مما لا ريب فيه أن كلاَّ من الشقيقتين مصر وليبيا تجمعهما روابط وعلاقات وثيقة تمتد عبر مئات السنين فمن المتعارف عليه أن لكل دولة ظروفها وبيئتها وثقافتها الخاصة بها التي تميزها عن غيرها من الدول الأخرى، الا أن هذا لا يمنع أن هناك اطاراً أو مرجعية عامة يمكن أن يندرج تحتها مجموعة من الدول التي تشترك فيما بينها وبعضها البعض جوانب قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية او سياسية أو تكنولوجية أو غيرها، وهو ما ينطبق على كل من مصر وليبيا ومعهما السودان. ومما لا ريب فيه أيضا أن كلاًّمن مصر وليبيا تمران بمرحلة متشابهة الظروف جراء ثورة شعبيهما العظيمة وهما ثورة 25 يناير وثورة 17 فبراير على التوالي واللتان سوف تغيران كثيراً من ملامح المستقبل القريب والبعيد ليس في الشعبين المصري والليبي فقط انما ستمتد الى كافة الشعوب العربية برمتها. ومن ثم يمكن ان نطلق على هذه المرحلة في البلدين مسمى المرحلة الانتقالية من نظم حكم ديكتاتورية مستبدة قاهرة ومذلة لشعوبها الى نظم حكم يسعى شعباهما الى أن تكون ديمقراطية مشرقة ناهضة ساعية نحو ركب موجة الدول المتقدمة ولاستشراق آفاق هذا المستقبل لابد أن يتم الاستعانة بعلم دراسة المستقبليات الذي يعني بالتنبؤ بما سوف يحدث أي اعداد قرارات جديدة للمستقبل وخاصة اذا كانت هذه القرارات تتعلق بعالم المجتمعات وظروف تتسم بعدم التأكد أو عدم اليقين uncertain Positions في ظل ما يسمى بالعولمة. البيئة الاولى يطلق عليها البيئة الخارجية وبدراستها تسفر نتائجها عن ظهور مواطن تمثل فرصاً متاحة للمؤسسة ومواطن اخرى تمثل تهديدات او مخاطر تواجه المؤسسة، والبيئة الثانية وهي البيئة الداخلية وبدراستها تسفر هى الأخرى عن نقاط قوة ونقاط ضعف ويستلزم ذلك الاستعانة بكوكبة من الخبراء كل منهم في مجال تخصصه مروراً بعملية التحليل الحرج للبيانات والمعلومات المجمعة Critical Analysis وما يتم التوصل إليه يتم وضعه في مصفوفة حسابية تسمى Swot تسفر هى الأخرى عن نتائج مهمة وهى استراتيجيات مستقبلية يتم تحويلها الى خطط تكتيكية ومن ثم تتحول هى الأخرى بدورها الى خطط تشغيلية «تنفيذية» صالحة على المدى القريب وبالتالي نحصل على مجموعة من السيناريوهات اللازمة لهذا المستقبل. ----------- عضو هيئة التدريس بجامعة عمر المختار بليبيا