برحيل الفنان سيد زيان فقدت مصر أهم نجم كوميدى فى مصر والعالم العربى وأحد معالم المسرح المصرى فى نصف القرن الأخير، حيث قدم الفنان الراحل مجموعة كبيرة من العروض المسرحية مع كبار نجوم المسرح، فؤاد المهندس وشويكار وأمين الهنيدى وحسن مصطفى وميمى جمال. أعماله أضافت الكثير للمسرح وأيضاً فى مجال السينما قدم عشرات الأفلام، وأعمالاً تليفزيونية قليلة محفورة فى وجدان الملايين. كان بحق فناناً كبيراً وموهبة مختلفة فى الأداء التمثيلى. ظهر فى النصف الثانى من ستينيات القرن الماضى، من خلال دوره فى مسرحية «سيدتى الجميلة» مع فؤاد المهندس وشويكار وحسن مصطفى، كان يعمل قبل ذلك فى المسرح العسكرى، حيث جسد دور شاب يعيش على الهامش وسط شلة منحرفة بشكل كوميدى، استطاع فى هذا الدور إثبات وجوده ولفت الأنظار إليه بشدة، حيث كانت الساحة مليئة بعمالقة ونجوم الكوميديا فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى ومحمد عوض وعادل إمام وأمين الهنيدى وعبدالمنعم إبراهيم والثلاثى سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد وغيرهم. امتلك الموهبة، وأيضاً الصوت المعبر الجهورى الذى جعله أكثر قدرة على تجسيد جميع الشخصيات، والتحق بالعمل فى فرقة الفنانين المتحدين، وانطلق النجم الشاب وقتها فى عالم السينما والمسرح ليشارك فى بطولة مجموعة كبيرة من الأفلام والمسرحيات، وغلب على معظمها الطابع الكوميدى. فى مجال السينما شارك فى بطولة مجموعة كبيرة من الأفلام، نذكر منها «مدرسة المشاغبين» 1973 جسد من خلاله شخصية «مرسى» التى جسدها بعده سعيد صالح فى المسرحية، وفى نفس العام شارك نادية الجندى بطولة فيلم «بمبة كشر»، وأدواره الكوميدية فى أفلام «بنت اسمها عصمت» و«البنات والمرسيدس» و«عماشة فى الأدغال» و«نصف دستة مجانين» و«بدون زواج أفضل» و«أريد حلاً». والفيلم الوطنى «أبناء الصمت»، و«عجايب يا زمن» مع يحيى شاهين وهند رستم، وفى فيلم «المتسول» عام 1982 قدم دوراً متميزاً مع عادل إمام، حيث جسد شخصية صائد الفقراء فى الشوارع ليلحقهم بعالم التسوق، فى شكل كوميدى معبر عن الواقع لعالم التسول لأقصى درجة والشكل الواقعى لكيفية تحويل الصعاليك والفقراء إلى متسولين. كما جسد فى فيلم «البيه البواب» مع أحمد زكى 1988 شخصية «المستكاوى» النصاب والصعلوك الذى يسعى للثراء بكل الطرق غير المشروعة ليسقط فى النهاية فى قبضة الشرطة. كما جسد فى الفيلم التليفزيونى «الوزير جاى» 1989 شخصية «السالك» الفراش داخل المؤسسة الحكومية الذى يستغل الجميع للحصول على المال فى إشارة لصفاته الشخصية، عبر بشكل واقعى عن شخصية واقعية. وفى فيلم «عفواً أيها القانون» جسد شخصية الزوج المنحرف الذى يتسامح فى خيانة زوجته من أجل تحقيق مكاسب مادية مع محمود عبدالعزيز ونجلاء فتحى وهياتم. كما قدم أدواراً متميزة فى أفلام «الجراج» مع نجلاء فتحى وفاروق الفيشاوى، و«كروانة» و«ليلة ساخنة» مع لبلبة، وإخراج عاطف الطيب، و«الكداب» مع محمود ياسين عام 1976. ولا ننسى أيضاً دوره المتميز فى الفيلم التليفزيونى «استقالة عالمة ذرة» مع سهير البابلى وأبوبكر عزت فى دور السباك وكيف أصبح من أثرياء المجتمع، ويتفوق حتى على أستاذ الجامعة، وذلك فى عصر طغى فيه الحرفيون على الساحة بشكل كبير، الفيلم إنتاج 1979. وفى مجال المسرح قدم عدداً كبيراً من المسرحيات الناجحة جداً، أبرزها «العسكرى الأخضر» التى ظهر خلالها لأول مرة الفنان محمد هنيدى، ويعتبر الفنان الراحل سيد زيان هو مكتشف محمد هنيدى، بالإضافة لمسرحيات «البراشوت» و«القشاش» و«أبوزيد» و«واحد ليمون والتانى مجنون» و«خد الفلوس واجرى» و«الغبى وأنا» و«سائق التاكسى»، عبر من خلال هذه المسرحيات عن أحوال المجتمع فى حقبتى الثمانينيات والتسعينيات، فى قالب ساخر، وتميزت تلك الحقبتان بانتعاش هائل فى مسرح القطاع الخاص. وفى مجال الدراما التليفزيونية قدم أعمالاً قليلة نسبياً، لعل من أبرزها دوره فى مسلسل «الراية البيضاء» مع الراحلة سناء جميل، ومسلسلات «المال والبنون» و«عمر بن عبدالعزيز» و«حمودة الفنجرى». الفنان الراحل سيد زين ترك بصمة فى ذاكرة المشاهد.. كان الفنان الراحل غزير الإنتاج، خاصة فى حقبة الثمانينيات. عانى الفنان الراحل من المرض فى السنوات الأخيرة، جعله غير قادر على العمل، عاش ما يشبه المأساة، ذلك الفنان الذى زرع البسمة على شفاه الملايين، لكنه رحل حزيناً بعد أن أقعده المرض. كل من شاهده كان يشعر بأن سيد زيان شخصية مصرية أصيلة، جسد حتى النماذج السلبية فى المجتمع كأروع ما يكون.