أعلن عمر شيخ عمار الجندي بالجيش السوري الحر أنه انشق عن جيش بشار الأسد بعد أن رأى المجازر التي يرتكبها الجيش بحق المدنيين المتظاهرين بشكل سلمي. وقال عمار إن المرة الأولى التي تلقى فيها أمرًا بإطلاق النار على حشد من المحتجين في سورية شكلت نقطة تحول في قناعاته، حيث صوب الكلاشينكوف الخاص به فوق رؤوس المحتجين، ثم دعا إلى الله ألا يجعله قاتلا. ونشأ عمار في رهيداويدنبرك، وهي قرية تعود إلى القرن السادس عشر، وحلم باليوم الذي يعود فيه إلى سورية. وتقول الصحيفة إنه اليوم لا زال يحاول فهم تحوله غير المحتمل من طالب ألماني مطيع إلى قاتل "ضمن النظام الوحشي للرئيس بشار الأسد"، وفي نهاية المطاف منضم إلى الجيش السوري الحر. وقال نشطاء سوريون: إن عمار واحد من آلاف السوريين الذين وجدوا أنفسهم بشكل غير مقصود جنود مشاة لنظام، قتل ما يزيد عن 5 آلاف شخص منذ بدء قمع المتظاهرين في مارس 2011"، وعادة ما يجند الجنود في عمر الثامنة عشرة، مع تشكيل أعداد من الغالبية السنية في سورية للقسم الأكبر من صفوف الجيش. وقالت منظمات حقوقية إن الأقلية العلوية، التي تنحدر من الطائفة الدينية التي ينحدر منها الأسد، تنفرد بالمناصب العليا في أجهزة الأمن الرسمية والجيش. والتحق عمر، السني العربي ذو التعليم العالي، بوحدة أمنية ملحقة بوزارة الداخلية. وتقدر منظمات حقوق الإنسان وجود ما لا يقل عن 5 آلاف منشق، والرقم الدقيق يصعب تأكيده لأن الكثيرين ما زالوا مختفين. ويقول أول سولفانج -باحث بمنظمة هيومان رايتس ووتش الذي التقى بعشرات المنشقين السوريين ومن بينهم عمر، إن قصة عمر المروعة توافق النمط المألوف جدًا الذي يتم فيه نشر الجنود بعيدًا عن مدنهم الأصلية للمساعدة في ضمان أن يكونوا أقل احتمالا لرفض أمر بالقتل. وأضاف، في إشارة منه إلى عمر "لقد كان واحدًا من الأشخاص المحظوظين، لأنه تمكن من الهرب من جيش الأسد وما زال على قيد". وبدأت القصة في 2004، عندما غادر ألمانيا إلى حلب، بهدف التواصل مع جذوره ودراسة القانون وتحسين لغته العربية والعثور على زوجة. ولقد نجح في عمل هذا كله، الالتحاق بكلية للقانون والزواج بطبيبة وأخيرًا إنجاب طفل. وفي الوقت نفسه عاد والداه إلى حلب لأن والده أراد أن يعيش السنوات الأخيرة من عمره في بلده القديم. وفي نهاية العام 2010 جُنّد عمر في الجيش السوري، قبل أسابيع من قيام بائع فاكهة تونسي بالتضحية بنفسه وإطلاق موجة من الاحتجاجات الإقليمية التي ضربت في نهاية المطاف سورية، التي يصمم رئيسها المستبد على الإبقاء على قبضة عائلته على السلطة. وفي البداية قال عمر، الذي دائمًا ما كان يشعر بأنه غريب في ألمانيا، إنه كان يشعر بالفخر لخدمة الحكومة. وقال إن الجنود أبلغوا في البداية أن مهمتهم الرئيسية الدفاع عن النظام ضد إسرائيل. لكن عندما اندلعت المظاهرات، أبلغوا بأن المحتجين إرهابيين أو عصابات مسلحة ترعاها قوى أجنبية. ومنع تداول الهواتف الخلوية ومشاهدة القنوات غير الحكومية أو الإنترنت