فلسفة الأسماء المصرية.. عبر العصور بقلم : عباس الطرابيلي منذ 7 ساعة 51 دقيقة وسط القرف من السياسة.. وألاعيب الساسة، وتناحرهم للفوز بمقاعد الحكم.. ومزايا الحكم.. وأموال الحكم.. يحتاج القارئ الى الابتعاد ولو قليلاً عن هموم الساسة والسياسة.. ماذا لو غصنا قليلاً فى أعماق الشخصية الإنسانية المصرية.. ونناقش غرائب الأسماء.. فماذا يراها المصرى.. وهل يعشق أسماء الكبار حتى ولو كانوا طغاة مستبدين؟! فى أوروبا لم نسمع عمن حمل اسم هتلر.. أو موسولينى.. أو حتى فرانكو.. وفى روسيا لم يجرؤ أحد على أن يطلق اسم ستالين على واحد من أبنائه.. ولكننا فى مصر فعلنا بعض ذلك.. هناك من حمل اسم هتلر.. وأغلب الظن أنه ولد بينما تاريخ هذا الديكتاتور فى عز مجده.. فانعكس إعجاب الأب بهذا السياسى، الذى خرج بألمانيا من طور الانحدار وقفز بها وأنشأ دولة هى نموذج لكل من يحلم بالدولة السوبر.. ولكن هذا الأب المفتون بهذا الرجل هل سبب لولده بعض القلق، عندما تحول هتلر إلى طاغية يسوق كل شعبه إلى الموت وبلده إلى الدمار.. وهو السياسى الذى قتل عشرات الملايين فى أوروبا وحدها خلال هذه الحرب الضروس التى استمرت بين سبتمبر 1939 ومايو 1945. فى مصر أيضاً من حمل اسم موسولينى الزعيم الفاشى الذى حكم إيطاليا وأراد أن يعيد بناء الامبراطورية الرومانية من جديد فدمر إيطاليا وكل مستعمراتها ولم يجد شعبه لكى يتخلص منه إلا أن يعلقه على المشانق هو وعشيقته وكان مصيره نفس مصير خليفة الأول أدولف هتلر.. ومن المصريين من أعجب بأسماء المستعمرين وقادتهم. هناك من حمل اسم كتشنر.. الضابط الاستعمارى البريطانى الشهير الذى كان قائداً عاماً للجيش المصرى الذى أعاد فتح السودان عام 1898 ليصبح حاكماً عاماً له من قبل مصر وبريطانيا معاً.. ليقفز منه إلى قائد عام للجيش البريطانى فى الهند لمدة 7 سنوات.. بل إن من السيدات والآنسات المصريات من حمل اسم «الياصابات» وهو تعريب اسم اليزابيث تشبها سواء بالملكة اليزابيث الحالية أو بالملكة الأم التى تجاوز عمرها قرناً من الزمان.. وإذا كان هناك فى مصر من حمل أسماء الطغاة والجبابرة وربما آخرهم صدام حسين ربما لأن الأب كان عاشقاً للرجل أو يطمع فى عطاياه.. فإن هناك فى مصر من حمل أسماء زعماء محبوبين.. إذ مع موجة دول عدم الانحياز هناك من أطلق أسماء الزعيم اليوغوسلافى تيتو على ولده..أو الزعيم الاندونيسى سوكارنو.. أو الزعيم لومومبا زعيم الكونغو الذى قتلوه غدراً.. وأيضاً نيكروما.. زعيم غانا. ولكن هناك ومنذ عشرات السنين هذا العشق القديم بزعماء الهند.. وأسماء زعماء الهند.. ولذلك نجد وفى أقصى صعيد مصر فى أسيوط من أطلق اسم غاندى على ولده تيمناً بهذا الزعيم الرائع الذى قاد نضال بلاده وأعلنها مرات أنه تعلم من زعيم مصر سعد زغلول الكثير.. هكذا وجدنا اسم الزميل غاندى الأسيوطى الذى كان صحفياً زميلاً لنا فى أخبار اليوم.. وعندما أنجب بنتاً أطلق اسم انديرا عليها تيمناً باسم السيدة أنديرا غاندى ابنة الزعيم الهندى نهرو تلميذ غاندى!! وهناك من يحمل اسم بطل فرنسا الكبير نابليون وهو مستشار فاضل الآن ورئيس محكمة فى دلتا مصر.. وهو تشبه كريم بالرجل الذى أصدر واحداً من أهم قوانين فرنسا «قانون نابليون» الذى مازال معمولاً به حتى الآن.. فهل كان الأب يتوقع عندما أطلق اسم نابليون صاحب هذا القانون على ولده.. أم أن هذا الابن نابليون الجديد انجذب نحو هذا القانون فصار مستشاراً ورئيس محكمة فى مصر؟! والناس تطلق أسماء الملوك والقادة والحكام على أولادهم من الصبيان والبنات، ففى زمن الثورة التركية وبزوغ نجم قائدها مصطفى كمال «أتاتورك» أى أبو الأتراك.. انتشر هذا الاسم فى مصر وفى غيرها من دول المشرق الطامحة إلى الرفعة. ولما عاشت مصر عصر الزعيم مصطفى كامل.. انتشر اسمه فوق شريحة كبيرة من المصريين.. وكذلك سعد زغلول.. بل وجدنا أيضاً من أطلق اسم زوجته صفية زغلول على بناته. وفى عصر الملك فؤاد رأينا انتشاراً لاسم فؤاد.. وعندما ولد ولى عهده الأمير فاروق ثم عندما أصبح هذا الأمير ملكاً لمصر انتشر اسمه على كل الأولاد وكذلك أسماء الأميرات فوقية وفوزية وفايزة وفائقة وفتحية بنات الملك فؤاد.. وعندما تزوج الملك فاروق من الآنسة صافيناز ذوالفقار وتغير اسمها الملكى ليصبح فريدة انتشر هذا الاسم بين بنات مصر.. في الريف، وفى الحضر.. وبقيام ثورة يوليو 1952 اندفع الناس نحو إطلاق أسماء نجومها على أولادهم مثل محمد نجيب ثم جمال وناصر وعبدالناصر.. إنه تاريخ طويل مع فلسفة الأسماء المصرية عبر الزمن.. ولكن قبل ذلك كله لا ننسى أن من المصريين من عشق أسماء الفراعنة فوجدنا أسماء: مينا. ورمسيس. وأحمس على الرجال.. ونفرتيتى ونفرتارى بل وحتشبسوت، على الفتيات..ولكننا لم نجد كليوباترا لأنها ليست مصرية خالصة!!