وفق أطر اللعبة الإعلامية العالمية والصهيونية، ارتبطت كلمة الإرهاب بالإسلام أو العرب، أنها " تيمة" عمل—ولا يزال—يعمل عليها الإعلام الإسرائيلي والغربي في وصمه للعرب والمسلمين، هذا ليس بجديد على أحد، الجديد والذي لم يحصل على حقه في الإعلام هو مصطلح "الإرهاب الصهيوني"، وهو مصطلح تداولته حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية! وهل نحتاج من المجرم أكثر من اعترافه؟ مصطلح "الإرهاب الصهيوني"، وان كان الإعلام الإسرائيلي وظفه للتعبير عن وحشية المتدينين اليهود وما يقومون به ضد اليسار الإسرئيلي، وبالطبع ضد الفلسطينيين أيضاً، إلا إننا نراه يتعدى "اعتداءات المتشددين اليهود" ليشمل الإرهاب الفكري الإسرائيلي—الصهيوني ( يضاف عليه الإرهاب الفكري الصهيوني بكل ما يتعلق بقضية الهولوكست أو المحرقة التي شرعنتها إسرائيل بقوانين دولية لمنع مناقشتها أو البحث فيها، وهو إرهاب فكري بحق العالم أجمع حيث يمنع بحث حقائق تتقصى جزء من تاريخ البشرية)، هنا سنستعرض الإرهاب الفكري بحق الفلسطينيين. كيف ذلك؟ عندما تعرف أن إسرائيل قامت باعتقال (وفقاً لتقرير المرصد الأورومتوسطي ) 430 أكاديمي ومحاضر جامعي خلال السنوات العشر الأخيرة، فاعلم أنك تواجه الإرهاب الفكري الإسرائيلي، وإن علمت أيضا أن اعتقالهم يتم بشكل دوري ودون أن تقدم بحقهم تهم مُعلنة، حيث يخضع أغلبهم للاحتجاز بناءً على أمر يوقّعه الحاكم العسكري المحلي، في إطار ما يسمى ب"الاعتقال الإداري" فاعلم أيضاً أنك أمام دولة تهاب الفكر وتضرب عرض الحائط بكل القوانين الدولية. كيف يمكن أن نفسر اعتقال 41 محاضر وأكاديمي فلسطيني يقبعون الآن في السجون الإسرائيلية؟ مثل اعتقال المحاضرين بجامعة النجاح؛ يوسف عبد الحق وعمر عبد الرازق أستاذ الاقتصاد، ومحمد غزال أستاذ الهندسة المدنية، وأمين أبو وردة أستاذ العلوم السياسية، والمحاضران ب"القدس المفتوحة"؛ عدنان أبو تبانة، ونايف أبو السعود. لا يقتصر الأمر على الاعتقال، بل وراء الاعتقال نفسه الابتزاز الذي يمارس على الأكاديميين؛ فقد وثق "المرصد الأورومتوسطي" حالات ابتزاز مورست ضد عدد من الأكاديميين، شملت مساومتهم على التعاون الاستخباراتي مقابل الإفراج عنهم، أو التهديد بإبعادهم، وأفظع هذه الممارسات هي مصادرة الأبحاث العلمية التي أنجزها أكاديميون خلال سنوات اعتقالهم الإداري! ولعل أهم هذه الحالات هو إتلاف إدارة السجون الإسرائيلية سبعة أبحاث نظرية أعدها البروفيسور عصام الأشقر في حقل الفيزياء خلال اعتقاله! فهل هذا يهدد أمن إسرائيل في شيء؟ إذا القضية هي إرهاب فكري، ويمكن أن نصف مسلسل التنكيل بالصحفيين والمراسلين الفلسطينيين بالتعتيم الإعلامي، لمنع فضح ممارساتها بحق الشعب الفلسطيني(ولا أفهم لماذا تتغنى إسرائيل بديمقراطيتها مع صحفييها إذا كانوا صحفييها أنفسهم يعلنون تعاونهم مع الموساد، هنا يمكن ذكر الصحفيين الإسرائيليين أوري دان، ويشعياهو بن فرات). لا يمكن نسيان حادثة استشهاد المصور الصحفي فضل شناعة الذي قتل وهو يصور قاتله، أو مئات الصحفيين والمراسلين الميدانيين