تحل في هذه الأيام الذكرى الخامسة لآخر خطاب آلقاه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، مساء يوم الثلاثاء الموافق 1 فبراير 2011 ، الذي وصفه البعض "بالعاطفي" وما تبعه في اليوم التالي، الأربعاء الموافق الثاني من فبراير،من أحداث عنف ضد الرافضين لحكمه. فخطاب مبارك وما تبعه من موجات استعطاف من قبل العديد من أنصار مبارك قاد لأكبر موجه من الصراع التى شهدته الفترة الأخيرة فيما يعرف إعلاميا "بموقعة الجمل"، التي سقط فيها 14 قتيلا و1500 مصاب، وفق وزارة الصحة المصرية، و تعد هذه الواقعة الحادث الأبرز إبان ثورة 25 يناير 2011، التي أنهت حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك. فعقب شحنة التأثير العاطفي، المتمثل في خطاب مبارك الثانى، قامت بعض الأطراف بأستخدام القوة ضد المتظاهرين، جاءت "موقعة الجمل" لتزيد من عزم المعتصمين على الاستمرار في ثورتهم وتحقيق أهدافهم. محاولة التأثير العاطفي حينما شعر مبارك بالخطر على مملكته خرج على جموع الشعب المصري الذين أرادو الإطاحة به وبنظامه محاولا استغلال هذه الغريزة لديهم ملقيا خطابا مؤثرا، حاول فيه استدرار عطفهم وامتصاص موجة الغضب الشعبى العارم، عبر الادعاء برغبته في عدم البقاء بالحكم، مستهدفًا من ذلك توجيه ضربة مضادة للحشود بميدان التحرير، من أجل إخماد لهيب الثورة المتصاعد وتفريق المعتصمين بالميدان. وجاء خطاب مبارك مساء يوم كان قد شهد مظاهرات مليونيه، وصفت أنها الأكبر منذ بداية الاحتجاجات ضد حكمه، قال في مجمله إنه فخور بإنجازاته على مر السنين في خدمة مصروشعبها، وأن مصر بلاده هي المكان الذي عاش فيه وقاتل فيه ودافع عن أراضيه وسيادته ومصالحه و سيموت على أرضه. كما تعهد بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات بما في ذلك دعوة القضاء لمحاربة الفساد، وأنه لم يكن يوما طالب سلطة بل هو فرد من أبناء القوات المسلحة وليس من طبعه التخلي عن الواجب والمسؤولية، مؤكدا أن مسؤولياته هي استعادة أمن واستقرار الوطن لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة، وأنه لم ينوي الترشح لولاية جديدة،مضيفا"هذا عهدي الى الشعب خلال ما تبقى من ولايتي كي اختتمها بما يرضي الله والوطن وأبناءه." ولكن بعد ذلك الخطاب خاب أمله ولم يحقق مساعيه ولم تؤثر تلك الوعود بشكل كبير في نفوس المتظاهرين الطافح كيلهم من ظلم وفساد وإهانة للكرامة الإنسانية وتدني مستوى المعيشة وغيرها، وظلوا صامدون يهتفون: "ارحل"، "ارحل"، و"الشعب يريد إسقاط النظام". استخدام القوة وعلي الرغم من أن الخطاب لم يستطع استمالة المتظاهرين بالميدان وأصروا على عدم المغادرة، إلا أن بعض الاطراف أصرت على إستكمال مبارك لمدته كما طالب في خطابه، حيث جاء هجوم أنصاره في اليوم التالي بالجمال والبغال والخيول على المتظاهرين السلميين بالميدان. ففى صبيحة ذلك اليوم، سارعت أعداد كبيرة من البلطجية والمسلحين بالدخول إلى ميدان، وقام البلطجية بمهاجمة المتظاهرين بالحجارة والعصى والسكاكين وقنابل المولوتوف، بينما امتضى آخرون الجمال والبغال والخيول وهجموا بها على المتظاهرين وهم يلوحون بالسيوف والعصى والسياط فى مشهد أعاد للأذهان المعارك فى العصور الوسطى. لم ينجحوا فى اختراق الحائط المنيع الذى شكله الشباب المعتصمون بأجسادهم للتصدى لواحد من أكثر الهجمات البربرية، وانقلب السحر على الساحر، واستعاد الثوار زمام السيطرة على الميدان بفضل غباء رجال مبارك، الذين أرادوها معركة لتصفية الثوار، وإعطاء قبلة الحياة للنظام الذى كان فى طريقه للإنهيار، إلا أنهم وضعوا من حيث لا يدرون المسمار الأخير فى نعش النظام. وآثار مشهد الجمال والبغال والخيول سخط المصريين الذين كانوا يتابعون بذهول ما يحدث، وسرعان ما تحول التعاطف النسبى مع مبارك إثر خطابه إلى موجة سخط شعبى متزايد قادت للتنحى في 11 فبرايرز