«كله فى حبك يهون».. كلمات شدت بها سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وآمن بها شاب من مدينة نجع حمادى، فقرر التمسك بالارتباط بمحبوبته، التى رفض أهلها زواجها منه، فأعلن زواجه منها برغم كل العقبات التى وقفت حائلا أمام ارتباطه الأبدى والشرعى، بمن أحب، وهان فى مقابل ذلك كل شىء، فترك الأهل، والأصدقاء، فى مسقط رأسه بقرية القصر، بمدينة نجع حمادى، حيث ولد وترعرع، وذاق طعم الطعن بسكين فى رقبته وأجزاء من جسده، فداءاً لمحبوبته، وأملاً فى الفوز بها، التى قام خمسة أبناء من عائلتها بضربه وطعنه وإلقائه بصحراء غرب الأقصر، بين الموت والحياة، إلى أن ساق له القدر من أنقذه، ونقله لمستشفى الأقصر الدولى لتلقى العلاج. وكان اللواء عصام الحملى، مدير أمن الأقصر، قد تلقى إخطاراً من العميد أيمن الجيار، مأمور مركز شرطة القرنة بالعثور على شاب يدعى «ع. ش. ا» «19 سنة»، مقيم نجع العرب بقصر الصياد بمركز نجع حمادى بمحافظة قنا، مصاباً بعدة طعنات بالرقبة، وجروح متفرقة فى أنحاء الجسم، وتم تحويله إلى مستشفى الأقصر الدولى لسوء حالته الصحية. حيث كشفت تحريات العميد محمد سعد، رئيس المباحث الجنائية، أن الشاب تعرض لاعتداء من قبل أهل الفتاة «ص»، كان قد تقدم لخطبتها، ولكن والدها رفض، مما أدى إلى هروب الشاب والفتاة معاً إلى أهل والدتها بمدينة القرنة غرب الأقصر، وعندما علم أهل الفتاة بمكان وجودهما، قاموا بالانقضاض على الشاب وأحدثوا به جرحا قطعيا فى الرقبة من الأمام والخلف ورضوض وكسور متفرقة وألقوه على الطريق الصحراوى بعد اعتقادهم أنه فارق الحياة ثم اصطحبوا الفتاة إلى مسقط رأسها بنجع حمادى، وبإخطار النيابة أمرت بضبط وإحضار خمسة من القائمين بالاعتداء على الشاب، واحتجاز الشاب على ذمة تحريات المباحث لحين ورود تقرير الطبى الشرعى الخاص بالفتاة التى تبين زواجها عرفيا بالمجنى عليه. وتنتشر وقائع الاعتراض على زواج فتيات بشبان من خارج القبيلة فى قرى ومدن الصعيد، وكان من أطرف تلك الوقائع، تظاهر عدد من أبناء إحدي القبائل، بقرية الأميرية بمركز أبوتشت بمحافظة قنا، احتجاجاً على زواج فتاة بشاب من خارج أفراد قبيلتهم، مطالبين بطلاقها من زوجها، وقاموا بمحاصرة منزلها لساعات، إلى أن تدخل بعض رموز القبيلة، وتم فض التظاهرة، على أن تتواصل المفاوضات مع الفتاة وأسرتها، لإقناعهم بإنهاء الزواج، الذى وصفه المتظاهرون بأنه مخالف لعادات وتقاليد القبيلة، التى تمنع زواج فتياتها من الزواج من أشخاص من خارج قبيلتهم. وكشفت دراسة للدكتورة فردوس السمادونى، الخبيرة بقضايا المرأة والطفل بالصعيد، عن معاناة نساء الصعيد من قيود المجتمع وعاداته وتقاليده المتوارثة، التى باتت تحرمها من اختيار رفيق عمرها وزوجها، وسط اتهامات لوسائل الإعلام بتجاهل آلام وآمال وطموحات وإبداعات المرأة بتلك المجتمعات التى وصفتها بالقسوة وذلك لما تمثله موروثاته الاجتماعية من إعاقة لمسيرة المرأة وبخاصة المرأة التى تعيش بقرى تحكمها أعراف قبلية، والتى باتت عاجزة عن التعبير بصدق عما بداخلها من مشاعر لأن اعترافاتها، أو حديثها عن اختيارها لزوج المستقبل، تعد عيبا كبيرا فى نظر المجتمع، وهو أمر يمتد أيضاً إلى المبدعات اللاتى لا يستطعن البوح بمشاعرهن فى كتاباتهن الأدبية، لأنها تتهم حين تروى أى تجربة فى إبداعها الأدبى بأنها بطلة تلك التجربة، حتى كادت بعض المبدعات أن تدفع حياتها ثمنا لإبداعها الأدبى وطموحها العلمى والعملى، وسط كل تلك العواصف فى وجه حقوق المرأة بالصعيد، الذى يعد معقلاً لكل الموروثات الرافضة لكل دعوات حقوق المرأة، وذلك بهدف مواجهة ما تعانيه المرأة من تهميش ومن إهدار لما حققته من مكتسبات عبر عقود طويلة من تاريخ نضال المرأة المصرية، وما تتعرض المرأة له فى صعيد مصر من قيود تحول دون أن تحقق النساء ما يحلمن به من نجاحات وإثبات وجودهن فى مجال العمل والسياسة والإبداع.