قررت أن أبوح لكم اليوم بأحدث اختراعاتي التي فتح الله بها علي ببركة شهر رمضان المعظم، ونظراً للظروف التي نعيشها ونحياها، أريد أن أطرحها على الرأي العام وربما أسجل براءة اختراعها باسمي! وإليكم النظرية. أي زجاجة في الدنيا لها سعة محددة .. أي أن زجاجة المياه الكبيرة تطلع .. تنزل .. تقف .. تنام على جنبها بل على رأسها آخر سعتها تكون لتر ونصف .. هذه طاقتها وآخر استيعاب لها. لن تجد منها يوماً مفاجئة أنها قد استوعب خمسة أو عشرة لترات، وليس في خطتها أو طموحها أن تزيد من سعتها. ربما يكون تعايشها مع هذه الكمية المحددة من السائل قد قتل الخيال والطموح فيها .. وأكسبها جموداً أصابها بالشلل والعجز عن الحلم أو الرغبة في التطوير أو الاندماج أو الدخول في إعادة تدوير مع مثيلاتها لتكون عبوة أخرى أو خزان أو حتى تشارك في أن مشروع مبرد مياة مثلاً! ربما يكون التطوير الهائل الذي يطرق عليها ومن وجهة نظرها أن تمتلئ بسائل جديد مثل الخروب أو الكركديه أو الليموناده ..! قد تتزين وتتلون وتتباهي بلون سائل جديد، ولكنها ستظل بنفس السعة داخل نفس الحجم والإطار. نعلم جيداً أن هذه الزجاجة مختلفة عن الزجاجات الأخرى في أمانتها واحتفاظها بكمية السائل الذي تحويه، لكن هل نقيس على الزجاجات المثقوبة أم يجب أن ننظر إلى الأكبر والأفضل..؟! بل ربما إلى المصنع الذي أنتجها .. ويجب أن تفهم الزجاجة أن أمانتها واحتفاظها بالسائل ليس عطاء أو هبة منها فهذا واجبها ودورها لأنها لو فرطت في السائل، فستنزل من على الرف أو تخرج من الثلاجة وسيكون مصيرها إلى صندوق النفايات! زجاجة المياه .. ولدت زجاجة، وتعتقد أن هذا قدرها دون أي رغبة في التمرد، خاصة أن كل خبرتها في الحياة وتجاربها كانت مع زجاجات مثلها. بل بالفعل هناك من راهن على هذا النوع الجديد من الزجاجات عندما نزل الأسواق لأول مرة .. فانتظر منه ثورة في عالم الزجاجات. لكنها خيبت ظن الجميع ولازمتها عقدتها الأبدية بأنها لا تستطيع أن تتمرد أو تحلم أو حتى تفاجئ الجميع. كنا نأمل من الزجاجة أن تحاول الإتيان بجديد. لكن من الواضح أن العيب ليس في الزجاجة، بل ربما يكون فينا نحن، وفي سذاجتنا المفرطة، واعتقادنا الخاطئ في إمكانات زجاجة! لن تستطيع زجاجتنا بعد كل هذه الحياة مع الزجاجات مثلها أن ترتدي ثوبا أو جلبابا جديدا .. هذا قدرها وكان يجب أن نعرف ونعلم أن هذه إمكانياتها. نعم كان الاختيار صعباً بين: أن نشرب من زجاجة محددة المعالم والسعة أو أن نشرب من مياه المجاري! نعم ..! كان الاختيار مهولاً صعباً مفزعاً. أن نشرب من زجاجة لا تمتلئ إلا من عند شركة وتوكيل بعينه أو أن نشرب من ماء عفن حتى وإن بدا للبعض خطأ أنه متجدد يصلح للشرب. إذن ما الحل يا سادة مع هذه الزجاجة؟! الحل من وجهة نظر هذه النظرية أن نصبر علي هذه الزجاجة وقتا آخر، ونعطيها فرصتها كاملة بل ندعوا لها أن توفق في إعادة إنتاج نفسها بما يواكب التطوير الكبير الذي يحدث في عالم الزجاجات. ولو ظل الوضع كما هو عليه، فما علينا إلا أن نفضها سيرة، ونفتح الزجاجة ونشربها بعد أن نقرأ عليها دعاء الشرب حتى لا نكون قد قصرنا معها من الناحية الإنسانية والشرعية؟! يا سادة يجب أن تتفهموا ولا تتعجبوا، إذا لم تستطع الزجاجة أن تجلب لنا للآن .. سوى قنديل؟!