منذ وفاة الرئيس الراحل محمد أنور السادات في الاحتفالات بنصر أكتوبر عام 1981 ولم يعد لهذه الاحتفالات أي رونق وكأن المخلوع حسني مبارك عمد إلى اختزال هذا النصر العظيم في شخصه فقط وفي دوره في الحرب ثم تعمده فيما بعد وبشكل ملحوظ في طمس كل ما له علاقة بهذا الحدث سواء شخصيات أو أحداث تاريخية في محاولة منه لإرضاء العدو الصهيوني الذي وصفه قادته بعد تنحيه بالكنز الاستراتيجي لهم. وقامت ثورة الخامس وعشرين من يناير وكأنها أتت لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وإعطاء كل ذي حق حقه وحجمه الحقيقي دون تضخيم أو تهميش فكان بداية تكريم د.محمد مرسي رئيس الجمهورية للواء جلال هريدي مؤسس سلاح الصاعقة في الجيش المصري والفريق سعد الدين الشاذلي مهندس حرب السادس من أكتوبر والذي توفي في 10 فبراير 2011 أي قبل تنحي المخلوع بيوم واحد وكأن الزمن أراد للفريق أن يرى ذل المخلوع وزوال سلطانه قبل أن يموت ثم أخيرا تكريم الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار الحرب ومنحه قلادة النيل ووسام نجمة الشرف. الرئيس الراحل محمد أنور السادات صاحب قرار الحرب تخرج من الكلية الحربية ضابطا برتبة ملازم ثان وتم تعيينه في مدينة منقباد جنوب مصر ، وتأثر السادات في مطلع حياته بعدد من الشخصيات السياسية والشعبية في مصر والعالم ، وقد ساهم هذا التأثير في تكوين شخصيته النضالية ورسم معالم طموحه السياسي من أجل مصر. وفي عام 1941 دخل السادات السجن لأول مرة أثناء خدمته العسكرية إثر لقاءاته المتكررة بعزيز باشا المصري الذي طلب من السادات مساعدته للهروب إلى العراق ، بعدها طلبت منه المخابرات العسكرية قطع صلته بعزيز المصري لميوله المحورية ، غير أن السادات لم يعبأ بهذا الإنذار فدخل على اثر ذلك سجن الأجانب في فبراير عام 1942. خرج السادات من سجن الأجانب في وقت كانت فيه عمليات الحرب العالمية الثانية على أشدها ، وعلى أمل إخراج الإنجليز من مصر كثف السادات اتصالاته ببعض الضباط الألمان الذين نزلوا مصر خفية ، فاكتشف الإنجليز هذه الصلة بين السادات والألمان فدخل المعتقل سجيناً للمرة الثانية عام 1943. استطاع السادات الهرب من المعتقل ورافقه فى رحلة الهروب صديقه حسن عزت وعمل السادات أثناء فترة هروبه من السجن عتالاُ على سيارة نقل تحت اسم مستعار هو الحاج 'محمد' وفى أواخر عام 1944 انتقل الى بلدة أبو كبير بالشرقية ليعمل فاعلاً في مشروع ترعة ري. وفي عام 1945 مع انتهاء الحرب العالمية الثانية سقطت الأحكام العرفية وبسقوط الأحكام العرفية عاد السادات إلى بيته بعد ثلاث سنوات من المطاردة والحرمان والتقى السادات في تلك الفترة بالجمعية السرية التي قررت اغتيال أمين عثمان وزير المالية في حكومة الوفد ' 4 فبراير 1942 - 8 أكتوبر 1944 ' ورئيس جمعية الصداقة المصرية البريطانية لتعاطفه الشديد مع الإنجليز، وعلى أثر اغتيال أمين عثمان عاد السادات مرة أخرى وأخيرة إلى السجن وفي الزنزانة '54' في سجن قرميدان واجه السادات أصعب محن السجن بحبسه انفرادياً، غير أنه هرب المتهم الأول في قضية 'حسين توفيق' وبعدم ثبوت الأدلة الجنائية سقطت التهمة عن السادات فأفرج عنه بعد ذلك عمل السادات مراجعا' صحفيا بمجلة المصور حتى ديسمبر 1948. وفي عام 1949 انفصل عن زوجته الأولى و تقدم لخطبة جيهان صفوت رءوف وما بين الخطبة وإتمام زواجه سنة 1949 عمل السادات بالأعمال الحرة مع صديقه حسن عزت وفي عام 1950 عاد السادات إلى عمله بالجيش بمساعدة زميله القديم الدكتور يوسف رشاد الطبيب الخاص بالملك فاروق وفي عام 1951 تكونت الهيئة التأسيسية للتنظيم السري في الجيش والذي عرف فيما بعد بتنظيم الضباط الأحرار فانضم السادات إليها ، وتطورت الأحداث في مصر بسرعة فائقة بين عامي 1951 - 1952 ، فألفت حكومة الوفد ' يناير 1950 - يناير 1952 ' بعدها اندلع حريق القاهرة الشهير في يناير 1952 وأقال الملك وزارة النحاس