أسقف نجع حمادي يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد اللجان الامتحانية بالمعهد الفني للتمريض    محمود حميدة: طارق النبراوي يفهم معنى العمل العربي المشترك وقادر على رسم المستقبل    بتكلفة 17 مليون جنيه.. محافظ المنيا يفتتح أعمال تطوير مدرسة "النور للمكفوفين"    محافظ أسوان يترجم شكاوى المواطنين إلى حلول فورية بتدخلات عاجلة    ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه فى البنوك المصرية الآن    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 285 جنيهًا خلال أسبوع    خاص| لماذا اتخذت إسرائيل قرارًا بالاعتراف ب«أرض الصومال»؟.. «5 أهداف إستراتيجية»    وليد الركراكي: أشرف حكيمي مثل محمد صلاح لا أحد يمكنه الاستغناء عنهما    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    انطلاق مباراة البنك الأهلي وإنبي بكأس مصر    مباشر أمم إفريقيا - الجابون (0)-(0) موزمبيق.. صاروخ مبكر    الزمالك يصل ملعب مباراته أمام بلدية المحلة    وزارة الصحة تؤكد: لا تهاون في استغلال معاناة مرضى الإدمان    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان جرجا    وزارة الصحة: غلق مصحة غير مرخصة بالمريوطية وإحالة القائمين عليها للنيابة    وكيل تعليم أسيوط يتفقد مدرستى 30 يونيو الرسمية والجهاد الابتدائية بحى غرب    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    «العيال فهمت» على مسرح ميامي احتفالا برأس السنة وعيد الميلاد| صور    وصول جثمان المخرج داود عبد السيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    رحيل أسطورة الشاشة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر 91 عامًا    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حينما نزل الغيث ؟!    البدء في تشغيل الكارت الموحد في صرف السلع التموينية والخبز ببورسعيد    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر تجدد اتفاق تمويل مع بنك البركة بقيمة 90 مليون جنيه    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    «الإسكان» تحدد موعد القرعة الجديدة لأراضي منطقة الرابية بمدينة الشروق    وصول جثمان المخرج داوود عبدالسيد إلى كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة    مي كساب تبدأ تصوير مسلسل «نون النسوة» استعدادًا لرمضان 2026    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    موجة من التقلبات الجوية تضرب الإسكندرية.. ورياح شديدة وارتفاع أمواج البحر    الداخلية تقضي على بؤر إجرامية بالمنوفية وتضبط مخدرات بقيمة 54 مليون جنيه    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بريطانيا وألمانيا توقعان صفقة أنظمة مدفعية متنقلة ب70 مليون دولار    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    «ليمتلس ناتشورالز» تعزز ريادتها في مجال صحة العظام ببروتوكول تعاون مع «الجمعية المصرية لمناظير المفاصل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الصحة: الشيخ زايد التخصصي يجري قساطر قلبية معقدة تتجاوز تكلفتها مليون جنيه على نفقة الدولة    أمم أفريقيا 2025.. تشكيل بوركينا فاسو المتوقع أمام الجزائر    وزير الصناعة يزور مقر سلطة الموانئ والمناطق الحرة في جيبوتي ويشهد توقيع عدد من الاتفاقيات    مد غزة ب7400 طن مساعدات و42 ألف بطانية ضمن قافلة زاد العزة ال103    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    العراق يتسلم 6 مروحيات "كاراكال" فرنسية لتعزيز الدفاع الجوي    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    أول تعليق من حمو بيكا بعد انتهاء عقوبته في قضية حيازة سلاح أبيض    كيف ينتج تنظيم الإخوان ازدواجيته.. ثم يخفيها وينكرها؟    2025.. عام المشروعات الاستثنائية    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    2026 .. عام الأسئلة الكبرى والأمنيات المشروعة    شريف الشربيني يشارك في اجتماع لجنة الإسكان بمجلس الشيوخ اليوم    لافروف: القوات الأوروبية في أوكرانيا أهداف مشروعة للجيش الروسي    عبد الفتاح عبد المنعم: الصحافة المصرية متضامنة بشكل كامل مع الشعب الفلسطينى    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إياد أبو شقرا يكتب : عصر الواقعية.. محل «هامش الطمأنينة»
نشر في الوفد يوم 01 - 05 - 2016

أحسب أن قلة ضئيلة من الأميركيين والأوروبيين سمعت عن وائل الحلقي، وليست
أكثر منها بكثير نسبة العرب الذين سمعوا به وعرفوا عنه. إن الدكتور الحلقي،
لمن يهمه الأمر، هو رئيس حكومة النظام السوري، وكان قبل بضعة أسابيع قد
أدلى بتصريح أعلن فيه بدء العد العكسي لاحتلال مدينة حلب.
