حرارة المنافسة فى سباق دراما رمضان المنقضى لا تقل بالتأكيد عن حرارة الجو الذى نعيشه حاليا استخدم فيها صناع المسلسلات كل الأسلحة المتنافسة المتاحة من نجوم وديكور وإبهار وتطور كبير فى الشكل والصورة، لكن اختلف بعض صناع الجمال فى الدراما حول المضمون ويرونه منفصلا عن الواقع ولا يلائم الظروف التى نعيشها ولا يواكب فكر الدولة، وتوجهاتها نحو المستقبل. وأكدوا أن الدراما امتلأت هذا الموسم بكثير من القتل والدم والصراع حول تجارة السلاح والمخدرات والآثار، وبعضها خرج عن مساره الدرامى الذى بدأ عليه وقالوا إنها أى الدراما حولت الشاشة لمصحة نفسية ولم تقدم النموذج السوى القدوة الذى يعيد الاعتبار للشخصية المصرية، وأرجع صناع الدراما هذا الانحراف نحو المضمون السييء لغياب الدولة عن إنتاج أعمال القيمة، وما بين الاتفاق على تطور الشكل والصورة والاختلاف عن المضمون رصدنا هذه الآراء؟! خبير المكياج والماكيير العالمى محمد عشوب رصد بخبرته مواطن الجمال فى الدراما هذا العام وكذلك سقاطاتها قائلا: أعمال كثيرة تميزت بتكتيك جديد فى الصورة والشكل الإخراجى يعكس التطور الكبير فى الشكل، لكن فى المقابل لا يوجد إبداع فى مكياج وماكيير أبطال هذه الأعمال. وكلها جاءت مجرد اجتهادات ليس فيها إبداع خاصة فى الأدوار ذات التركيبة النفسية التى دارت حول الأمراض النفسية، وصورت فى مستشفيات الأمراض العقلية. وأضاف: نجحت «نيللى كريم» فى مسلسل «سقوط حر» أن تستخدم تعبيرات وجهها وقدراتها التمثيلية دون الاعتماد على المكياج وهذا نادراً ما يستخدم كما يقول «عشوب». لكن بصراحة عليها أن تكتفى بهذا القدر من هذه التركيبة الدرامية، وأن تغير جلدها لأنها طاقة تمثيلية كبيرة خاصة فى الكوميدى. وأضاف «ذقن» محمد رمضان فى الأسطورة كان من الممكن أن تكون أفضل من ذلك. أما ماكيير وشوارب أبطال مسلسل «ولد فضة» عادية جداً ولا تتماشى مع قيمة العمل، وأضاف: بصراحة شديدة لم أر عملاً به ماكيير ومكياج يبهرنى ويجعلنى أشعر بالغيرة لعدم تواجدى. لكن والكلام لعشوب هناك أداء مبهر لبعض النجوم على رأسهم المايسترو يحيى الفخرانى ونبيل الحلفاوى وهالة صدقى وحنان مطاوع فى «ونوس» فهو نص رائع وإخراج متميز، وأطالب دكتور أشرف زكى نقيب الممثلين بتدريبه. وأعجبنى أداء محمد رمضان وتألق روجينا وأداء محمد عبدالحافظ فهما اكتشاف فى «الأسطورة» ومحمد سامى مبدع. الزعيم عادل إمام مدرسة فى «مأمون» وتألق غير عادى ل«لبلبة» وصورة إخراجية رائعة ل«رامى إمام». وأخيراً قال كنت أنتظر إبداعاً موازياً فى الماكيير والمكياج يوازى إبداع التمثيل والصورة ولم يستفزنى عمل يجعلنى أندم فى هذه الأعمال. السيناريست الكبير مجدى صابر قال.. لا نختلف هذا العام على أن هناك تطوراً إيجابياً فى الشكل والصورة لمعظم مسلسلات رمضان، وأن هناك تطوراً كبيراً فى الصورة والإخراج، وإن كانت قد «غالت» جداً فى مستوى الديكور بشكل استفز المشاهد البسيط ولكن للأسف والكلام ل«صابر» الدراما الرمضانية هذا الموسم شهدت تراجعاً كبيراً للخلف فى المضمون وتصادف أن معظمهما قدم نماذج غير إيجابية ولا تمس الواقع وغابت عنها النموذج القدوة الذى يمكن أن يكون داعماً نفساً للشباب وظهرت معظم الأعمال فى صراع بين الضباط والمجرمين وكل مسلسل إما به أكثر من جريمة قتل أو تقدم نماذج مشوهة نفسياً وأخلاقياً عن انحراف ومرض نفسى وقتل وخيانة وبنت المسلسلات الصراع الدرامى على هذا المضمون غير السوى واتجهت معظمهما للتغريب عن الواقع وقلدت النموذج الأمريكى فى الأكشن والقتل والصراع وتحولت الأعمال لمباراة فى الأكشن والدموية بشكل مفرط، وهو شىء زاد على حده وقدمت كل أبطالها بشكل أقرب للشر. وأضاف صابر ليس من المنطق أن تبنى الدراما على تقدم النموذج الخير فقط لكن يجب