المجلس الرئاسى ليس من مطالب الثوّار فى التحرير فقد حدث إلتباس عند البعض عندما تحدث على المنصة بميدان التحرير أمس مرشحي الرئاسة السابقين حمدين الصباحي ثم خالد علي على ثم عبدالمنعم أبو الفتوح ، وقد كان المقصود طرحه هو مجلس لقيادة الثورة أو مجلس "إنقاذ" للثورة وهو المسمى الأوجه في هذه الحالة. بالنسبة لمطلب تطبيق "قانون العزل"، الذى وإن طبّق سيؤدى بالتبعيّة إلى إعادة الإنتخابات كاملة بإستثناء "الشفيق"، هو المطلب الأهم للحراك الثوري الحادث الآن، وفي نفس الوقت هو المطلب الذى اتفق عليه الجميع بما فيهم الإخوان، وهو المسار الأقرب للتحقيق فى ضوء مفردات الواقع الحالى، فقانون العزل له بنية قانونية منذ بضعة أشهر و مستقر فى وعى النخبة و الرأى العام والمجلس العسكرى خصوصا بعد تجربة تطبيقه. قانون عزل الفلول الذي تم التراجع عنه بدون مبررات بمجرد الضغط الثورى فى ميادين مصر سيجبر المجلس على البحث عن بديل والذى فى الأغلب سيكون حمدين صبّاحى أو أبو الفتوح، إلا أن حمدين سيكون الأقرب لإرضاء المجلس العسكرى وإحداث عدة توازنات مطلوبة وهامة فى نظر العسكر يصعب إحداثها فى ظل "أرطبون" مصر، وعليه سيطبّق قانون العزل ويستبعد شفيق و تعاد العملية الإنتخابية كاملة إلا أننا حينها سنعيش مواجهة حقيقية بين حمدين ومرسى، غالبا ما ستنتهى بنجاح حمدين مع ضمانات حقيقية للإخوان تتمثل فى الحكومة و البرلمان. عامة الإخوان يعلمون جيدا أن تنفيذ مشروعهم "النهضوى" يتطلب رئيس يدفع عنهم الضغط الخارجى من اللوبى الصهيونى، ويرفع عنهم الضغط الداخلى من القوى الليبرالية و الكنيسة بإحتواءهم في مسار استيعابي، وسيكتفون بحكومة يشكلون أغلبيتها عدا الوزارات السيادية بما فيها وزارة التعاون الدولى من أجل عدم التدخل فى المعونة مع أغلبية برلمانية عالية كالتشكيل الحالي. سوف يحقق ذلك للإخوان هدفين مرحليين هما البدء فى معركة الإصلاح والتفرغ لمعالجة الفساد فى عمق الجهاز البيروقراطى للدولة، مع إطلاق عدة مشروعات إقتصادية أغلبها إستهلاكيّة (جذب شركات أجنبية ) تنعش الإقتصاد المصرى قليلا وتشعر المواطن ببعض الرفاهية النوعية مثل توافر العيش والبنزين و الغاز وإنخفاض أسعار السلع الغذائية والسياحة الداخلية و غيرها. و الهدف الثاني ويمكن وصفه بالمرحلى فى إطار رؤية إستراتيجية وهو حماية الجماعة و الحفاظ على هذا الجسد التنظيمى الضخم وحماية مدخراتها المالية ومشروعاتها الإقتصادية بجانب كسب مساحة أكبر لحرية العمل الدعوى فى ظل إنطلاق الدعوة السلفية بقوة بهدف ضبط التوازن فى الوعى المصرى الدينى وفق رؤيتهم فى وسطية و إعتدال رسالة البنا. بناء على هذا التحليل لن أستغرب عدم تمسّك الإخوان بإنجاح مرسى فما ذكرته أعتقد أنّه مستقر فى وعى الإخوان إلا أن قواعد اللعبة تقتضى المشاركة، وهذا التحليل لا ينفى إستبعاد الإخوان إحتمالية نجاح مرسى فى جولة إعادة مع شفيق نهائيا إلا أن فرص نجاحه ستقل بشدة فى ظل "التزوير" الناعم المتوقع فى جولة الإعادة خصوصا وأن معظم القوى واثقة فى أن الجولة الأولى قد زوّرت فيها إرادة المصريين خاصة فى ظل المشاركة الضعيفة والتى فى نظرى كانت أقل من المعلن بكثير والتى سهلت كثيرا عملية التزوير. فى النهاية الحالة الثورية يجب أن يتم تنشيطها الآن بقوة لدعم المطالب المعلنة،، فالميدان دائما كان مصدر كافة المكاسب حتى الآن.