«نبني البيت ثم نضع الأساس».. أكذوبة طافت بها جماعة الإخوان في ذلك الوقت منذ خمس سنوات، لتقنع الجميع بأهمية الاستفتاء ب«نعم»، على التعديلات التي تمت في دستور 1971، وكانت يوم 19 مارس عام 2011. وبذلت الجماعة كل جهودها حتى تقول الصناديق «نعم»، والتي خرجت بالفعل بتلك للنتيجة، ليعتبره البعض أول مسمار تدقه الجماعة في نعش ثورة 25 يناير. تمر اليوم الذكرى الخامسة، لاستفتاء 19 مارس، الذي أُجرِى عقب ثورة يناير على بعض التعديلات في دستور 71، عقب تنحي الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، وتسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. وأعاد، اليوم، الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، نشر فيديو له يوضح فيه، لماذا كان يجب على المصريين التصويت بلا على الاستفتاء، وأكد البرادعي خلال الفيديو، أن التصويت بنعم فتح الباب للحزب الوطني مرة أخرى، وهو الأمر الذي أدى إلى وجود برلمان غير ممثل للشعب. وعلق البرادعي على الفيديو عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، قائلًا: «شهادتي الخاصة باستفتاء 19 مارس». يأتى هذا فيما دشن رواد موقع «تويتر» هاشتاج يحمل اسم «استفتاء 19 مارس»، مهاجمين جماعة الإخوان التي كانت أول تيار يروج لفكرة أن نعم تدخل الجنة. ووصفت حركة شباب، استفتاء 19 مارس، بذكرى تطبيق الديكتاتورية، قائلة في تغريدة لها: «اليوم ذكرى غزوة الصناديق، أول تطبيق عملي للقاعدة الديكتاتورية القديمة فرِق تسُد». واعتبر شادي الغزالي حرب، المدير التنفيذى لتيار الشراكة الوطنية، يوم 19 مارس، ذكرى خيانة الثورة، قائلًا في تغريدة له: «ذكرى خيانة الثورة، من قالوا لا في وجه الإخوان وفلول الوطني في مثل هذا اليوم هم المتمسكين الآن بتحقيق أهدافها.. استفتاء 19 مارس». *بداية الاستفتاء: خرجت المطالبات بعد ثورة 25 يناير، تنادي بضرورة تعطيل العمل بدستور 1971 وكتابة دستور جديد يتواءم مع متطلبات المرحلة الراهنة، وذهب البعض الآخر لإمكانية عمل تعديلات فقط على الدستور المعطل. وبالفعل قرر المجلس الأعلى، عمل تعديلات دستورية وطرحها على الشعب للاستفتاء، وأنشىء لجنة من القانونيين لصياغة التعديلات المقترحة على الدستور؛ تمهيدًا لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة. وكانت مصر بين مشهدين، الأول يعج باللافتات التي تحرم الاستفتاء بلا، وتدعو إلى التصويت بنعم حتى تدخل الجنة، بينما كان هناك فريق آخر يحمل لافتات تناشد بعدم ترقيع الدستور. «غزوة الصناديق»: وعرفت تلك الفترة باسم غزوة الصناديق، حيث كانت هذه التعديلات بمثابة مرحلة هامة أحدثت تحولًا كبيرًا بعد ثورة يناير، وبداية لمرحلة تسلق جماعة الإخوان على الثورة لسرقتها، والتمهيد لسطوها على الحكم. وحشد الإسلاميين، الشعب المصري، للموافقة على التعديلات الدستورية، بسبب رغبتهم في كتابة دستور جديد بعد وصولهم لسدة الحكم، وتم الحشد لأنصار جماعة الإخوان وعدد من قياداته، ودخل إلى الساحة السياسية حزب النور. وتم إطلاق بعض الشعارات، مثل: «نعم تجلب النعم، قول نعم للإسلام، غزوة الصناديق»، التي هتف بها الداعية السلفي، محمد حسين يعقوب فرحًا بالموافقة على الدستور. وكان من أبرز التصريحات لقيادات الإخوان في هذا التوقيت، ما صدر عن الدكتور عصام العريان، القيادي الإخواني، الذى أعرب عن تأييده للتعديلات الدستورية المقترحة، واعتبرها الأفضل لقطع الطريق على ظهور فرعون جديد بصلاحيات مطلقة، يؤدي إلى فساد مطلق كما حدث في الماضي. «نعم تكسب»: وتم إجراء استفتاء على التعديلات الدستورية، وأدلى نحو 18 مليون ناخب من أصل 45 مليون ناخب بأصواتهم في الاستفتاء، وصوت أكثر من 14 مليون لصالح التعديلات الدستورية، في حين صوت نحو 4 مليون ناخب ضد هذة التعديلات. وجاءت النتيجة مخيبة للآمال، حينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات، أن نتيجة الاستفتاء جاءت ب"نعم" بنسبة 77% من نسبة المشاركين بالتصويت، في مقابل من قالو "لا" بنسبة 22.8%. «السيطرة على مجلس الشعب»: وبعدها، سعت جماعة الإخوان لإجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، بحيث تتمكن من السيطرة علي لجنة إعداد الدستور الجديد؛ ومن ثم تختار شخصيات مؤيدة لها، وبالفعل سيطرت وجوه محسوبة على الجماعة على معظم مقاعد لجنة ال100 لكتابة الدستور. وبات الشق والخلاف على أوجة بين التيارات المدنية، لاسما بعد مجيء مجلس شعب ذو صبغة إسلامية، لجماعة الإخوان فيه نصيب الأسد، يليه حزب النور السلفي، ثم تفاقم الخلاف أكثر، بعد انتخاب الرئيس المعزول، محمد مرسي رئيسًا لمصر، ليقضي عامًا واحدًا على كرسي الحكم، وتطيح به ثورة 30 يونيو.