تحول عيد الأم في السنوات الأخيرة من مناسبة لادخال البهجة والسرور إلي الأم التي ضحت وأعطت بلا مقابل، إلي عبء جديد يستنزف جيوب المصريين، فالجميع يتسابقون في هذا اليوم لشراء الهدايا القيمة، حتي أصبحت هذه المناسبة بمثابة «بيزنس موسمي» لشراء الهدايا، الأمر الذي يستغله التجار لتحقيق المزيد من المكاسب. خاصة أن هذا اليوم لا يمكن إغفاله فتلاميذ المدارس والأمهات والشباب يقومون بشراء هدايا عيد الأم لينالوا الحب والرضا وتنشط الأسواق خلال شهر مارس، وفي النهاية يصبح التاجر هو المستفيد من مناسبات المصريين. جاءت بداية الاحتفال بعيد الأم في مصر من فكرة اقترحها الكاتبان الصحفيان علي أمين ومصطفي أمين بجعل موعد الاحتفال بعيد الأم في بداية الربيع، وترسخت الفكرة في أذهانهم عندما قامت إحدى الأمهات بزيارة للراحل مصطفي أمين في مكتبه وروت له قصتها بعد رحيل زوجها، الذي ترك لها أطفالاً صغاراً في عمر الزهور، ولم تفكر في الزواج، بل كرست حياتها من أجل تربية أبناؤها، وتوفير كافة متطلبات الحياة لهم حتي تخرجوا من الجامعات، وتزوجوا واستقلوا بحياتهم الخاصة، ومع الأسف انصرفوا عن السؤال عنها وتركوها وحدها، ومن هنا قام الكاتب الراحل مصطفي أمين بعرض الأمر علي القراء، وتم اختيار يوم 21 مارس لأنه بداية الربيع ليكون يوماً لعيد الأم، إلا أن الاحتفال رسمياً بهذا اليوم بما له من طقوس بدأ في عام 1956، حيث اهتمت وسائل الاعلام ببث الأغاني والأفلام التي تكرس دور الأم، وتحث علي تكريمها والاحتفال بها، ومن هنا بدأت تظهر أفكار متنوعة للاحتفال بهذا اليوم، وظهرت ثقافة المشتريات، فارتبط كل موسم أو عيد ببدعة، حتي أصبح الاحتفال بعيد الأم بمثابة «بيزنس» سنوي ينتظره التجار كل عام لتحقيق مزيد من المكاسب، وتبدأ استعداداتهم للاحتفال بداية أول شهر مارس فتمتليء المحلات التجارية بالبضائع، والمكتبات بالهدايا التذكارية، ورغم سوء الأوضاع الاقتصادية، وشكوي المواطنين من ارتفاع الأسعار، الا أنه بمجرد اقتراب عيد الأم، تزول كل الهموم، ولا يتذكر الجميع سوي هدايا عيد الأم. التي تتسابق كل أسرة علي شراء أفضلها ويظهر بيزنس شراء الهدايا في كل مكان، فيقبل الصغار والكبار علي شراء الهدايا، بعد أن أصبح من المعتاد في المدارس وخاصة في المرحلة الابتدائية أن يقدم الطالب هدية بسيطة لمدرسة الفصل والتي أصبحت بمرور الأيام مكلفة، وتمثل عبئاً علي الأسرة المصرية، خاصة وأن أغلب المدارس تقوم بتجهيز حفلات في هذا اليوم مقابل مبلغ مالي من كل طفل كما تقوم دور الحضانات أيضاً، بالسير علي نفس النهج مقابل تحصيل مبالغ مالية من الأطفال نظير إقامة الحفلة، هذا فضلا عن تقديم الهدايا للمدرسين والتي أصبحت تتمثل في أدوات منزلية، وعطور، وملابس، واكسسوارات بعد أن كانت الهدايا لا تزيد على كروت معايدة بسيطة ووردة صغيرة تعبر عن تقدير الأبناء لدور الأم. وفي الآونة الأخيرة، تنوعت الهدايا، ونظرا لما يقع فيه الكثيرون من حيرة أثناء الاختيار، اشتعلت المنافسة بين المواقع التجارية الالكترونية، والتي بادرت بنشر عروض التسوق عبر الانترنت وظهرت شركات عديدة في هذا المجال تقدم العروض والتخفيضات المتنوعة. بأسعار تناسب كل أسرة كما تقدم المقترحات التي تساعد علي شراء الهدية حسب كل ميزانية، والتي تبدأ أسعارها من 50 جنيهاً. وحتي 2000 جنيه والتي تتمثل في محافظ نقود، واكسسوارات وعطور