في ظل أجواء الشرق الأوسط المليئة برياح التغيير وعقب إعلان فوز مرشح "جماعة الإخوان المسلمين" الدكتور محمد مرسي تلبدت سماء تل أبيب بالغيوم وتشوشت الصورة لدى زعمائها ووزراء حكومتها وقادة جيشها ، وأصبح المشهد السياسي والأمني من الناحية الاستراتيجية بالنسبة للكيان الصهيوني مرسوما بعدم اليقين. وبالرغم من حرص الرئيس المصري الجديد المنتخب في أول خطاب له بعد إعلان النتيجة الرسمية لانتخابات الرئاسة المصرية منذ عدة أيام على توصيل رسائل طمأنة لدول العالم خاصة الكيان الصهيوني على تعهده بالحفاظ على كل الاتفاقات الدولية التي وقعتها مصر من ضمنها اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام إلا أن تل أبيب بأجهزتها الأمنية والمخابراتية المختلفة تكن كل عداء وقلق وتخوف للنظام المصري الجديد تحت غطاء "الإسلام السياسي". ووفقا لدراسة أعدها معهد "بن جوريون" للدراسات الاستراتيجية فإن المسئولين الإسرائيليين أصابهم حالة من الارتباك في أعقاب إعلان مرسي برئاسة مصر ، فبينما أعرب مسئولون عن أملهم بأن يحافظ الرئيس الجديد على معاهدة السلام بحكم المصالح الاستراتيجية المشتركة بين الجانبين ، دعا آخرون إلى إعادة النظر فى طبيعة العلاقات بين الأطراف في المنطقة من خلال ترميم ما يسمى ب"محور الاعتدال" وتعزيز العلاقات مع السعودية والأردن والسلطة الفلسطينية. وقد عكست جميع الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية صعود "الإخوان المسلمين" إلى سدة الحكم في مصر، حيث أكدت أن صعودهم سيكون له انعكاسات مباشرة على مستقبل المنطقة من الناحية العسكرية والأمنية، موضحة أن هذا الواقع الجديد سيفرض على قادة إسرائيل أن يعيدوا التفكير فى منظومة التخطيط الاستراتيجى وإعادة فتح ملفات الجبهة المصرية التى أغلقت منذ عقود ظل فيها النظام السابق بقيادة الرئيس المخلوع حسنى مبارك حارسا أمينا لمصالح إسرائيل من الجبهة الغربية لتل أبيب. وبالرغم من ميزانية الدفاع الإسرائيلية المنهكة التي تصارع على الصمود في وجه الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية التي تفاقمت في الشارع الإسرائيلي في ظل التوقعات بمزيد من التراجع الاقتصادي المتأثر بالأزمة المالية بالدول الغربية، وأن هذه الميزانية مطالبة اليوم بالتعامل مع "سيناريوهات الرعب" المستقبلية المتطرفة تتحول فيها مصر من حليف إلى عدو. وأكدت الدراسة أن الحلقة الأضعف في هذه السيناريوهات هو شبه جزيرة سيناء التي تفتقد إسرائيل القدرة على التحرك فيها لمواجهة التهديدات المنطلقة منها إلى جانب حالة العمى الاستخباري المتراكم منذ عقود من الإهمال وتقييد حرية الحركة عسكريا بسبب اتفاق السلام الهش والحساس. ووفقا لتقديرات المحللين والخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين فإن التهديد الأمني للكيان الصهيوني سيتحول في شبه جزيرة سيناء من تكتيكي على يد جماعات مسلحة غير منظمة أو منظمة إلى تهديد استراتيجي عندما يقترب الجيش المصري من الحدود مع فلسطينالمحتلة وعندما يتعامل بندية مع الصهاينة.