مستقبل المصريين.. في هذا المشروع! بقلم:عباس الطرابيلي منذ 1 ساعة 42 دقيقة ولكن من أين تأتي مصر بتكاليف مشروع عملاق يحتاج إلي مئات المليارات من الجنيهات خصوصاً بعد فترة نهب لم تر البلاد مثلها.. تمثلت في كل الذين سرقوها، وهم للأسف من ابنائها وحتي لو حكمت المحاكم بإعادة هذه الاموال.. فمتي تعود.. ثم أيضاً بهذه الاضرابات والاعتصامات التي اضاعت علي البلاد عشرات اخري من المليارات.. ثم ايضاً لو كان هناك اعتماد علي تمويل خارجي فالعالم يعاني من أزمة مالية رهيبة.. ولما كان التمويل المحلي غير قادر علي ذلك.. ولا التمويل الخارجي يستطيع الآن فكيف تدبر مصر هذه المليارات لحفر هذه القناة التي يصل طولها الي 231كم مخترقة المنطقة الشرقية كلها لسيناء من قمة خليج العقبة الي شرق العريش وإذا كان الأفاق دي لسيبس قد أقنع العالم بشراء أسهم قناة السويس من عام 1854 إلي عام 1869 فإن حملة الأموال يفكرون الف مرة قبل الاندفاع في مشروع هو بحق مشروع القرن الجديد. وهل هناك مصادر تمويل محلية.. وما هي.. وإلي ان يتم تدبيرها من أين يأتي المنفذون بتكاليف بداية الحفر، بعد مرحلة تسوية المسار المقترح نقول ذلك ونحن نعترف بأن كل شيء الان قابل للبيع حتي رمال الصحراء.. فما بالنا بأنواع رائعة من الرخام والمعادن. ورغم أن الاتفاقيات الدولية تضمن حدود مصر الشرقية.. إلا أننا يجب ألا ننسي ما تكبدته مصر لإثبات ملكيتها لكيلو مترات قليلة عند طابا من تحكيم دولي وبحث وتدقيق في الوثائق.. رغم ذلك فإن القناة الجديدة تجيء في هذا الوقت بالذات لتأكيد هوية سيناء.. وأنها ليست مجرد أرض بلا بشر.. كما يتحدث بعض الجيران: الاعداء منهم.. والأشقاء.. وإذا كانت الصين قد أنشأت سوراً عظيماً طوله 6400كم أقاموه بأيديهم وبدأوا العمل به أول القرن الرابع قبل الميلاد واستمر البناء حتي بداية القرن السابع عشر الميلادي إذا كان الصينيون قد بنوا هذا السور لحماية حدودهم الشمالية من الغزاة لأن ارتفاعه بلغ سبعة أمتار ونصف المتر ويتراوح عرضه من 75 متراً إلي 24.6 في القمة. إذا كانت الصين قد فعلت ذلك لحماية حدودها من الغزاة الشماليين فإن حدودنا الشرقية التي جاءنا عبرها الغزاة من بابل وأشور إلي القدس وقبلهم الهكسوس.. ثم الاتراك العثمانيون.. وأخيراً اليهود الاسرائيليون، هذه الحدود تحتاج إلي الحماية.. إلي أن ندمر هذا العدو تماماً.. أو يرحل مثل جار السوء!! هي إذن سور مصر العظيم ولكن من ماء تجيء لتحمي وادي النيل وترد الاعادي.. سور بحري يخترق تربة متعددة الصفات منها صخور من المرجانيات الحديثة ومنها الحصي والزلط والرمال ومنها الصخور النارية والمتحولة التي تظهر اقصي درجات الصلابة.. ومنها الصخور الرملية ثم الجيرية والطباشيرية.. بل ومنها صخور من الصوان شديدة الصلابة ثم منها الرمال السافية.. بل والطين والسلت وهي تنتشر بالذات في المناطق الشمالية وهي الممتدة شرق وادي العريش.. وحتي البحر المتوسط. هذا التنوع في طبيعة الأرض بقدر ما هو مشاكل علي طريق التسوية والدفع ثم الحفر.. يمثل ثروة.. خصوصاً إذا عرفنا كيف نستثمرها بالبيع. وربما تكون المنطقة الأولي من المشروع وهي الواقعة علي خليج العقبة هي الاصعب بفعل وجودها علي سلاسل جبال البحر الأحمر الشرقية علي الخليج.. ولكن مسار القناة بعد أن يعبر تلك المنطقة الصخرية ينفتح ويسهل الحفر فيه.. خصوصاً كلما اتجهنا شمالاً.. وعلي طول هذا المسار.. تم دراسة كل شيء من مكامن المياه الحلوة بين الجبال، في تلك المصايد المنخفضة في الوديان.. الي دراسة مخرات السيول خاصة أن سيناء مشهورة بسيول الخريف التي غالباً ما اقتلعت الجسور ودمرت الطرق.. بل وأذابت الجبال!! ولكن كل هذه المشاكل تهون أمام الهدف الأسمي.. إذ بينما تنخفض الموارد المصرية.. وتتناضر دول النيل علي نصيب مصر من المياه.. وتقل جودة الأرض التي تضعف عاماً بعد عام.. تحدث كارثة سكانية رهيبة.. واذا كنت قد وعيت عمري وعدد سكان مصر عام 1950 هو 19 مليون نسمة.. فإن عددهم الان يصل الي 85 مليوناً.. وسوف يصلون عام 2031 أي بعد 20 عاماً فقط إلي 105 ملايين وبعد أقل من 40 عاماً أي عام 2050 سيصل عدد السكان إلي 150 مليوناً.. فمن أين يأكل هؤلاء ويشربون.. أنا نفسي أري أن زيادة السكان نعمة لو احسنا ادارة ثرواتنا واذا حولناهم إلي طاقة منتجة.. وأمامنا أمثلة في الصين وفي كوريا وفي الهند.. ومثل هذه القناة ستجعل من مصر قاعدة اقتصادية هائلة صناعية وتجارية وملاحية.. وبدون مثل هذه المشروعات الخلاقة نعود إلي عصر الخليفة الفاطمي المستنصر بالله عندما جف النيل وأكل المصريون بعضهم.. بعضاً.. هنا تأتي هذه المشروعات العملاقة: مشروع قناة من جنوب طابا علي خليج العقبة الي شرق العريش علي البحر المتوسط وهذا ما اعطاه أحد الحالمين الكبار المهندس سيد الجبري عصارة فكره.. وجمع حوله العشرات من العقول المصرية الرائعة.. في كل علم وفن.. وهل نتخيل قناة عمقها يصل إلي 250 قدماً وعرضها يتراوح بين 500 و1000 متر لاستيعاب جميع السفن الموجودة الان وتلك التي يمكن ان يصل اليها عبقرية علم بناء السفن.. وبدلاً من ان تدور حول رأس الرجاء الصالح لتصل بين الصين أكبر منتج الآن وحتي مئات من السنين وبين أسواقها في اوروبا.. ولنا أن نتخيل ان مصر هي واسطة هذا العقد.. هي التي تصل بين هذا وذاك.. ولنا ان نتصور ما الذي سيعود علي مصر من ان تؤدي هذا الدور.. للتجارة العالمية.