يبدو العنوان الذي اختارته المترجمة الدكتورة فاطمة نصر لكتاب جيمس بتراس مراوغا، فجملة "وجه أوباما الأبيض" قد تصور للقارئ للوهلة الأولى الصورة الطيبة لشخصية أوباما، في حين أن المقصد الرئيسي هو الكشف عن الأسس الفكرية لنزعات أوباما العنصرية، باعتبار سياسته تصب في مصلحة الجنس الأبيض البروتستانتي. اختار بتراس -الأمريكي الجنسية- "الحروب الأمريكية والأزمة العالمية" عنوانا رئيسيا لكتابه، ويُقدم خلاله رؤية واضحة في كيفية تداعيات الحروب الإقليمية والأحداث الدولية التي أول ما بدأت في واشنطن وبالتحديد من وول ستريت، وتفاقمت الأزمة التي اصابت العالم بأسره؛ مما أدى إلى زيادة الأصوات المعارضة للولايات المتحدة، بخاصة في أمريكا اللاتينية، فضلا عن تناوله لثقافة الفساد والاحتيال، وسياسة أوباما في أمريكا اللاتينية، وسياسات الإبادة، واصفا منظومة أوباما بمنظومة القوة الصهيونية. كما يكشف الكتاب عن جذور الأزمة في استمرار الأممالمتحدة في الانحياز للامبراطوريات العسكرية، والتي تتحكم في صناعة القرار السياسي داخلها جماعات صهيونية متشددة، كما يقدم الكتاب دراسة نقدية لانهيار الامبراطورية الرأسمالية، بخاصة بعد فشل سياسات أوباما الخارجية. ويذكر المؤلف أسماء بعض الشخصيات التي اختارها أوباما للمناصب الحساسة مثل دنيس روس "مستشار نافذ للسياسة تجاه إيران" وهو رئيس جماعة معا ضد إيران نووية التي تدعو إلى شن الحرب على إيران إذا لم تخضع للإملاءات الإسرائيلية؛ وكذلك وجورج ميتشل مبعوث أوباما إلى فلسطين وإسرائيل وهو أحد أربعة أسسوا مجموعة جبهة صهيونية تحت مسمى "مركز السياسات للحزبين". ودانشابيرو وبونيت تالور "للتعاون معا في ملف سياسة الشرق الأوسط" بمجلس الأمن القومي، وهما من رعى تمرير قانون محاسبة سوريا في مجلس الشيوخ؛ كما قام أوباما بتعيين سوزان رايس سفيرة أمريكا في الأممالمتحدة وهي من أشد الداعمين لإسرائيل ولجرامها. أما ستيورات لفي فقد عين وكيل وزارة الخزانة وكان يشغل نفس المنصب في عهد بوش، ولفي من صناع السياسة الحكومية الرئيسيين، يشرف على حملة العقوبات الاقتصادية ضد أعداء إسرائيل، مثل إيران وحماس وحزب الله؛ وقام لفي بإسهام كبير في مساندة حصار إسرائيل لغزة وتجويع أهلها بعد نجاح حماس في الانتخابات. ومن الواضح أن القائمين على السياسة الخارجية الأمريكية قاموا بتفعيل سياسة الشرق الأوسط التي لا تخدم سوى المصالح الصهيونية بأكثر من أي وقت سابق في التاريخ الأمريكي، ف"ايدن" نائب أوبام يقول كثيرا "أنا صهيوني"، وهيلاري كلينتون "دمروا إيران"، وجيتس وزير الدفاع واحد من الذين احتفظوا بمناصبهم منذ فترة بوش الرئاسية. ويشدد جيمس من خلال كتابه -التي تجاوزت صفحاته 250 صفحة- على أن رئاسة أوباما أنجزت ما أعتقد كثير من المراقبين أنه مستحيل؛ حيث وعت صهاينة في مواقع سلطة استراتيجية، بأكثر مما فعلته إدارة بوش. يُذكر أن المؤلف جيمس بتراس أستاذ في علم الاجتماع في كثير من الجامعات؛ ووصل عدد مؤلفاته إلى 64 كتابا نشرت في 29 لغة، كما كتب أكثر من 500 مقالة في المجلات المتخصصة. وقد فاز من قبل بالعديد من الجوائز؛ ومن مؤلفاته "الإمبريالية في القرن الحادي والعشرين" 2001؛ "ديناميات التغيير الاجتماعي في أميركا اللاتينية" 2000، "نزع قناع العولمة" 2001، "النظام في أزمة" 2003، "الحركات الاجتماعية والقوى الخارجية" 2003، "الإمبريالية الإمبراطورية" 2005، "الشركات متعددة الجنسيات الابتدائية" 2006.