في الأراضي الفلسطينية في الضفة الذين تعرضوا للضرب بقنابل الغاز مسيل للدموع، أو من جنود صهاينة أغضبهم التقاط العدسات لجريمتهم. الصحفي الفلسطيني رغم وضوح هويته المهنية لجنود الاحتلال لا يزال يتعرض للمخاطر مثله مثلي صانعي الحدث تماماً، بل ويداهم بيته جنود الاحتلال تحت جنح الظلام، ويعتقل تحت ما يسمى "بالاعتقال الإداري"، ويخضع للتحقيق دون أن توجه له تهم معلنة، أو يمكن –أحيانا—اتهامه بتهم سرية بهدف الابتزاز، لاستخلاص معلومات أو لمحاولة تجنيدهم. في الأسابيع الأخيرة شنت قوات الاحتلال هجمة شرسة على الصحفيين والمراسلين، وهنا اقتبس مسح استقصائي قام به مركز "مدى" لرصد ممارسات الاحتلال بحق الفلسطينيين، حيث يشير مركز "مدى" إلى أن الانتهاكات تأتي ضمن حملة تشنها قوات الاحتلال بحق الصحفيين الفلسطينيين، حيث قامت خلال الأسبوع الماضي باحتجاز طقم تليفزيون فلسطين (المصور نجيب فراونة، والمراسل علي دار علي) لمدة أربع ساعات، وبتهديد مراسلة فضائية القدس ليندا شلش بالاعتقال في حال عدم مغادرتها المكان يوم الجمعة الموافق 3/2/2012 في قرية النبي صالح قرب مدينة رام الله. بالإضافة إلى تمديد الاعتقال الإداري لمنسق برامج فضائية القدس نواف العامر لمدة ثلاثة أشهر إضافية، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 26/1/2012، و لمراسل وكالة PNN وصحيفة الإمارات الخليجية أمين أبو وردة للمرة الرابعة على التوالي، يوم الثلاثاء الموافق 31/1/2012. في حين فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس الإقامة الجبرية على الكاتب الصحفي راسم عبيدات لمدة ستة أشهر بتاريخ 31/1/2012. كما قامت قوات الاحتلال بمداهمة بيت الصحفي صهيب العصا من بلدة العبيدية قرب مدينة بيت لحم حوالي الساعة الثانية والنصف صباحاً، وقاموا باعتقاله ومصادرة هواتفه النقالة والمسجل الصوتي وذاكرة آلة التصوير، قبل أن تقتاده إلى جهة مجهولة. وكل ما عرفناه حتى اليوم هو أنه تم تمديد اعتقاله الإداري بضع أيام أخرى رهن التحقيق، أما مركز"وفا" فقام برصد 140 انتهاك للاحتلال بحق صحفيين ومراسلين فلسطينيين تراوحت بين اعتقال، وبين إلقاء قنابل غاز مسيل للدموع، وبالاعتداء عليهم إثناء مزاولتهم لعملهم. ما تقوم به إسرائيل بحق الصحفيين الفلسطينيين من محاولات تعطيل عملهم الإعلامي، يوازيه تجنيد وسائل الإعلام العبرية التي تقوم بدورها بتعتيم إعلامي ممنهج بحق مواطنيها، وقد وضعت العديد من الدراسات حول أسلوب تغطية الوسائل العبرية الاسرائيلية للأحداث، ومنهجيتها في التعامل السلبي في التركيز على قضايا بعينها، وإغفال قضايا أكثر أولوية خصوصا الحقوقية منها، كل ذلك يصب في إطار خلق منظومة" إرهاب إعلامي وفكري" صهيونية تمارس عملاً مركزاً على الأكاديميين والصحفيين الفلسطيين لتعطيل مسار قضية" التحرر الوطني"، خصوصاً مع تخوف دولة الاحتلال الإسرائيليىة من ربيع عربي تخشى أن يقترب خطوات قادماً من القاهرة ودمشق وبنغازي إلى الداخل الإسرائيلي، وحينها لن يتوقف الأمر على زوال نظام فقط، وإنما زوال دولة بأكملها.