النفوذ السياسي والعسكري للدكتور - الرئيس، في نظام شخصاني وعائلي وأمني
كنظام دمشق الذي يخدمه، محدود جدًا إن لم نقل معدومًا. وبالتالي، فما «كشف»
عنه لجهة نية النظام احتلال حلب أتى وفق المثل السائر في بلاد الشام
«اعرفوا أسرارهم من صغارهم». أما لماذا تُرك أمر هذا التصريح – التلميح له
بدلاً من صدوره عن أصحاب القرار الفعلي في سوريا فمسألة تستدعي التفكير الجاد.
على أي حال، ما حدث ويحدث في حلب، ثاني كبرى مدن سوريا وثاني أقدم حواضر
العالم، يبدو الآن جزءًا مهمًا من الاستراتيجية - المؤامرة المعدّة لسوريا
والعالم العربي، كل العالم العربي. وإلا لما كانت المدينة قد استثنيت عمدًا
من «الاتفاق» الروسي – الأميركي على هدنة تساعد على تسريع تطبيق الشق
السياسي من هذه الاستراتيجية. ذلك أن الهدنة المتفق عليها بين موسكو
وواشنطن تشمل غوطة دمشق ومحافظة اللاذقية، وهما منطقتان يشكل صونهما
والمحافظة على خطوط الفصل فيهما مسألة حيوية لبقاء النظام.
موضوع حلب في الحسابات الدولية مختلف تمامًا، وذلك لاعتبارات كثيرة لكل
اللاعبين الأساسيين في الملعب السوري، أهمها اعتباران: الاعتبار الأول أنها
أقرب حاضرة سوريا كبرى لتركيا، وكانت مع المناطق المحيطة بها تضم أكثر من 4
ملايين نسمة، ويشكّل التركمان والأكراد والعرب السنّة غالبية سكان ريفها.
وبالتالي، من أجل ضمان مستقبل «سوريا المفيدة» وعزل تركيا عن العمق العربي
السنّي، كما تريد كل من إيران وروسيا، لا بدّ من تهجير نسبة عالية من
التركمان والعرب السنّة.
والاعتبار الثاني، وهو مُكمل جغرافيًا وديموغرافيًا لسابقه، يقوم على بناء
قطاع جغرافي كردي يفصل تركيا عن الشمال السوري، من شأنه فتح المجال مستقبلاً
أمام إمكانية تأمين منفذ بحري على المتوسط ل«كردستان الكبرى» إذا ما قررت
واشنطن مواصلة سياسة الرئيس باراك أوباما القائمة على الاستثمار في
الأكراد، إلى جانب اعتماد إيران «شريكًا» استراتيجيًا للولايات المتحدة في
الشرق الأوسط.
وهكذا، فإن تغيير هوية حلب، وإعادة رسم جغرافية الشمال السوري، هما الهدف
من المجازر التي ارتكبها النظام بدعم عسكري روسي – إيراني وغطاء سياسي
أميركي. وهذا يحمل تحديات كبرى ليس للسوريين فحسب، بل لكل العرب من المحيط
إلى الخليج. هي – على الأرجح – لن تخفت أو تزول في المستقبل المنظور.
