أرسان ثقال رانت على قلب مصر ليلة أحداث الأحد الدامي، وكأنها الرواسي من الجبال؟! إراقة دماء الأبرياء، لن يغفرها الله لهذه الطغمة الحاقدة الآثمة التي كادت أن تحرق باثمها الوطن كله، وأرادوا أن يضربوا على عود الفتنة الطائفية، والفتنة الطائفية من جريمتهم، وجريرتهم براء.. فلم تكن مصر هكذا يوماً من الأيام؟! يحدثنا التاريخ - القريب - أنه عندما قررت وزارة عدلي يكن رفت «صادق بك حنين» لأنه نقد ما جاء باحدى خطب رئيس الوزراء فتألفت لجنة - عقب ذلك - من القضاة ووكلاء النيابة ورجال التعليم من المسلمين والأقباط لتكريمه على موقفه الوطني، ونشرت الصحف وفي مقدمتها «جريدة النظام» الخطب التي ألقاها سعد زغلول ووليم مكرم عبيد وسلامة ميخائيل في حفل التكريم يوم 19 يونيو 1921 أراد البعض أن يضيفوا الصليب الى جانب الهلال رمزاً للاتحاد والوئام اللذين سادا بين عنصري الأمة في خضم الثورة بيد أن الجميع عارض ذلك لأنه دليل على وجود العناصر المختلفة أو المتعددة وليس ثمة في مصر من عناصر الا الشعب المصري فقط. وكان الكاتب الكبير سلامة موسى قد دعا الى تعميم اطلاق اسماء الاشخاص على المسلمين والمسيحيين على السواء مما يؤكد الاندماج الاجتماعي قائلا: إن التمييز في الأسماء لم يحدث إلا في بلادنا فإن «زينب، وهند، وحسن، وحسين» من أسماء النصارى في سوريا، وكان في جزيرة العرب أسقف اسمه محمد، وإن الأتراك يتسمون باسماء نصرانية مثل اسكندر ولا يجدون حرجاً في ذلك؟! وما قاله الأستاذ «موسى» طالعه كاتب هذه السطور في كتيب للمرحوم الأستاذ «عزيز خانكي» بعنوان «نزعة الأسماء» دون فيه مثل ما ذكر الأستاذ «موسى». وقد أينعت الدعوى الى توحيد عنصري الأمة فيما نشر - آنذاك - من أن القبطي صالح ميخائيل كان قد أقام دعوى ضد الشيخ المسلم عبد المعطي علي وغداة وقوفه أمام قاضي المحكمة قال للقاضي: إنني أتنازل عن قضيتي تأكيداً للأخوة المتبادلة بيني وبين الشيخ عبد المعطي؟! فإنما نحن أبناء وطن واحد. ونشرت جريدة النظام 12 مايو 1922 أن رزق كامل عثمان من أعيان المسلمين في أبي قرقاص رُزق بمولود ذكر أسماه «وليم مكرم عبيد» تيمناً باسم المجاهد الوطني الكبير الذي نفى مع سعد، وكان يطلق عليه اسم «ابن سعد زغلول»؟ وعند استقالة وزارة محمد سعيد باشا نتيجة المعارضة الوطنية التي واجهتها من تعمد «اللورد اللنبي» إلى اختيار «يوسف وهبة» الوزير القبطي في الوزارة المستقلة رئيساً للوزارة الجديدة، ردت لجنة الوفد على ذلك بانتخاب «مرقص حنا» نائباً لرئيسها الذي اعتقلته السلطات العسكرية البريطانية سداً لمحاولات إثارة الفرقة بين جناحي الأمة. وقبيل إعلان تأليف الوزارة في 21 نوفمبر 1919 حضر لفيف من الأقباط إلى الكنيسة المرقسية الكبرى واحتجوا جميعاً على تعيين يوسف وهبة رئيساً للوزراء وأظهروا امتعاضهم لذلك لا لشىء سوى أن اللنبي هو الذي عين «وهبة» في منصبه ذاك. وفي 15 ديسمبر 1919 ألقى «عريان يوسف سعد» الطالب بكلية الطب قنبلتين على سيارة رئيس الوزراء وهو يهتف «ليحيا الوطن» وحكم عليه في 19 يناير 1920 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة عشر سنوات. وعندما نص الانجليز في تصريح فبراير 1922 على حماية بريطانيا لصالح الأجانب «والأقليات المسيحية» احتج المسيحيون على ذلك لأنه لا توجد في مصر «أكثرية أو أقلية» فتلك في اعتقادهم فرية «مجنونة» مجتها الآذان، ونبذتها الأذهان. وعلقت صحيفة «الليبرتيه» الفرنسية.. كما أثبت الدكتور رمزي ميخائيل ذلك بين دفتي كتابه الرائع عن ثورة 1919 قائلة: إن المسلمين نالوا الاستقلال بمقتضى تصريح 28 فبراير 1922 أما الأقباط فقد حرموا منه لوضعهم تحت الحماية البريطانية؟! كتب الدكتور وسيم السيسي في مقال له في «المصري اليوم» في 15-10-2011 أن عالمة الجينات «مارجريت كندل» قد أثبتت أن الضفائر الجينية بين المسلمين والأقباط واحدة في حوالي 97٪ منهم.. وهذه الضفائر الجينية هي جينات الفراعنة. ويا أيها الذين تسعون في الأرض فساداً، وتبغون قطع وشائج القرى بين المسلمين والأقباط، اذكروا دائما قول «عثمان بن عفان» الخليفة العادل رضى الله عنه وهو يوصي الولاة، قائلاً لهم: «إن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة وليسوا جباة، وإلا انقطع الحياء، والأمانة والوفاء.. انظروا أمور المسلمين وأمور المسيحيين فأعطوهم مالهم وخذوا ما عليهم.