الأخيرة. وفي ربيع عام 1952 أعدت قيادة تنظيم الضباط الأحرار للثورة ، وفى 21 يوليو أرسل جمال عبد الناصر إلى أنور السادات في مقر وحدته بالعريش يطلب إليه الحضور إلى القاهرة للمساهمة في ثورة الجيش على الملك والإنجليز. وقامت الثورة و أذاع أنور السادات بصوته بيان الثورة، بعدها أسند الى السادات مهمة حمل وثيقة التنازل عن العرش إلى الملك فاروق وفي عام 1953 أنشأ مجلس قيادة الثورة جريدة الجمهورية وأسند إلى السادات مهمة رئاسة تحرير هذه الجريدة. وفي عام 1954 ومع أول تشكيل وزاري لحكومة الثورة تولى السادات منصب وزير دولة في سبتمبر 1954 وفي عام 1957 انتخب عضوا بمجلس الأمة عن دائرة تلا ولمدة ثلاث دورات وفي عام 1960 انتخب رئيسا لمجلس الأمة من 21-7-1960 إلي 27-9-1961، ورئيسا للأمة للفترة الثانية من 29-3-1964 إلى 12-11-1968 وفي عام 1961 عين رئيسا' لمجلس التضامن الأفرو أسيوى. وفي عام 1969 اختاره الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نائبا له حتى يوم 28 سبتمبر 1970. واستمرت فترة ولاية الرئيس السادات لمصر 11 عاماً، خلالها اتخذ السادات عدة قرارات تاريخية خطيرة هزت العالم وأكد بعضها الآخر على صلابة السادات في مواجهة الأحداث ومرونته الفائقة على تفادي مصر المخاطر الجسيمة، حيث بنى إستراتيجية في اتخاذ القرار على قاعدة تاريخية منسوبة إليه وهي 'لا يصح إلا الصحيح'. وفي عام 1971 اتخذ الرئيس السادات قراراً حاسماً بالقضاء على مراكز القوى في مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح في 15 مايو 1971 فخلص الإنسان المصري من قبضة أساطير الاستبداد التي كانت تتحكم في مصيره ، وفي نفس العام أصدر السادات دستوراً جديداً لمصر وفي عام 1972 قام السادات بالاستغناء عن 17000 خبير روسي في أسبوع واحد لإعادة الثقة بالنفس لجيش مصر حتى إذا ما كسب المصريون المعركة لا ينسب الفضل إلى غيرهم وفي عام 1973 أقدم السادات على اتخاذ أخطر القرارات المصيرية له ولبلاده وهو قرار الحرب ضد إسرائيل ، وهي الحرب التي أعد لها السادات منذ اليوم الأول لتوليه الحكم في أكتوبر 1970 فقاد مصر إلى أول انتصار عسكري في العصر الحديث. وفي عام 1974 قرر السادات رسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم فكان قرار الانفتاح الاقتصادي وفي عام 1976 وبعد فترة طويلة من خضوع الإنسان المصري لسلطة الفرد المطلقة أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية التي بشرت بها ثورة يوليو ولم تتمكن من تطبيقها، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية ، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسي وهو الحزب الوطني الديمقراطي كأول مولود حزبي كامل النمو بعد ثورة يوليو ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحدوي التقدمي وغيرها. وفي عام 1977 اتخذ الرئيس قراره بزيارة القدس وفي عام 1978 قام السادات برحلته إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل التفاوض لاسترداد الأرض وتحقيق السلام وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام في كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وفي عام 1979 وقع الرئيس السادات معاهدة السلام مع العدو الصهيوني. وفي عام 1980 وبعد فترة طويلة من خضوع الإنسان المصري لسلطة الفرد المطلقة أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية نسبيا التي بشرت بها ثورة يوليو ولم تتمكن من تطبيقها ، فكان قراره بعودة الحياة الحزبية، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسي وهو الحزب الوطني الديمقراطي كأول مولود حزبي كامل النمو بعد ثورة يوليو ثم تولى من بعده ظهور أحزاب أخرى كحزب الوفد الجديد وحزب التجمع الوحدوي التقدمي وغيرها. وفي يوم الاحتفال بذكرى النصر يوم السادس من اكتوبر 1981 توفي محمد أنور السادات متأثرا بجراحه بعد أن قتله خالد الإسلامبولي.