بشكل صارم، وخرق هذه القاعدة يعاقب عليه بما يصل إلى السجن العسكري شهرين. وكان الانتشار الأول لعمر في مدينة درعا في الجنوب، قرب الأردن، والتي قال إنه ووحدته، التي يبلغ قوامها 350 فردًا أرسلوا إليها في مارس "للمساعدة في قمع المظاهرات الكثيفة". وقال إنه أمر باعتقال وإطلاق النار على "عشرات المحتجين، بينهم الكثير من الطلاب الشباب، الذين قاموا برسوم معادية للحكومة على جدران المدينة". وتذكر عمر أن الجنود "طلبوا من المعتقلين معرفة سبب ذهابهم إلى الشوارع ومن الذي دفع لهم". واصفًا الأمر بأن "مشاهدته مؤلمة". متابعًا "في البداية لم أكن أستطيع النوم، لكن بعد فترة من الوقت اعتدت على ذلك. لكنني لم أكن أتمكن من العيش مع نفسي إذا بقيت". ومضى عمر يقول "مع وتيرة الاحتجاجات التي تجمعت على مدى الصيف، أرسلت إلى حماة، حيث جردت من الكلاشينكوف الخاص بي وأعطيت بدلا من ذلك درعًا وبندقية تخدير". وأضاف أنه "مع عشرات الآلاف من الأشخاص في الشوارع في حماة، تمنيت الاختفاء في الحشد". وذكر أنه في ظهر 26يوليو قرر هو واثنان من زملائه الهرب من قاعدتهما العسكرية، وتبديل ملابسهم إلى ملابس مدنية والقفز من فوق الجدران.وقال عمر إنهم وجدوا الملجأ في منازل أشخاص يعارضون النظام، وقاموا بلف أوشحة على رؤوسهم لتغطية وجوههم. وخشية اختطافه أو اختفائه في سورية تحت بعض الذرائع الكاذبة، قام عمر بعمل فيديو قام ببثه على موقع يوتيوب، لإثبات أنه هرب. وهرب المنشقون إلى الحدود مع تركيا في وضح النهار، وفي نهاية المطاف تخلوا عن سيارتهم، ومشوا عبر الغابات لتفادي كشفهم. وقال إنه في السابعة من صباح 30 يوليو عبروا بشكل غير شرعي إلى هاتاي، حيث التقوا بأعضاء من "الجيش السوري الحر"، واستقروا في مخيم للاجئين. وفي المخيم أنتج عمر، النحيف والشاحب فيديو آخر لبثه على اليوتيوب. وقال فيه إن يشعر بالعار لأنه كان "جزءًا من قوى الأسد". وتابع يقول، وهو يرتدي الزي الرسمي ل"الجيش السوري الحر" وإلى جواره العلم السوري، "لن أنسى جثامين القتلى من الشباب والمسنين، وأيضًا النساء والأطفال في الشوارع". وأضاف موجهًا حديثه إلى ألمانيا "مات هتلر في ألمانيا، لكنه مستيقظ في سورية". وفي نهاية المطاف ساعدته ألمانيا على الخروج من المخيم حتى يتمكن من الحصول على التأشيرة على جواز سفره كي يبقى في تركيا. وانضم عمر إلى الجيش السوري الحر، وهو مجموعة متواضعة يبلغ قوامها حوالي 10 آلاف جندي، يقولون إن مهمتهم حماية المدنيين من النظام. وهو الآن ضابط يساعد في تهريب المتمردين الجرحى إلى تركيا، ويستضيف بعضهم في منزله، وقال إنه أيد المظاهرات السياسية ضد النظام، لكنه حذر بقوله "لا يمكننا تحمل مواجهة البنادق بالكلام والشعارات فقط". وأبدى عمر قلقة على زوجته وابنته التي تبلغ من العمر سنة واحدة ووالديه. وقال بعد هروبه إن شقيق زوجته طرد من وظيفته كمهندس، وتم تخريب منزله في حلب. لكنه قال إنه غير آسف، وإن عائلته تعرف أنه أخذ "القرار الصائب".