ما إن لاحت بوادر فوز حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسي للاخوان المسلمين، وحزب «النور» لسان السلفيين بنصيب الأسد في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، حتى بدأت بعض أجهزة الاعلام - خاصة الفضائيات - في الترويج لفكرة أن الكثير من «الويلات» تنتظرنا إذا ما أصبحت أغلبية مجالس الشعب من الاسلاميين!، خاصة أن الكثير من الدعاة في المساجد - تابعة لوزارة الأوقاف أو غير تابعة - يبثون دعايات فاحشة ضد الأحزاب وللجماعات الليبرالية والمدنية عامة!، حتى إنهم في بعض مواد الدعاية الانتخابية التي ساندوها على المنابر روجوا لنفي غيرهم نفياً تاماً بعيداً عن حظيرة الاسلام!، وفي اطار هذه الدعاية الانتخابية جرى الترويج لادعاء بأن الكنيسة تطلب من أبنائها عدم انتخاب غير الأقباط! مع ما يعرفه الجميع عن الالتزام الذي وجه به البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية رعايا الكنيسة الى ضرورة المشاركة بالتصويت في الانتخابات، وأنهم ينبغي عليهم أن ينتخبوا من يخدمهم سواء كان مسلما أو مسيحيا، وهذا الذي جرى في الجولة الأولي للانتخابات يجعل القوى الاسلامية عموما تتحمل عبئا ثقيلاً ينفي ويبدد المخاوف التي تملأ الكثير من الناس من استبداد هذه القوى وفرض رؤاها على المجتمع من خلال البرلمان فيما لو أصبحت للقوى الاسلامية الغلبة داخل هذا البرلمان بعد انتهاء الانتخابات باستكمال جولاتها والنتائج النهائية لها!، وقد شاهدت على احدى الشاشات الفضائية حوارا شارك فيه وجه بارز في الحركة الاسلامية استقبل ما يثار حول «ويلات» تنتظر المجتمع إذا ما أصبحت الغلبة للاسلاميين بسخرية شديدة!، إذ نفى الرجل نفياً قاطعاً ما يتردد حول موقف الاسلاميين من السياحة وبعض الأنشطة الاقتصادية وزي المرأة وعملها الى آخر هذه السلسلة المتعلقة بالمخاوف التي وصفها الرجل بالوهمية!، وذكر في معرض نفيه أن هناك ما يصرح به بعض الأشخاص في هذه الأمور معبراً عن تصورات شخصية لهم!، وأنهم لا يعبرون عن الكيانات الاسلامية «الأصيلة»، ولكنهم يعبرون عن أنفسهم فقط، مما لا يؤخذ حجة على التيار الاسلامي، فليس صحيحاً أن السياحة - الدخل البارز لمصر - ستتوقف إذا ما كان في البرلمان أغلبية اسلامية، أو كانت الوزارة مشكلة بمعرفة هذه الأغلبية!، كذلك لن يكون في أجندة هذه الأغلبية اخفاء التماثيل المستقرة في متاحفنا أو طمسها كما ذكر أحد الدعاة في مسجد يؤم فيه الناس للصلاة! والأمور التي نفاها الرجل على شاشة التليفزيون وسخر منها وألحقها على فريق من دعاة المساجد والزوايا له تصوراته الشخصية، هي بالضبط ما كان يروجه النظام السياسي الذي انهار، لكيلا يقع هذه المخاوف التي اعتبرها الرجل وهمية في ردع الامريكان والغرب عموما!، حتى تقتنع هذه الدوائر بأن النظام الذي سقط هو الذي يقف بالمرصاد لكي لا يقل المحظور ويصبح للتيار الاسلامي دوره في الحياة السياسية قد تتيح له أن يتغلب على منافسيه على التيار المدني!، وقد نجح النظام البائد اللاعب بهذه الورقة - الفزاعة الاسلامية - لفترة ليست بالقصيرة في حكم مصر!، لكن الأمريكان أفاقوا على وجود قوى لهذا التيار بعد الثورة في يناير والانتخابات التي جرت جولتها الاولى!، لكن الدولة المدنية في مصر لا يخشى عليها من بروز التيار الإسلامي وحضوره!