"ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال"، مقولة قد ينطبق على المشهد الاقتصادي الذي تمر به مصر حالياً، والذي قسّم الشارع المصري ما بين متفاءل ويائس, صاحب آمال وفاقد لهذه الآمال, مواطن ينظر للواقع العجز الذي يعانيه الاقتصاد بعين ما يراه أمامه، وآخر ينظر إليه بعين المستقبل متطلعاً لنهضة وطفرة قادمة. ففي الوقت الذي نظر فيه البعض إلى لجوء الحكومة للاقتراض من صندوق النقد الدولي وما تبع ذلك من خلافات سياسية ودينية بأنه فشل واضح لإدارة الدولة في إنقاذ الاقتصاد من الأزمة التي ألمت به منذ اندلاع ثورة 25 يناير, رأى آخرون أن ذلك أولى خطوات تحقيق الثقة في الاقتصاد بعد موافقة الصندوق على منح مصر هذا القرض ومعالجة مبدئية للعجز الحالي للموازنة. وكما يقول البعض "بأن الغريق يبني آماله على قشة تنقذه من غرق"، فإن التطورات التي حدثت يوم الأربعاء على المستوى الاقتصادي قد تدعو للتفاؤل النسبي بأن مصر ستعبر أزمتها الحالية. 5 مليار دولار بدأ اليوم بتصريحات رجل الأعمال حسن مالك رئيس لجنة تواصل رجال الأعمال مع مؤسسة الرئاسة، بأن رجال الأعمال المشاركين في الوفد الرئاسي بزيارة الصين، وقعوا اتفاقيات مع نظرائهم الصينيين بقرابة 5 مليارات دولار أي ما يقرب من 30 مليار جنية مصري, مشيراً إلى أن المجالات التي تم التوقيع فيها، البتروكيماويات والطاقة الجديدة والمتجددة والنسيج والأدوية والكهرباء والسيارات وتحلية المياه ومجالات أخرى. وأضاف مالك، أن هناك اتفاقيات أخرى بين المستثمرين المصريين والصينيين والشركات الصينية العملاقة. زيادة الاحتياطي في المقابل أكد الدكتور محمد محسوب وزير الدولة لشؤون مجلسي الشعب والشورى، أن مجلس الوزراء استعرض تقريراً من البنك المركزي يؤكد فيه زيادة احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بنحو مليار دولار نهاية أغسطس الجاري. وأضاف محسوب أن المليار الإضافية في احتياطي مصر من النقد الأجنبي منها 500 مليون دولار حجم الشريحة الأولى من الوديعة القطرية البالغ قيمتها ملياري دولار و500 مليون دولار أخرى ناجمة عن تحسن أداء الاقتصاد في الآونة الأخيرة وزيادة موارد النقد الأجنبي. وكان البنك المركزي قد أعلن مطلع الشهر الجاري انخفاض احتياطي البلاد من النقد الأجنبي في شهر يوليو الماضي إلى 14.422 مليار دولار، حيث فقد 1.6 مليار دولار في هذا الشهر بسبب قيام مصر بسداد التزامات خارجية مستحقة عليها لدول نادي باريس ودائنين آخرين. وأضاف محسوب عقب اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة هشام قنديل أن الاقتصاد لم يعد مؤهلاً للتراجع وأنه دخل دائرة الإيجابية وأصبح يُصنف من قبل مؤسسات التقييم الدولية بدرجة B + بدلاً من BB. ولفت إلى أن خروج مصر من دائرة التصنيف السلبي من قبل مؤسسات التقييم الدولية ينبئ بتحسن أوضاع الاقتصاد المصري. الميزان التجاري ووسط هذا التفاؤل بتحسن الاقتصاد أعلن جهاز التعبئة والإحصاء أن قيمة العجز في الميزان التجاري قد بلغ نحو 19 مليار جنيه ( نحو 3 مليار دولار) خلال مايو الماضي مقابل 17.2 مليار جنيه لنفس الشهر من العام السابق بزيادة نسبتها 10.2%. وقال الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، المعني برصد المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، في بيان أصدره يوم الأربعاء، أن قيمة الصادرات المصرية سجلت انخفاضاً بنسبة 13.3%، حيث بلغت نحو 15.1 مليار جنية في مايو الماضي، مقابل 17.4 مليار جنيه عن نفس الشهر من العام السابق. وأرجع المركزي للإحصاء انخفاض قيمة الصادرات إلى تراجع قيمة بعض السلع مثل منتجات البترول والبترول الخام والملابس الجاهزة، الأسمدة، الفواكه الطازجة، واللدائن بأشكالها الأولية. وقال الجهاز أن قيمة الواردات المصرية انخفضت بنسبة 1.6% حيث بلغت نحو 34.1 مليار جنيه خلال مايو الماضي، مقابل 34.6 مليار جنيه لنفس الشهر عن العام السابق. وأرجع المركزي للإحصاء انخفاض قيمة الواردات إي انخفاض قيمة بعض السلع التي تستوردها مصر مثل المواد الكيماوية العضوية وغير العضوية، والذرة، والنحاس ومصنوعاته، والقمح، والألبان ومنتجاتها. الواردات للصين لم يمر قليلاً وجدد التفاؤل المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية التي أكد فيها أن العلاقات التجارية بين مصر والصين شهدت تطوراً سريعاً خلال السنوات الأخيرة؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري نهاية 2011 ما يقرب من 8.8 مليار دولار بزيادة 26 % عن العام الماضي، كما سجلت الواردات الصينية إلى مصر نحو 7 مليار دولار، بلغت الصادرات المصرية للصين حوالي 1.5 مليار دولار. وقال وزير الصناعة في ختام زيارته للصين ضمن وفد رسمي مصري، أن الاستثمارات الصينية في مصر ضئيلة حيث بلغت العام الحالي حوالي 580 مليون دولار فقط وتحتل المركز 25 في قائمة الدول المستثمرة في مصر. وأكد حاتم صالح على أهمية إنشاء المنطقة الاقتصادية في شمال غرب خليج السويس التي تعكس عمق العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن وزارة الصناعة والتجارة وقعت اتفاقية هامة مع نظيرتها الصينية خلال الزيارة الأخيرة بغرض تعظيم الاستفادة من الجانب الصيني وتطوير الصناعة المصرية في عدد من المجالات ومنها نقل التكنولوجيا . وقال وزير الصناعة "إن سياسات الإصلاح الاقتصادي خلال السنوات الماضية كانت جيدة ومن من المتوقع أن تشهد معدلات النمو مزيداً من التحسن خاصة مع الاستقرار السياسي والأجواء الحالية والبدء في تنفيذ مشروع النهضة".