لم أعد أفهم ما هو دور الأمن فى مباريات كرة القدم وكيف تدخل الجماهير الى المدرجات ومعها الطوب و الزجاجات الفارغة والشوم والأسلحة البيضاء والصواريخ والشماريخ ولا يخضعون لأى نوع من أنواع التفتيش على الأبواب! والأغرب أن هؤلاء المشاغبين الذين دخلوا المدرجات بمجرد أن تبدأ المباراة يبدأون فى البلطجة والتجاوز والخروج على النص فتجد الكراسى تطير والمستطيل الأخضر تتساقط عليه الحجارة وسط حالة من الرعب والهول من لاعبى الفريقين والحكم ومساعديه، ولا تملك إلا أن تضع يدك على قلبك وتردد «ربنا يستر»، وبدلا من أن تستمتع بمباراة فى كرة القدم ونجوم اشترتهم الأندية بالملايين تجد نفسك فى لهفة انتظاراً لصافرة حكم المباراة حتى ينهى المعركة الحربية بأقل عدد ممكن من الإصابات والخسائر المادية. المدهش أنك تجد رجال الأمن فى الملعب «لا حول لهم ولا قوة» ينتظرون مثلنا تماما انتهاء الموقف رغم أنهم يشاهدون المشاغبين يتمادون فى تصرفاتهم الإجرامية غير المبررة، والقيادات تتبادل الحديث عبر أجهزة اللاسلكى والجماهير تقفز بمنتهى الهمجية من مدرج لآخر والطوب فى كل مكان والرؤوس كلها مهددة ومعرضة للإصابة، ورجال الشرطة يتابعون فقط لدرجة أننى تخيلت أن شعار الشرطة قد تغير كما تغيرت أشياء كثيرة وأصبح «الشرطة فى خدمة الشغب»، بدلا من «خدمة الشعب»!! وأخشى أن يفهم البعض كلامى على أنه تحريض على الجماهير ودعوة لأن تستخدم الشرطة وسائل مبالغ فيها فى تعاملها معهم، ولكنها دعوة لأن ينال المشاغب جزاء رادع وتحكم الشرطة قبضتها عليه، أما المتفرج المحترم الذى دفع ثمن تذكرة دخول المباراة أهلا وسهلا به، وعلى الشرطة احترامه وتأمينه لأن هذا هو دورها الحقيقي. ولا يعنى كلامى عدم تقدير لرجال الأمن الذين تنخلع قلوبنا مع كل شهيد منهم يسقط وهو يطارد خارج على القانون أو هارب من تنفيذ حكم أو مهرب مخدرات أو سلاح، لهم دور محترم ومقدر ولا نغفله أبدا، ولكن رجال الأمن المكلفين بتأمين المباريات عليهم بذل جهد أكبر وتضحيات أكثر لأن «ضبط النفس» مع المشاغبين هو «إزهاق للنفس» ونوع من التسيب الذى سيؤدى لكوارث إذا لم يؤدوا دورهم كما يجب وبدون تجاوز مع المواطن الملتزم المحترم الشريف.