً من تعامل «روتانا» معى، فقد أهديت الشركة ألبوم «أغلى بشر»، وهو تجربتى الخليجية الأولى، وفوجئت بالشركة تهمل الألبوم، وأقسم بالله لم أحصل على مليم واحد من «روتانا».. كنت أتصور أن تحتفى بالألبوم، وتقوم بالدعاية اللازمة لكنها بكل أسف ظلمتنى، وألقت بالألبوم على الأرض.. لذا أنا غاضب من طريقة التعامل التى لا تليق بتاريخى.. النبى قبل الهدية لكن شركة روتانا رفضتها، وألقت بها على الأرض.. تمنيت الاحتفاء بالألبوم، خاصة أننى بذلت فى تحضيره مجهوداً كبيراً وخرج بصورة جيدة. هل تفكر فى الغناء بالخليجى مرة أخرى؟ - بصراحة شديدة لن أفكر فى الغناء بالخليجى مرة أخرى.. تجربة وعدت كان الهدف من التجربة الأول هو تقديم هدية لأشقائنا فى الخليج، وأنا مقتنع بها ولكن لن أكررها. لماذا لجأ عدد من الفنانين فى الفترة الأخيرة إلى إنتاج أعمالهم على نفقاتهم الشخصية؟ - عندما يقرر الفنان إنتاج ألبومه بنفسه يكون لسببين؛ الأول أنه لم يعثر على المنتج الكريم الذى يتحمس للفن الجيد قبل الربح.. أو ربما أنه يريد أن يقدم أفكاراً معينة لا تستوعبها أو ترحب بها شركات الإنتاج الموجودة على الساحة.. وقد قمت بهذه التجربة، وهى متعبة جداً، خاصة إذا كان الفنان لا يعرف آليات وقواعد الإنتاج وبعيداً عنها تماماً. ألبومك الأخير «اسم على ورق» تجربة غنائية ثرية جداً، ورغم ذلك لم يحقق الانتشار الذى يليق باسمك.. ما السبب؟ - معك حق.. كان الاتفاق مع طارق عبدالله، منتج الألبوم على عمل دعاية بشكل وصورة معينة، ولكنه بكل أسف لم يلتزم بالاتفاق المبرم بيننا، وكان من بين بنود الاتفاق أيضاً تصوير أغنيتين من الألبوم، ومر الوقت ولم يحدث أى شىء. ولماذ لم تحاول التفاهم والحوار معه من أجل الحرص على نجاح الألبوم؟ - تحدثت مع طارق عبدالله كثيراً، وطلبت منه الاهتمام بالدعاية والوفاء بالاتفاق المبرم بيننا، وكان رده عجيباً جداً، وهو أن الألبوم لم يحقق النجاح المادى الكافى.. بصراحة شديدة رده جعلنى أضرب كفاً بكف، وسألت نفسى «هو طارق عبدالله مش خايف على فلوسه» كان يجب أن يهتم بالدعاية والترويج للألبوم، ولكنه لم يفعل ولم يهتم، وهذا أمر محزن جداً. فى حياة كل إنسان لحظات انكسار ولحظة انتصار، أين تكمن هذه اللحظات فى حياتك؟ - عندما أقدم عملاً فنياً ينال إعجاب الجمهور والنقاد، أشعر بالرضا والانتصار، لكن إذا تحدثت عن الحزن، فيجب أن أقف طويلاً أمام رحيل ابنتى «دينا»، كانت مصدر سعادة بالنسبة لى ورحيلها خلق بداخلى حزناً دائماً لا يختفى أبداً.. تقدر تقول أحزانى عايشة معايا.. ولكن أحاول بقدر استطاعتى التغلب على حزنى بالعمل واللعب مع أحفادى، فقد رحلت «دينا» عن الحياة، وتركت لى حفيدين، هما «مجدى ومليكة» ربنا يبارك فيهما أشعر بالسعادة عندما أراهما، وهذا من رحمة ربنا بى. تردد أن هناك غضباً بين الموسيقيين بسبب تطبيق القيمة المضافة ما حقيقة ذلك؟ - بالفعل بكل أسف، الدولة تتعامل مع الفنان، وكأنه فى حالة ربح دائم، وتفرض عليه أعباء كثيرة، وهذا يرهق الفنان، بالمناسبة الفنان إنسان عليه التزامات كثيرة، وفى لحظات كثيرة يمر بظروف صعبة، لذا كنت أتمنى أن تحاول الدولة التخفيف عن الفنان، وأتمنى إعفاءه من القيمة المضافة التى أرى إنها ستكون عبئاً جديداً علينا، وسوف يؤدى ذلك إلى ارتفاع الضرائب بشكل مبالغ فيه. هناك عدد من المبدعين يرون أن النظام الحالى لا يعبأ بأهمية ودور الفن.. ما رأيك؟ - بالعكس النظام الحالى يهتم بالفن، ويرى أنه قوة ناعمة ومؤثرة، ولكن الدولة فى حالة حرب ضد الإرهاب، وهناك من يتربص بمصر فى الداخل والخارج، والنظام لديه معارك كثيرة، لكنى رغم كل ذلك متفائل، وأرى أن القادم أفضل بإذن الله، ولكن يجب علينا أن نعمل ونساند جيشنا العظيم ورئيسنا.. الوطنية تقتضى منا أن نقف جميعاً فى صف واحد ضد أى انسان لا يريد لبلدنا الخير والنهضة. سمعنا أن هانى شاكر يريد العودة للتمثيل؟ - لست غريباً عن التمثيل، فقد سبق أن قدمت أكثر من عمل على شاشة السينما، منها فيلم «هذا أحبه وهذا أريده» وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ولكن انسحبت وركزت فى الغناء، ومن فترة التقيت السيناريست أيمن سلامة، ودار بيننا حوار واتفقت معه على عمل فنى كبير. وما ملامح الشخصية التى سوف تقدمها فى المسلسل؟ - سوف أقدم شخصية رجل أعمال وليس مطرباً، ولكن الحدوتة رومانسية وتعالج العديد من القضايا الاجتماعية التى ظهرت فى المجتمع بعد الثورة. وعلى أى حال الموضوع ما زال فى إطار التحضير، وأتمنى أن يخرج للناس بصورة وشكل جيدين. كيف ترى حال الدراما والسينما الآن؟ - بصراحة شديدة مساحة السيئ أكثر اتساعاً من الجيد، ولكن فى الدراما توجد محاولات لتقديم أعمال جيدة ومحترمة، ولكنى أغضب من الأعمال التى تقدم حواراً جريئاً لا يتناسب مع عادات وتقاليد مجتمعنا.. فى السينما أيضاً سيطرت أفلام العنف، وهذا أيضاً مرفوض.. الأصل فى العمل الفنى هو أن يكون له محتوى جيد، وأن يحمل رسالة إيجابية يستفيد منها المتلقى.