جناحا أمان أي دولة جيش وطني قوي يحمي حدودها ضد أي اعتداء خارجي يهدد أمنها القومي، وجهاز شرطة قوي يضبط بأجهزته المختلفة حركة الشارع في إطار سيادة القانون ويحمي الجبهة الداخلية ضد كل ما يهدد أمنها ويظل الجيش ملاذاً أخيراً يتدخل في حالة عجز الشرطة عن أداء دورها لأي سبب من الأسباب الطارئة الجسيمة ولكن لفترة محدودة يسلم بعدها السلطة للجهاز المختص ويعود لثكناته يؤدي دوره الأهم وهو حماية البلاد كلها بكل أجهزتها.. ولكن ما حدث منذ 25 يناير حتي الآن يجعلنا لا نكف عن التساؤل أين جهاز الشرطة؟.. وبعد أحداث يوم الأحد الأسود أصبح التساؤل أكثر إلحاحاً ومثيراً للقلق إلي حد الفزع من أن مصر مقبلة علي فوضي عارمة تهدد كيان الوطن ومؤسساته ومخطط يستهدف إسقاط الدولة وانهيارها لصالح قوي خارجية وعملاء داخليين تحالفوا علي ذلك واقتنصوا الفرص المتتالية لكي يلعبوا بحرية في ملعب مفتوح ساعد علي عدم انضباطه مطالب إنسانية ملحة لقطاعات عريضة من الشعب في محاولات مستميتة لتدارك ظلم دام ثلاثين عاماً، وأهداف ثورية لم يتحقق منها سوي القليل في ظل حكومات متعاقبة أدارت شئون البلاد بنفس الإيقاع البطئ والمحبط لنظام مبارك الذي اعتمد علي مبدأ «ديمقراطية الصراخ». لا يمكن أن يستمر الانفلات الأمني الذي خططه ودبر له نظام فاسد فتهاجم أقسام الشرطة ويهرب المجرمون ويتم إرهاب القضاة وتحطيم قاعات المحاكم وتفشي السرقة بالإكراه في عز النهار واقتحام المساكن في بعض مناطق العاصمة واختطاف المعارضين والانتقام الشخصي من الخصوم بالقتل أو الترويع، ثم أخيراً الاندساس بين الشرفاء من المتظاهرين السلميين لتحويل كل مظاهرة إلي مجزرة ومواجهة بين الشعب وجيشه في محاولات متكررة لنسف الاستقرار والأمن والأمان الذي نحتاجه لإعادة بناء الخرابة الكبيرة التي خلفها وراءه نظام مبارك باقتصاد مهلهل ومظالم تعجز عن ردها إمكانات الدولة بشكلها الحالي ومستوي معيشة لا يصل إلي حد الكفاف لثمانين بالمائة من الناس ورموز فساد معروفين بولائهم وانتمائهم للنظام السابق لا يزالون يحتلون مواقعهم في مؤسسات حيوية للدولة ويتقاضون مئات الألوف مرتبات ومخصصات ويسهمون في تخريب الاقتصاد وانهيار الدولة مستغلين مواقعهم الحساسة، في رأيي أن الجيش بقبوله المواجهة مع المعتصمين في أحداث ماسبيرو قد ورط نفسه في عمل ليس من اختصاصه، وانتظرت أن أسمع كلمة عن دور الشرطة التي انسحبت من الموقع ولم تقم بواجبها في حفظ الأمن ومواجهة البلطجية الذين حولوا مظاهرة سلمية إلي مذبحة والقبض عليهم لمحاكمتهم ومعرفة من يقفون وراءهم وتحديد حجم المخطط الذي يستهدف مصر والعملاء المتورطين في ذلك داخلياً وخارجياً.. أصبح الناس بعد ذلك يتطلعون إلي الجيش لحماية أقسام الشرطة والقبض علي المجرمين ومهربي السلاح والخارجين علي القانون والهاربين من السجون ومقتحمي المنازل والمختطفين وليس هذا بالقطع كما قلنا هو عمل الجيش. وأبادر فأقرر أن ما أقول لا يمكن أن ينال من الأداء المتميز لكثير من ضباط الشرطة وبعض أجهزتها وإن كانت البطولات التي يقومون بها تدخل في إطار أدائهم واجبهم.. ضباط ضحوا بأرواحهم لإنقاذ مختطفات، والقبض علي تجار مخدرات، وملاحقة البلطجية، واستعادة المسروقات ولكن الشكر واجب لحرصهم علي ذلك في ظل ظروف تغري بالهروب من المسئولية والمحاسبة.. وأنا شخصياً لي مع الوزير الحالي تجربة مشرفة وقت أن كان مديراً لأمن القاهرة ولا أشكك في كفاءته وقدرته، ولكن ذلك لا يمنعني بكل الموضوعية أن أطالبه إما بأن يملأ الفراغ الأمني الحادث حالياً بالشارع المصري أو يستقيل بكرامته حفاظاً علي تاريخه وسجله، انتشار الشرطة لا يمكن أن ينحصر في تواجد شرطي في الشارع يركز علي مخالفات المرور وحوادثه، كما كان يحدث في الماضي، ولكن في تواجد مهيب يخيف الخارجين علي القانون ويردعهم. ولكي لا يكون ما أطرحه مجرد تكرار لهم وانزعاج قومي وعام ردده غيري في أكثر من مناسبة في كل أجهزة الإعلام وخوف علي أمن مصر واستقرارها ورعب مما يمكن أن يحدث لو استمر الحال كما كان هو دون تدخل سريع وحاسم وغير تقليدي فإني أقترح علي المجلس العسكري والحكومة أن يصدر مرسوم بقانون يستدعي العناصر الشابة ممن أدوا خدمتهم العسكرية ولا يزالون بفترة الاحتياط وهي عشر سنوات حسب علمي وتكوين جهاز شرطي منهم يتبع وزير الداخلية ويتم تدريبهم تدريباً مكثفاً علي الأعمال الشرطية المختلفة علي دفعات خلال شهور قليلة لسد النقص الموجود حالياً في جهاز الشرطة لاسيما وأننا مقبلون علي انتخابات لو تمت بغير التأمين الكافي سوف تنقلب إلي ساحة كبري بحجم الوطن تتصارع فيها قوي مختلفة بعضها يغلب مصلحته الشخصية ومصالح حزبه علي أي مصلحة حتي لو احترق الوطن كله.. وليكن ذلك بمرتبات تصرف لمن لا يعمل من هؤلاء المستدعين من الاحتياط، وأن يستمر صرف رواتب من يعمل منهم من جهات عملهم حتي لا يضاروا أو تضار أسرهم، ويمكن أيضاً أن ينطبق ذلك علي من يحل عليهم الدور في التجنيد، ومعهم الخريجون حديثاً ويبحثون عن عمل ينضمون لصفوف هؤلاء نظير رواتب فنقلل من أزمة البطالة الطاحنة من جهة ونستفيد بطاقات الشباب المعطلة من ناحية أخري في أداء واجب وطني لا يقل نبلاً عن أداء الخدمة الإجبارية في صفوف القوات المسلحة.