بعد مرور نحو مائة وأربعين عاماً على وقوف الأسود الأربعة الشهيرة لكوبرى قصر النيل لحراسته فى ثبات وصمت، وافقت اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية برئاسة د. مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار منذ أيام، على تسجيل كوبرى قصر النيل والأسود الأربعة فى عداد الآثار الإسلامية والقبطية. الفضل فى وجود الأسود يرجع إلى الخديو إسماعيل، حيث كلف «شريف باشا» ناظر الداخلية فى أبريل 1871 بالاتصال بالخواجة «چاكمار» لعمل 4 تماثيل واقترح «چاكمار» بدوره أن تكون تلك التماثيل متوسطة الحجم، وكلف لجنة من المثال «أوجين جليوم» والمصور «چان ليون» لتتولى مهمة الإشراف على صناعة التماثيل. وخصص مبلغ 198 ألف فرنك للإنفاق على المشروع. تم تصنيع التماثيل من البرونز فى فرنسا ونقلت إلى الإسكندرية، ومنها إلى موضعها الحالى على مدخلى كوبرى قصر النيل. وبعدها التصق اسم «أبوالسباع» بالخديو «إسماعيل» كنية لكل من يحمل هذا الاسم. أما قصة إنشاء كوبرى قصر النيل فقد بدأت مع تفكير الخديو «إسماعيل» فى إنشاء جسر يربط بين ميدان الإسماعيلية (التحرير حالياً) والضفة الغربية من النيل بمنطقة الجزيرة اقتداء بمدن أوروبا التى تربط الجسور بين ضفافها. وبدأ العمل بشكل جدى فى إنشاء الكوبرى عام 1869، وتم إسناد المشروع لشركة «فيف- ليل» الفرنسية. وبلغت تكلفة المشروع حوالى مليونين و750 ألف فرنك أو ما يعادل 108 آلاف جنيه مصرى. وتم تأسيس دعائم الكوبرى من الدبش المحاط بطبقة من الحجر الجيرى الصلب، كما تم تنفيذ الأساسات بطريقة الهواء المضغوط. وصممت فتحات الكوبرى كى يمكنها حمل 40 طناً والسماح بعبور عربات متتابعة وزن كل منها 6 أطنان أو تحمل أوزانا ضخمة موزعة على جسم الكوبري. وبلغ ارتفاع جسم الكوبرى عن سطح النيل حوالى 10 امتار تحسبا للفيضان. لم يكن العبور على الكوبرى عند إنشائه مجانيا، حيث أصدر الخديو مرسوماً يقضى بوضع حواجز على مدخلى الكوبرى لدفع رسوم عبور نشرت تفاصيلها فى جريدة الوقائع المصرية بتاريخ 27 فبراير 1872 بعد مرور 17 يوما من افتتاح الكوبرى. وكان الهدف من فرض تلك الرسوم هو أن تستخدم لتغطية تكاليف الصيانة، وبلغت الرسوم قرشين للجمل المحمل وقرشا واحدا للجمل الفارغ والخيول والبغال المحملة قرشا و15 بارة وكذلك الأبقار والجاموس (كانت قيمة البارة تقدر بربع المليم)، وعربات الركوب قرشين للعربة المحملة وقرشا للفارغة وعربات الكارو 3 قروش للمحملة وقرشا واحدا للفارغة والأغنام والماعز 10 بارات للرأس الواحدة. أما البشر فكانت رسوم العبور للرجال والنساء «فارغين وشايلين» 100 فضة، أما الإعفاء الوحيد فكان للأطفال دون سن ست سنوات من المارين مع أقاربهم.