تتشابه كثير من طقوس الأعياد فى مصر القديمة، مع كثير من مشاهد احتفالات المصريين بالعيد اليوم، فى تتابع وتوراث لعادات وتقاليد مضى عليها آلاف السنين. وأرجع الدكتور محمد يحيى عويضة، عالم المصريات، ذلك التشابه إلى ما توارثة المصريون، جيلا إثر جيل، من عادات وتقاليد شعبية وتاريخية، منذ عصور الفراعنة وحتى اليوم. وبحسب عويضة، فإن المصريين، نقلوا الكثير من طقوس العيد، لدى الفراعنة، من الجداريات التى تسجل مراسم وطقوس الأعياد فى مصر الفرعونية، بمعابد كوم امبو فى أسوان، وهابو والكرنك فى الأقصر، ودندرة فى قنا. وتروى تلك الجداريات واللوحات الفرعونية، الكثير من مظاهر احتفالات قدماء المصريين بالأعياد، حيث سجلت النقوش الفرعونية على جدران معبد هابو فى غرب مدينة الأقصر، تفاصيل العيد الأشهر فى مصر القديمة، والأكثر زخما وحضورا، وهو عيد الوادى، بجانب تسجيل لعدد وصل إلى 282 عيدا عرفتها مصر القديمة، عبر عصورها المختلفة. وقالت عويضة إن ملايين المصريين، الذين يذهبون للجلوس فوق مقابر موتاهم، فى عيدى الفطر والأضحى، حاملين معهم " الكحك " للتصدق به على موتاهم، قد أخذوا تلك العادة من الفراعنة الذينوا يحتفلون قبيل آلاف السنين، بما يسمى بأعياد الموتى، التى كانت تذهب فيها عائلات قدماء المصريين على الجبانات، حاملة معها الخبز، وهى اعياد كانت شائعة فى جميع الأقاليم المصرية. وكان لكل مدينة فى مصر القديمة، تقويمها الإحتفالى الخاص،المكون من مواكب وظهور للآلهة، وتجليس للحكام، وكانت مدينة " سايس " ومدينة " أبيدوس " تحتفلان فى كل عام بأهم مظاهر أسطورة إيزيس واوزيريس، ونضال ذلك الإله وموته، ثم بعثه حيا، بحسب الأسطورة، فتقام مواكب عديدة ومشاهد تمثيلية، وتنشد الأناشيد، وأفراح عامة عظيمة. وعرف الأطفال فى مصر القديمة اللعب والألعاب فى الأعياد، وومن أشهر العاب العيد لدى الفراعنة، لعبة الخذاريف، أى جمع خذروف، وهى النحلة الدوارة، بجانب المصلصلات والشخاشيخ، ووالعرائس والقزام الراقصة، ووالتماسيح ذات الفكوك المتحركة، وفئوس القتال المصغرة، كما عرفت الفتيات إقتناء العرائس المصنوعة من الخشب ووضعها فى أسرة صغيرة. وقال منى فتحي، الباحثة فى علوم المصريات والمديرة بمعابد الكرنك الفرعونية، إن معبد كوم امبو يحتوى على قاعة تسمى الكالندر، وتسجل لوحاتها وقنوشها تفاصيل 27 عيدا عرفتها المدينة، وما يقدم خلالها من قرابين للآلهة، بجانب لوحات تعبر عن التقويم المصري، الذى يفتتحه ويبواويت، فاتح الطرق و هو ذلك الثعلب الذى كان يظهر دائما محمولاً فوق عصاً طويلة فى بداية مواكب عيد ال "حب سد" - Heb Sed - و كل الأعياد المصرية القديمة التى كانت مرتبطة بالدورات الفلكية المختلفة . وأشارت "فتحي" إلى أن المصرى القديم كان محبا للحياة ومباهجها، ولم تكن حياته كلها قاصرة على الجوانب الدينية والعبادات،وما من مقبرة من مقابر النبلاء وكبار رجال الدولة بمدينة طيبة إلا وبها مناظر تصور الأعياد والاحتفالات. وكان لكل معبود مصرى عيد يتم فيه تقديسه والإحتفاء به، بجانب الأعياد الملكية التى كانت تقام لتمجيد الملك وإعلاء شأنه فى نظر شعبه مثل عيد الإرتقاء إلى العرش وعيد التتويج وعيد الحب سد أو العيد الثلاثينى، أما فصل الفيضان فكان من أكثر فصول السنة التى تقام فيها الأعياد الشعبية والدينية فى مصر القديمة.