لأنه الحزب الذي يرفع راية الله والوطن ويوحد بين المسلم والمسيحي وينتصر لكرامة الإنسان .. الوفد هو الحل (3) الوفد والوحدة الوطنية تمثل الوحدة الوطنية أحد الأركان الرئيسية الراسخة للوفد، فبعد أن كانت مشاركة الأقباط محدودة في الحركة الوطنية، وصلت اليقمة النضج مع اشتعال ثورة 1919، واستمرت ايجابية فاعلة تحت راية الوفد، قبل أن يدخل الشعب كله، مسلموه ومسيحيوه في نفق السلبية المظلم بعد يوليو 1952. شارك الأقباط في نشاط الوفد الثوري منذ قيامه ولم يكن عددهم الكبير يتوافق مع نسبتهم في تعداد السكان، ذلك أن التشكيلات الوفدية المتعددة لا تعترف إلا بالانتماء المصري الخالص، دون النظر الي خانة الديانة، وإذا كان العرف قد جري بوجود وزير قبطي واحد في الوزارات السابقة لقيادة الوفد، فقد اختار سعد زغلول في وزارته الشعبية الأولي وزيرين من الأقباط، ولم يكن عدد الوزارات يزيد علي العشر عندما سُئل عن السر في زيادة العدد عما كان معهودا، قال إن الإنجليز لم يراعوا نسبة الأقباط الي المسلمين عندما كانوا يطلقون النار علي الثوار، ولم يراعوا النسبة عندما نفوا زعماء الوفد الي سيشل، وكانوا أربعة من المسلمين واثنين من الأقباط، وعندما حكموا علي أعضاء الوفد بالإعدام لم يراعوا النسبة أيضا، فقد كانوا ثلاثة أقباط وأربعة مسلمين. الكلمات السابقة تعود الي تسعين عاما مضت، فأين هذا من حديث السفهاء عن الجزية ومواطني الدرجة الثانية؟! عند الإعداد لدستور 1923، بواسطة لجنة قاطعها الوفد ولم يشارك فيها، تصدي الحزب الشعبي بقوة للأصوات التي طالبت بالتمثيل النسبي للأقليات في البرلمان، وأدلي ويصا واصف بحديث الي جريدة «البورص اجيبشيان» قال فيه إن مصر لا تعرف أكثرية وأقلية، والقول إن الأقباط أقلية حكم عليهم أنهم أجانب. صدر الدستور خاليا من فكرة التمثيل النسبي وجاءت الانتخابات الأولي سنة 1924، التي فاز فيها الوفد بأغلبية ساحقة، ليحصل الأقباط علي 8٪ من مقاعد المجالس، وهي نسبة تفوق ما كان مقررا لهم إذا تم الأخذ بالتمثيل النسبي، وتظهر نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت في ظل دستور 1923، عن ارتباط زيادة عدد النواب الأقباط بفوز الوفد، بينما يتضاءل العدد عندما يتم تزوير الإرادة الشعبية وهو ما كانت تدمنه حكومات الأقلية. الوفد هو الذي اختار مكرم عبيد سكرتيرا عاما للحزب بعد وفاة سعد زغلول، وهومنصب رفيع يجعل من أحد الأقباط للمرة الأولي في التاريخ المصري، زعيما مرموقا يحتل المرتبة الثانية في قلوب الوفديين بعد مصطفي النحاس، وقد استمر الارتباط القبطي بالوفد بعد انشقاق مكرم، فقد كان خروجه من الوفد سياسيا لا طائفيا، وليس أدل علي ذلك من أن الذين خرجوا معه، من نواب الحزب، كانوا ثمانية من المسلمين وسبعة من الأقباط. لقد ظل الوفد وزعماؤه مخلصين لقضية الوحدة الوطنية نظريا وعمليا، معبرين بموقفهم هذا عن الإيمان الذي لا يتزعزع بالقومية المصرية الخالصة، التي لا تشوبها نزعة دينية أو عنصرية. في «أمام العرش» يضع نجيب محفوظ علي لسان الزعيم سعد زغلول عبارة دالة، مفادها أنه أقام زعامة علي أساس متين من الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، أما رياض قلدس في «السكرية» فيعبر عن جوهر العقيدة الوفدية في قوله لصديقه كمال عبدالجواد: إن الأقباط جميعا وفديون، ذلك أن الوفد حزب القومية الخالصة، ليس حزبا دينيا تركيا كالحزب الوطني، ولكنه حزب القومية التي تجعل من مصر وطنا حرا للمصريين علي اختلاف عناصرهم وأديانهم، ويضيف أن النحاس مسلم ديّن، لكنه قومي بكل معني الكلمة أيضا، فلا نشعر حياله إلا بأننا مصريون.. لا مسلم ولا قبطي. الاضطهاد يحول الدين الي قومية وينشر التطرف والتعصب، وهذا ما عانته مصر في السنوات الستين السابقة، أما الديمقراطية التي يمثلها الوفد ويرفع راياتها، فتجعل الدين دينا والوطن وطنا بلا تعارض بينهما. «وللحديث بقية». مصطفي بيومي