أسطورة العصر تتلخص فى كلمة «زمان»، فكل تفاصيل الماضى حاضرة فى الوقت الحالى، فأغلب المصريين يبكى على أطلال ما مضى، ويأخذه الحنين إليه ويتمنى العودة له، معددًا فى مميزاته، فهل الماضى كان أفضل حقًا أم أنه هروب من الواقع لنختبئ فى ثوب ما ذهب ونعلق عليه أخطاء حاضرنا؟ عند النظر إلى مشاهد الحياة فى ذلك الزمن البعيد، نكتشف أنه كان يحمل كل شىء جميل، فالازدهار كان شعاره فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى شكل الشوارع. تعداد السكان التعداد السكانى فى مصر الذى تجاوز ال 90 مليون نسمة، وفقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى ديسمبر من العام الماضى، لم يكن بهذه الكثافة فى الماضى، فلم يصل عدد سكانها إلي10 ملايين إلا فى عام1900. والزيادة فى عدد السكان «زمان» لم تكن بهذه السرعة التى نشهدها الآن، ولم يكسر حاجز ال20 مليوناً إلا فى 1950، وعندما بلغ عدد السكان 40 مليون نسمة فى 1979م، ووقتها كانت الطامة الكبرى، وأثار هذا الأمر مخاوف كثيرة من الانفجار السكانى. شوارع ألف ليلة وليلة الشوارع والميادين لم تكن بهذا القدر من العشوائية التى نراها الآن، بل كانت أنيقة ومرتبة، وواسعة ونظيفة، والخضرة والأشجار على الجانبين، لا يشوبها الزحام والتلوث الصادر عن عوادم السيارات، ولم يكن يسكن أركانها الباعة الجائلون. نهارك سعيد «كل وقت وله أذان.. وكل زمان وله لغته»، واختلفت لغة المصريين كثيرًا عن الماضى، فأصبحت تميل أكثر إلى العامية بعدما كانت اللغة العربية الفصحى هى الأساس. ومن أبرز المصطلحات التى كانت تستخدم «زمان» «نهارك سعيد، صباح شريف، أنا ممنون لك، قول لى من فضلك، طقس ظريف، عال»، لكن هذه الكلمات فى الوقت الحاضر لم تعد موجودة فى أحاديثنا اليومية واستخدامها فقط على سبيل الدعابة، وحلت مكانها مصطلحات جديدة مثل «مية فل وعشرة ، قشطة، زى الفل». الدولار ب 35 قرشا «الجنيه زمان كان له قيمة» جملة عادة ما تسمعها من رواد الزمن القديم، يرددونها باستمرار فى ظل الارتفاع المتزايد للأسعار يوماً تلو الآخر، بالإضافة إلى جنون سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى. فالدولار الذى زاد سعر صرفه مؤخرًا على عشرة جنيهات فى السوق السوداء، لم يتجاوز سعر صرفه فى عام 1950 الجنيه الواحد، وكانت قيمته 35 قرشاً فقط. الموضة مرت «الموضة زمان بعدة مراحل من الملاية اللف والبرقع إلى الجونلات والفساتين، ومنها لارتداء السيدات للبنطلون، الأمر الذى قوبل بالدهشة والاستنكار وقتها، لكن ما أصبح موضة، بحلول السبعينات ومع انفتاح المجتمع المصرى على الثقافات الأخرى هو بنطلونات ال«شارلستون» والجونلات شديدة القصر، وظلت الأزياء فى تطور حتى وصلت لما نحن عليه الآن. من الحنطور ل«التوكتوك» أهم ما كان يميز الزمن القديم وسائل المواصلات، حيث اعتمد سكان تلك العصور خلال تنقلاتهم على التروماى والحنطور، فالحنطور أهم ما امتازت به فترة الأربعينات، ونقلته عن مصر بعض الدول العربية الشقيقة. ولكن مع تقدم وتطور الحياة تطورت أيضًا الوسائل تدريجيًا وحلت أخرى أحدث محققة طفرة فى حركة النقل، منها «التوك توك والميكروباص». من الراديو ل «الأجهزة الذكية» كان الراديو قديمًا من المقتنيات الثمينة، التى تعكس أهمية ووجاهة مالكه، فامتلاك الراديو فى عصر الخمسينات لم يكن بالأمر السهل على الإطلاق، لذا اقتصر وجوده فقط، فى بعض المدن الكبرى وبعض الأرياف، فكان الراديو وسيلتهم الوحيدة للاستماع الى الاخبار والتواصل مع الآخرين، وكان يعمل بالبطاريات الجافة مثل تلك الموجودة بالسيارات. إلا أنه بمرور الوقت تحول الراديو بشكله وحجمه الى قطعة أثرية، وفى ظل التطور الحديث والتكنولوجيا، أصبح بحوزة كل فرد الجهاز الذكى الذى يُمكنه من التواصل داخليًا وخارجياً مع مختلف بقاع العالم. ملامح البيت المصرى زمان «الراديو.. اللمة.. العيلة.. البساطة.. الهدوء».. كانت تلك الأشياء أهم ما تميز بها البيت المصرى القديم، ومقارنة بما نحن عليه الآن نجد اختلافًا جذريًا، فلم تعد تلك الملامح كما كانت من قبل، ف«العيلة» تفرقت وأصبح لكل من أفراد العائلة استقلاليته، ولم تعد ممتدة كما كانت، والبيوت البسيطة غلبت عليها الآن البهرجة.