وساعات وأحذية وأدوات منزلية، وأجهزة محمول، وغسالات أطباق وغيرها. ومن أمام المحلات التجارية التقينا ببعض المواطنين لمعرفة نوع المشتريات التي تناسب هذا اليوم وكيفية التعامل مع بيزنس عيد الأم. فقالت أمينة اسماعيل إن هذا اليوم لا يمكن اغفاله فهو اليوم الذي نقوم فيه بادخال البهجة والسرور علي كل أم مصرية وتعبير منا عن مدي حبنا لها، وقديماً كنا نقوم بشراء زجاجة عطر ومنديل كهدايا، إلا أن العادات تبدلت وأصبحت كل أسرة تتنافس علي شراء أغلي الهدايا بل وزاد من الأعباء علينا ما تطالبنا به المدارس من رسوم لاقامة حفلات عيد الأم، فضلاً أن هدايا المدرسات التي يجب علي كل تلميذ تقديمها حتي ينال الرضا من المدرسة، وحتي لا يشعر الأولاد بالحرج نضطر لشراء هدايا قيمة قد تكون أدوات منزلية أو شنطة يد،أما الوردة الحمراء فهي مازالت موجودة لكنها تقدم بجانب الهدية. أسعار الهدايا.. نار أما ايمان السيد، فهي أم لثلاثة أبناء في مراحل عمرية مختلفة، وتقول: احرص كل عام علي شراء هدية لأمي و»حماتي» وأخري لمدرسات الفصل، لكن هذا الاحتفال بالرغم من كونه ضرورياً إلا أنه أصبح يشكل عبئاً علي ميزانية الأسرة، فهو يأتي في نهاية شهر مارس، وتكون «ميزانية البيت»، أوشكت علي النفاد، كما أن الأسعار مرتفعة للغاية حيث يشعل التجار تلك المناسبة ويقومون بتحويلها لمناسبة تجارية للتربح من ورائها بشتي الطرق وتؤكد أن عيد الأم يحتاج ميزانية من كل أسرة تبدأ علي الأقل من 200 جنيه وتصل في بعض الأحيان الي آلاف الجنيهات حسب مقدرة كل أسرة فهناك من يقوم بشراء غسالات الأطباق ومستلزمات المطبخ، وكل ما يساعد علي راحة الألم، وفي النهاية تكون المحلات التجارية هي الرابح الوحيد. وتقول داليا سيد موظفة بإحدى المصالح الحكومية، قبل هذا اليوم يتم تجميع مبلغ مالي من كل العاملين بالشركة استعداداً ليوم عيد الأم، حيث يتم شراء هدية وغالبا تكون هدايا من المصوغات الذهبية، وتجري مسابقة لاختيار الأم المثالية بالشركة وتكريمها بعد تقديم الهدية لها وتتم كتابة الأسماء علي الهدية، لاحراج الممتنعين عن الدفع، وهذه عادة سيئة، لأن كل سيدة بالشركة لديها أم وأطفال و«حماة» وتحتاج لمزيد من الأموال لشراء الهدايا لكل منهما، مما يعد عبئاً كبيراً، ويحتاج لمزيد من الأموال، وقد نضطر للاستدانة من أجل شراء هدية عيد الأم، خاصة وأن لكل أسرة تتباهي بهديتها أمام باقي الأقارب، ولا يمكن إغفال هذا اليوم نظراً لأهميته، لكن «بدعة» شراء الهدايا القيمة أصبحت تفسد علينا فرحة الاحتفال نظرا لأنها تستنزف جيوب الأسرة المصرية. انتعاش الأسواق أكد الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية، أن هناك حالة ترقب من قبل التجار لإنعاش حالة الركود التي سيطرت علي الأسواق مؤخراً، مع اقتراب عيد الأم، الذي يعد من المواسم الهامة التي تزداد فيها حركة البيع والشراء وتأتي المصوغات الذهبية علي رأس الهدايا التي يقبل المصريون علي شرائها في عيد الأم، حيث من المتوقع أن تصل قيمة الهدايا الذهبية لنحو 150 مليون جنيه تليها الملابس والمنسوجات ويصل حجم الانفاق فيها الي 25 مليون جنيه ونفس الأمر بالنسبة للأدوات المنزلية. تصل فاتورة انفاق المصريين علي شراء هدايا عيد الأم كما هو متوقع لنحو 250 مليون جنيه هذا العام تقريباً. علماً بأن تلك التكلفة انخفضت عن العام الماضي بنسبة 25٪ نتيجة لارتفاع الأسعار.