فى قرية مركز السنطة حدث ما لم يكن يتوقعه أكثر المتشائمين، فقد استيقظت القرية الهادئة على نبأ اختفاء عروس من محل الكوافير ليلة زفافها، بعد ان اصطحبتها بنات عمها لتتزين لعريسها الذى اختارها من بين بنات القرية، شاهدها، فأعجبته وأدهشه حسنها، دخل البيت من بابه وبرفقته أسرته، طلب الحلال، وافقت الأسرة بترحاب ثم احتفل الجميع بالخطوبة السعيدة وسط زغاريد بنات العائلتين وصديقات الريفية الحسناء، وبدأ، الاستعداد للزواج. الشاب كاد يطير من الفرحة طيلة فترة الخطوبة لحسن معاملة اهل عروسته له وترحيبهم به، ولم يكن يعلم ان عروسته مجبرة من قبل أهله على تقبله وان بقلبها شابًا آخر اخفوه عنه حتى تكتمل الزيجة طنا منهم ان الحال سيتغير بعد ان ترتدى الفستان الابيض، وكم من فتاة كانت تعتقد انها تحب الشاب الذى كان يشغل قلبها ثم بعد ان تزوجت غيره، عاشت حياتها بطريقة طبيعية ومرت أيامها فى سعادة وحب زوجها وأطفالها، كان هذا هو تصور اسرة العروسة للأمر، ولكنهم كانوا على خطأ كبير، فالفتاة لم تقبل الامر الواقع ولم تفرح كما هو المعتاد بالفستان الابيض، وكانت تخطط لحياتها بطريقة مختلفة عن بنات الريف بعاداته وتقاليده. جاء يوم الزفاف وكانت المفاجأة التى لم تخطر على بال أحد، فقد اختفت العروس من محل الكوافير ليلة الزفاف، وتباينت ردود الأفعال والاخبار، فهناك من قال إنها اختطفت على طريقة الأفلام العربية، وآخرون قالوا انها هربت لانها لا تريد الزواج من العريس وأنها تحب شخصًا آخر كانت على علاقة عاطفية به. أسرعت الأسرة بأقدام ثقيلة ومترددة إلى مركز شرطة السنطة لتحرر محضرًا باختفاء العروس من محل الكوافير ليلة عرسها، لم يكن البلاغ سهلا على الأسرة صاحبة العادات والتقاليد الراسخة، ولكن خوفهم من وقوع مكروه لابنتهم كان أكبر عندهم من مجرد الخوف من احتمال حدوث فضيحة، كان إحساسهم بأن فتاتهم المتعلمة والبريئة لا يمكن أن تلحق بهم هذا العار بهذا الشكل وفى هذه المناسبة الحساسة التى تنتظرها كل أسرة، ولكنهم أيضا لم يراجعوا أنفسهم وشريط ما حدث منذ ان تقدم العريس للعروسة وما قالته العروسة لهم وحزنها وبكاءها على صدر أمها. استقبل العميد أحمد مبروك مأمور مركز السنطة البلاغ بهدوء حذر وحاول أن يطمئن الأسرة ويبعد عن مخيلتها حدوث مكروه لفلذة كبدها وقام بإخطار اللواء حسام خليفة مدير امن الغربية بتفاصيل اختفاء الفتاة من محل الكوافير ليلة زفافها وقام اللواء ابراهيم عبدالغفار مدير المباحث بتكليف العميد مسعد أبوسكين رئيس المباحث والعقيد وليد الجندى مدير فرع البحث الجنائى بزفتى والسنطة بكشف غموض اختفاء العروسة، وعلى مدار ساعات قليلة عكف ضباط المباحث على كشف غموض البلاغ وسرعان ما تكشفت الحقيقة المرة والعروس طلبت أثناء وجودها فى محل الكوافير من بنات عمها إحضار «مصحف» لقراءة بعض سور القرآن وعندما خرجت قريباتها لإحضار المصحف، خرجت العروسة مسرعة من المحل وتوجهت مباشرة إلى شرم الشيخ واعترفت العروس بأنها اضطرت لذلك بسبب رفضها للعريس ورغبتها فى الارتباط بشاب آخر على علاقة به، ولكنها فوجئت بأسرتها تصر على زواجها من عريسها الذى تقدم لها ورفضته ومع اصرار أسرتها وتحديد موعد الزفاف لم تجد مفرا من الفرار والهرب من الكوافير تلبية لرغبة قلبها. ثم توجهت إلى شرم الشيخ للعمل هناك، لم تنته القصة عند هذا الحد فالله وحده أعلم بما حدث وسيحدث للأسرة وما شعرت به من حزن وكمد بسبب ما حدث وما ستتناوله الألسنة عنهم وعن حكاية العروس التى هربت ليلة زفافها. ولكن الأهم من هذا هو الرسالة التى يمكن ان تكون واضحة لكل أب وكل أم، لكل الأسر فى الريف والحضر فى بحرى وقبلى، لا تفرضوا وصايتكم على بناتكم ولا تجبروهن على قبول من يرفضه قلوبهن، فالتعاسة تبدأ بالضغط وحسن النية والرغبة فى الستر، والنهايات لا تكون أبدًا سعيدة ومحاكم الأسرة وقضايا الطلاق والخلع خير شاهد على هذه المآسى.