هذه التحديات الخطرة تمتد اليوم من المغرب، حيث أعادت شخصيات مقرّبة من
البيت الأبيض فتح ملف الصحراء، متعمّدة إحراج «الحليف المغربي» واستفزازه
وابتزازه، إلى منطقة الخليج واليمن حيث تتدخّل إيران وتزرع التوتر، مرورًا
ب«الهلال الخصيب» الذي باتت إيران تحتله فعليًا برضى دولي. ومن هنا بات
مطلوبًا أكثر من أي وقت إطلاق مقاربات واقعية تتعاطى مع حقائق السياسة
والاقتصاد والأمن من دون أوهام.
أول الغيث كان في المملكة العربية السعودية مع إعلان «الرؤية 2030» التي
تشكّل أهم تصوّر متكامل يخطط للمستقبل ويتحسّب لتطوراته الإيجابية والسلبية،
وينطلق من أرض الواقع بعيدًا عن «هامش الطمأنينة» الذي ركنت إليه عدة دول
عربية خلال نصف القرن الأخير لتكشف في ما بعد، أنه باهظ التكلفة. والمنطق
يقول إن الدول لا تختار مواردها الطبيعية ولا جيرانها، لكنها تستطيع – بل
واجبها – بناء أولوياتها الاقتصادية والتنموية والسياسية والأمنية، في ظل
إدراكها ما لها وما عليها، ومن هو الصديق ومن هو العدو، وأي جار يمكن
تحييده، وأيهم يتحتم كسبه، ومن منهم يتوجب الحذر منه.
ولقد قيل الكثير خلال السنوات القليلة الماضية في محاولة تفسير سياسات
إدارة أوباما إزاء قضايا العرب والشرق الأوسط، ولا سيما الانفتاح على
إيران. ومن ثم، ما استتبع ذلك من مواقف حيال الثورة السورية، والتوتر السنّي
– الشيعي الذي غذته طهران واستثمرت فيه منذ 1979، والتعايش مع الطموحات
الروسية في شرق المتوسط. وكان بين التفسيرات المطروحة تناقص أهمية نفط
الخليج بعد ظهور ثروات طاقة بديلة، وتزايد أهمية منطقة الشرق الأقصى ولا
سيما الصين اقتصاديًا وأمنيًا، وتغيّر المزاج الشعبي الأميركي من «المغامرات
الخارجية».
هذه التفسيرات لا تخلو من الصدق... فكيف يكون التعامل الحكيم معها؟ التعامل
الحكيم كان لا بد أن يقوم: أولاً على المكاشفة والمصارحة. وثانيًا: على
الاعتماد على النفس. وهذا ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية، بما في
ذلك مشاركة الرئيس الأميركي نفسه في قمة دول مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة
السعودية الرياض، التي لعبت وما زالت تلعب عدة أدوار محورية في الملفين
الساخنين اليمني والسوري.
الثابت أن الكلام الإيجابي الذي ورد رسميًا عن حصيلة لقاء أوباما بالقادة
الخليجيين كان متوقعًا، غير أن الجانبين الخليجي والأميركي يتفهّمان تمامًا أن
أي علاقة «صداقة» أو «تحالف» تحتاج بين الفينة والفينة إلى «صيانة». وما
صدر عن واشنطن خلال السنتين الأخيرتين، وصولاً إلى ما بات يوصف ب«عقيدة
أوباما»، لم يأت مصادفة أو في مناسبة عابرة، بل على العكس، جاء معبّرًا عن
قناعات فكرية عميقة عند الرئيس أوباما أسهمت في رسم «منظومة مُثل» عنده
تتجاوز الكلام الدبلوماسي المنمّق.
في المقابل، من السذاجة أن تتصوّر واشنطن أن العالم العربي، وبالأخص الدول
الخليجية وعلى رأسها قادتها، ما زال عاجزًا عن قراءة الحقائق والمتغيرات.
فالحقيقة أن في العالم العربي، وبالذات، في دول الخليج الواقعة على مرمى
حجر من إيران، ذاكرة سياسية قوية وغريزة سياسية قوية لا يتفوّق عليهما سوى
اللباقة والصبر الجميل.
وبانتظار نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، عندما يُنتخب رئيس أميركي جديد، لا
بديل عن الواقعية والاعتماد على النفس.. أما «هامش الطمأنينة» فقد بات ضررُه
أكبرَ من نفعه.
نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.