الفقه في الدين من أهم مطالب المؤمن في دنياه، فبه يعرف حدوده وتوسعاته، ولا يقع في المحذورات بجهل، وقد بين العلماء كثيرًا من أحكام الصيام وفقه، وفيما يلي بيان بالأفعال التي إذا ارتكبها المسلم فسد صيامه، وهي: 1-الأكل والشرب عمدًا: لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: 187]، فقد بينت الآية أنه لا يباح للصائم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر حتى الغروب، أما من أكل أو شرب ناسيًا فصيامه صحيح، ويجب عليه الإمساك إذا تذكر أو ذُكِّر، لقوله صلى الله عليه وسلم : (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)[متفق عليه]. كذلك لو أكل أو شرب ظانًا بقاء الليل، ثم تبين له أن الفجر قد طلع أمسك وصومه صحيح. مثال ذلك: لو كان آذان الفجر الساعة الرابعة فجرًا، فاستيقظ رجل ليتسحر فنظر في ساعته فوجدها الثالة والنصف، وأثناء سحوره سمع إقامة الصلاة من المسجد، فاكتشف أن ساعته متأخرة، فعليه الإمساك وصومه صحيح. 2- الجِماع: فمن جامع زوجته وهو صائم بطل صومه، وعليه التوبة والاستغفار، وقضاء اليوم الذي أفطره، وعليه مع القضاء الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لقوله صلى الله عليه وسلم للذي وقع على امرأته: (هل تجد رقبة تعتقها؟) قال :لا، قال: (هل تستطيع أن تصوم شهريين متتابعين) قال: لا، قال: (هل تجد إطعام ستين مسكينًا) قال : لا، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ما يتصدق به[متفق عليه]. والزوجة الصائمة إذا وطئها زوجها برضاها فحكمها كحكمه، أما إن كانت مكرهة، واجتهدت في منعه فلم تستطع، أو كانت مغيبة عن الوعي، فلا كفارة عليها، وعليها القضاء فقط. 3- إنزال المني اختيارًا: فمن أنزل عن طريق استمناء (عادة سيئة) أو نظر أو مُباشرة أو غيره بطل صومه؛ لأن ذلك من الشهوة التي تناقض الصوم، وعليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الكفارة لا تلزم إلا في الجماع فقط، ومن فعل ذلك فلم يُنزل، فصومه صحيح. أما من نام وهو صائم فاحتلم، أو أنزل بغير شهوة لمرض ونحوه، فلا يبطل صيامه؛ لأنه لا اختيار له في ذلك، والله يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: 286]. 4-التقيؤ عمدًا: فمن أخرج ما في معدته من طعام وشراب عن طريق الفم عمدًا بطل صومه وعليه القضاء، أما من غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره فصومه صحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدًا فليقضَّ)[صححه الألباني]. 5- خروج دم الحيض والنفاس: فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أليس إحداكن إذا حاضت لم تُصلَّ ولم تَصُم...)[متفق عليه]. وعليها قضاء ما أفطرته من أيام بعد رمضان، لقول عائشة رضى الله عنها: (كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)[رواه مسلم]. 6- نية الفطر: فمن نوى الفطر قبل وقت الإفطار وهو صائم بطل صومه، وإن لم يتناول مُفطرًا؛ لأن النية أحد ركني الصيام (النية - والإمساك)، فإذا نقضها قاصدًا الفطر ومُتعمدًا له، بطل صومه. 7- الردة: وهي الخروج من الإسلام، لقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: 65].