أثناء أزمة مصنع «أجريوم» بدمياط منذ حوالي ثلاثة أعوام كتبت مقالا بعنوان «لمصر لا لأجريوم» فندت فيه تلك المزاعم الهزلية التي استند إليها البعض في الهجوم على المشروع العملاق وكيف أن هؤلاء قد أعلوا من شأن مصالحهم الشخصية وأطماعهم السياسية والاقتصادية يفوق شأن الوطن ومصلحة مصر ومن العجيب بل والمريب أن تهدأ الأحوال لثلاث سنوات يعمل خلالها المشروع مجموعة مصانع موبكو لانتاج الأسمدة، ثم فجأة نشهد تلك الحالة من الاثارة والتحريض لأهلنا في دمياط لكنها هذه المرة ترتبط بموضة ظن البعض إنها تعبر عن اتجاه ثوري شعبي حميد أما هذا الاتجاه الثوري فهو قطع الطرق والاعتصام بالشوارع وغلق الميناء والمدارس والمصالح ومحاصرة المصنع والعاملين فيه والتهديد المستمر بمزيد من التصعيد أما الجديد هذه المرة فهو مناسبة قرب الانتخابات وبدء الدعاية الانتخابية التي يستغلها الطامعون في كرسي المجلس الموقر لشحن وتحريض الدمايطة بل واستخدام المصنع كفزاعة لهم فأوهموهم كذباً بأن المصنع سيأتيهم بالأجنة المشوهة واجهاض الامهات وسقوط أشجار النخيل، والفاكهة ونفوق الاسماك والحيوان والطير في السماء وأصبح الأمر وكأننا نواجه كارثة «تشيرنوبل جديدة» على أرض مصر دون أن ندري وهي آثار بيئية خطيرة لا تظهر الا بعد عشرات السنين من انفجار مفاعل نووي أو قنبلة ذرية. ما هذا الهزل يا سادة ما هذا اللعب على عواطف الناس واستغلال جهلهم كيف يمكن لدولة مثل مصر تمر الآن بمرحلة خطيرة من الضعف السياسي والخمول الاقتصادي والكساد الاستثماري كيف تسمح الدولة الرخوة بغلق مصنع يدر على الشعب مليارات الجنيهات سنوياً ويعمل به المئات من شباب مصر الدمياطي كيف تسمح الدولة الرخوة لعدد من البسطاء المضللين بغلق ميناء دمياط لمدة أسبوعين ليتكبد الشعب خسائر بملايين الجنيهات فضلاً عن فساد ملايين الأطنان من السلع وارتفاع أسعار سلع أخرى وخراب بيوت العمال واسرهم سيقول البعض إن ذلك لا يساوي شيئا أمام صحة طفل أو وفاة مريض أو بوار أرض نعم هذا صحيح لو كان الأمر صحيحاً من يا سادة يتحمل أن يعلن الشريك الأجنبي المساهم اعتزامه تجميد نشاطه واستثماراته في مصر لحين عودة العمل والأمن لدمياط وأنني انبه واحذر من هؤلاء الأفاقين المحرضين أصحاب المصالح الذين يريدون احتكار السياحة والأرض والاستثمار في دمياط وطريقهم الى ذلك احتكار كرسي المجلس القادم فأين كان هؤلاء المرهفة قلوبهم على صحة أهلنا في دمياط وهم يرون ومنذ عشرات السنين وأرض دمياط كلها ملوثة بالانبعاثات السامة الصادرة عن البويات ومخلفاتها المستخدمة في صناعة الموبيليا المنتشرة في دمياط وتوجد ورشة أسفل كل بيت وعلى الأرصفة وداخل البيوت، وما هى إلا أوكار موبوءة تنفث سمومها في صدور الدمايطة دون أن يتحرك أحد من هؤلاء مدعي حماية البيئة وهو مصنع تكلف المليارات ملتزم بكل الاشتراطات البيئية والمواصفات العمالية لحماية البيئة وهو ما تلزمنا به الشركة الكندية العالمية الأم المساهمة في المشروع أين رأي العلم والعلماء من هؤلاء الذين يبعثون بعقول وعواطف البسطاء في دمياط فأفهموهم أن المصنع له كل تلك الآثار الخطيرة متجاهلين العوامل المناخية الجوية مثل الحرارة الشديدة أو العوامل الأرضية المتعلقة بملوحة الأرض أو مشاكل وتلوث مياه الشرب والري نفسها وكلها هي المتهم الحقيقي في الأثر البيئى السيئ على أطفالهم وأكبادهم وكلاهم وثمارهم وأسماكهم بالاضافة الى ما تلقيه مئات السفن من مخلفاتها السامة على شواطئ دمياط أن الدولة الرخوة التي تعاملت مع الأمر وكأنه شأن سياسي يمكن الاختلاف حوله في الرأي هي التي شجعت هؤلاء المحرضين والمستغلين لكي يخرجوا علينا في الفضائيات ويهددونا ويخيفونا بهؤلاء الجالسين في الشوارع وأنه إذا لم يتم نقل المصنع بالكامل فلننتظر منهم الأسوأ القادم فكانت الخسائر بالملايين وقد صرح وزير البترول المهندس/ عبدالله غراب مؤخراً بأن المصنع تم انشاؤه وفقاً للمعايير البيئية العالمية وأن ايقاف المصنع دون أدنى اعتبار للآثار الخطيرة الناجمة عن ذلك وهو ما يؤكد أن المشكلة تكمن في قبضة الدولة الرخوة وضميرها الغائب وقلة حيلتها ما جعلها تضع مشروعاً عملاقاً رهينة في يد المنتفعين العابثين بمقدرات الوطن ومكاسب الأمة ومن ذلك نحن نطالب الدولة بسرعة حسم أمرها واعادة تشغيل المصنع قبل أن ينفذ الشريك الأجنبي تهديده ويلجأ الى التحكيم الدولي ومقاضاة مصر لتسببها في ضياع استثماراته الضخمة في المشروع وحينها لن ينفع الندم أو البكاء على المصنع المغلق. «إن مستقبل مصر وشعبها لا يمكن أن يتحول إلى وسيلة دعاية لكل من في قلبه مرض أو غرض». أحمد جمال بدوي