لم تخضع لغة سياسية لعملية تدجين ورَوْسمةٍ وتشويه كما خضعت اللغة السياسية الفلسطينية. فقد اجتمعت عليها تيارات النفاق ومؤثرات الدجل من الدبلوماسيات العالمية كافة، وذلك لتفريغها من غايتها الوحيدة الممكنة. وقد مسّ التشويه حتى لغة الفلسطيني العادي في حياته اليومية، والأمثلة أكثر من ان تسرد في عجالة. ومن أهم الحالات إثارة للحزن أنه لا يكاد أي فلسطيني يشكو ساردا للإعلام ما جرى له وما تعرض له من ظلم بعد هدم بيت أو اعتقال أو مصادرة أرض، إلا وينهي كلامه بالعبارة التالية: "وهذا مخالف لكافة الأعراف والمواثيق الدولية"، أو "وهذا يخالف القانون الدولي" أو "وهذه ترقى لمصاف جرائم الحرب"... لقد مرت على اللغة السياسية الفلسطينية كذبة القانون الدولي والأعراف والمواثيق وكأنهاأعدت مثل قوانين الدول الديمقراطية للضعفاء الذين لا يستطيعون فرضها. النطق بهذه العبارات في حالة العرب والفلسطينيين الحالية يشبه وضع أحجبة في شقوق جدار مزار افتراضي لما يسمى المجتمع الدولي.