أن تقدم النموذج الموازى للخير والشر لأننا لسنا مجتمع شياطين أو ملائكة، لكن كان يجب أن تراعى أننا نقدم ثقافة الشر والعنف والثراء الفاحش من تجارة المخدرات والسلاح والآثار لشعب 40٪ منه «أمى» ويكتسب ثقافته من الدراما والسينما، ومن الطبيعى أن يتأثر بأبطاله المجرمين أو المشوهين أخلاقياً ونفسياً. وأشار صابر أعتقد أن غياب الدولة ساهم فى انتشار هذه النوعية لأنه ترك الساحة للقطاع الخاص الذى يسعى للمكسب دون أن يراعى طبيعة المجتمع، وطبعاً لم ولن ينتج نوعية الدراما التى كان يقدمها الإنتاج الرسمى الذى توقف مثل الأعمال الدينية والتاريخية والاجتماعية التى لم تر فيها سوى مسلسل «ونوس» هذا الموسم. المخرج الكبير على عبدالخالق أكد اتفاقه على تطور الشكل والصورة ولكنه يرى أن كل المسلسلات التى عرضت الآن ليس لها علاقة بالواقع المصرى ولا يمت له بصلة، قال ولم نر عملاً ينحاز لقضايا الواقع الذى حدث به تغير جذرى وثورتان غيرتا من شكل المجتمع ولم تغيرا من شكل الدراما، وجاءت معظمهما مسلسلات ممكن تحدث فى أى مكان أو زمان وظهرت مصر وقضاياها فى معظم الأعمال مجرد «ديكور». وأشار عبدالخالق إلى أن هناك بعض الأعمال نجحت فى تحقيق مكانة متميزة عند الجمهور منها مسلسل «الميزان» به نفس عيب الكتابة وغياب القضية، لكن السيناريو جيد ومتوازن وسريع والمشاهد قصيرة والإيقاع سريع والمخرج قدم صورة رائعة وكادرات وتكوينات صورة ممتازة تقارب صورة السينما، وغادة عادل من أفضل أدوارها والعمل أظهر إمكاناتها كممثلة، وباسل الخطيب مكسب للدراما المصرية وحافظ على أدائه فى الشخصية بالمسطرة وهو إضافة للنجوم العرب فى الدراما مثل ظافر العابدين ودرة وجمال سليمان وكندة علوش وغيرهم. وأضاف عبدالخالق من الأعمال التى جذبتنى مسلسل «الخروج» بنفس الإيقاع السريع والصورة المفتوحة والمتميزة والمنافسة الراقية بين شريف سلامة فارس جديد للدراما المصرية مع ظافر. عادل إمام يظل هو البسمة وطبق الفاكهة فى كل رمضان ويقدم بخبرته وأدائه وتنوعه متعة الجمهور رغم الاختلاف المضمون لكن الصورة ممتازة ل«رامى إمام» وهو مخرج فاهم كوميديا ويتعامل بحرفية ليست سهلة مع الأداء الممتع للنجمة «لبلبة» وتفوق خالد سرحان فى الأداء. ويسرا جيدة فى مسلسل «فوق مستوى الشبهات» غيرت جلدها للأفضل وصدقها الجمهور والصورة مثيرة والعمل مختلف. نيللى كريم رغم كونها نجمة أداء وتمثل بطريقة «السهل الممتنع» لكن عليها أن تتوقف عند هذا القدر من الكآبة وتغير جلدها. الفخرانى ممثل فوق مستوى التقييم والساحر محمود عبدالعزيز ساحر بجد رغم أننى لم أتمكن من مشاهدة أعمالهم. أحمد نادر جلال قدم صورة رائعة فى مسلسل «القيصر» مع أداء مبهر ل«يوسف الشريف» وكان رمضان هذا الموسم هو موسم الصورة، وكانت الصورة أقوى من الحوار فى الكثير من المسلسلات وكانت الصورة بكادراتها الجديدة والمفتوحة والمتميزة هى البطل هذا العام خاصة كادرات رامى إمام، وأحمد خالد موسى، وأحمد نادر جلال وهانى خليفة وماندو العدل وأحمد مدحت وشادى الفخرانى. أداء محمد رمضان فى الأسطورة مبالغ فيه وشعبية رمضان تغطى كل شىء. أداء طارق لطفى فى شهادة ميلاد متميز والعمل إيجابى بشكل كبير. و«نوس» الفخرانى وهالة صدقى ونبيل الحلفاوى أداء فوق القمة وروعة فى التمثيل. «ليالى الحلمية 6» مغامرة درامية غير محسوبة، إخراج القبة عمل تنافسى قيم. وأوضح عبدالخالق قائلاً: برامج «المقالب» تحتاج لإعادة نظر لأنها لم تعد تثير الضحك بل تثير السخرية والشفقة فنانون يشاركون فى هذه البرامج من أجل آلاف الجنيهات ويقبلون الإهانة على أنفسهم. وعن أفضل مشاهد الصورة يقول عبدالخالق عجبنى مشهداً فى الحلقة الأولى من مسلسل «القيصر» كان عبارة عن 12 دقيقة حوار بالصورة فقط وكان رائعاً للغاية.
