هناك دائمًا ردود جاهزة عند أهل الفن، عندما تتناول أعمالهم ويعتبرون من ينتقد فيلمهم إنساناً ضيق الافق، ولا يفهم فى السينما الحديثة أو الرمزية فى بعض الأحيان والمثير للدهشة عندما تتوقف أمام الأسماء الموهوبة فى عالم الإخراج، مثل داود عبدالسيد ويسرى نصر الله ومحمد خان وأفلامهم فى الفترة الأخيرة تجد لجوءهم لسينما الصورة التى تعتمد على التحرر والجرأة تحت ستار سينما مختلفة وتجد ردودهم ممزوجة بالتعالى أحياناً والنتيجة إيرادات مضحكة تعكس مستوى الإقبال الجماهيرى. وفيلم «قبل زحمة صيف» آخر أعمال المخرج محمد خان طرح فى دور العرض السينمائى منذ أكثر من شهر، ولم يحقق أى إيرادات تكشف عن قوة الفيلم جماهيريًا وفنيًا وأكبر مثال على نرجسية المخرج الذى أكد أنه قدم عملاً سينمائيًا مختلفًا وحالة عاشها بشكل بسيط. وواقعى وأنه لا يسىء للمرأة المصرية والعمل لا يخرج عن إطار الحالة الخاصة التى قدمها ورفض أن يكون الفيلم يرمز لواقع معين أو إسقاط على ما يجرى وعند مشاهدة الفيلم تجد الأحداث كلها مبنية على رموز وإسقاطات تتوارى خلف مشاهد الفيلم ومع ذلك ينكر «خان» أنه امتهن المرأة، وأنه يرفض الرمزية فى أعماله، ولا يتعالى على الجمهور. الفيلم يرصد حياة سيدة مطلقة، هنا شيحة، تهرب من واقعها لشاليه تمتلكه فى الساحل وتتعرف على طبيب، ماجد الكدوانى، وأسرته وعامل الحديقة أحمد داود، الذى لم يستغل الفيلم قدراته كممثل، ويأتى لها عشيقها، ممثل ثانوى، وتمارس معه العشق، ثم يتركها من أجل سيدة أخرى. كل مشهد فى الفيلم له دلالة، مثلاً الطبيب الذى هرب للساحل بعد تورط المستشفى الذى يشارك فيه فى عمليات جراحية مشبوهة، وهى قضية كبيرة حلها «خان» فى آخر مشهد، حيث قدم فيه المخرج خيرى بشارة و«الكدوانى» فى حوار قصير، قال فيه «القضية اتحلت»، وهنا يقصد أن كل شىء فى البلد جائز، ويترك «جمعة» أو أحمد داود القرية بحثًاً عن عمل آخر، بعد أن خذله من كان يخدمهم من سكان القرية السياحية لأنه مجتمع لا يفكر سوى فى مصلحته. الفيلم كان بحاجة لبعض العمق فى السيناريو الذى كتبته غادة شهبندر ليواكب الصورة الرائعة ل«خان» مع الموسيقى التصويرية المتميزة، لكن «خان» قدم حالة عاشها ولم يشغله العمق الدرامى أو قضية أو بشكل آخر لم يقدم سوى صورة استغل فيها جسد هنا شيحة، وإفيهات الكدوانى. وهو بالنسبة لهنا نقلة فنية فى مشوارها من مجرد فنانة تلعب دوراً ثانياً فى الدراما والسينما إلى بطولة مطلقة بفيلم يحمل اسم خان، لذلك لم تفكر كثيرًا فى المظهر، رغم كونها ممثلة جيدة ما زال لديها الكثير فى جراب موهبتها ونجحت الممثلة الواعدة «لما»، التى قامت بدور زوجة الكدوانى أن تحقق حضورًا وقبولاً فى الفيلم وتمثيلاً أيضًا، بينما قالت «هنا» عن الفيلم إنه عمل كبير مع مخرج عظيم، واستفادت «هنا» من اسم «خان» وحالة الجدل التى أثيرت حول الفيلم، وبالتأكيد أن «خان» اختارها بعناية، لكن الفيلم هو أقل محطات سينما «خان» رغم دفاعه عن الفيلم. أصبح من غير المنطقى أن تتوقف موهبة داودعبدالسيد عند قدرات نجلاء بدر غير العادية وتتوقف موهبة خان عند مايوه هنا شيحة، حتى لو كان يقدم فيلماً روائياً، وليس فيلماً تسجيلياً عن قرية سياحية بالساحل. نحن هنا لا نعترض على «مايوه هنا»، فربما يكون هو المشهد الأوقع فى الفيلم، لكننا بصدد مخرج كبير أصبح يعانى من العظمة والكبرياء الفنى وعلينا ان نقبل بنظريته السينمائية ولا نفضح مقاصده التى يخشى الحديث عنها صراحة، ولكن كان يجب أن يكون صاحب موقف واضح فى الفن والحياة كعادة كبار الموهوبين فى العالم.