مازالت الهوة بين شباب الثورة والإخوان آخذة في الإتساع حتى وصل الأمر لحدوث اشتباكات وإصابات بين الطرفين في ميدان التحرير، سبقها هتافات واتهامات متبادلة بين الطرفين! فماذا حدث ولمصلحة من؟! بداية يرى البعض-وأنا منهم- أن مشاركة الإخوان في المظاهرات والإعتصام من يوم 25 يناير 2012 وحتى يوم 28 يناير 2012 إنما جاءت لتفريغ المظاهرات من مضمونها وتحويلها لنوع من الاحتفال والتظاهر المحكوم بما لا يضر بحكم ووضع المجلس العسكري! وبدلا من التوحد خلف شعار سرعة تسليم السلطة ووضع حد لحكم العسكر ورفع مستوى الضغط على المجلس العسكري، انشغلنا بالخلاف بين الإخوان والثوار والاحتكاكات المتبادلة، وتم إفراغ فعاليات ميدان التحرير من مضمونها ومعناها ورمزيتها، حتى ترك الكثير من الثوار ميدان التحرير، وذهبوا للتظاهر والاعتصام عند ماسبيرو، تجنبا للصدام مع الإخوان، وبحثا عن أجواء توافقية، تتحد فيها المطالب وهو ما ظهر بقوة عند ماسبيرو. وكانت النتيجة أو المحصلة النهائية لأربعة أيام من المسيرات والمظاهرات تقترب من الصفر!! فإلى أي حد سيذهب هذا الخلاف خصوصا بعد الجهر بالدعاء على الإخوان في الصلاة على ارواح الشهداء فوق كوبرى قصر النيل أمس (السبت 28 يناير 2011)، وهو ما أحزنني كثيرا بالرغم من خلافي مع مواقف الإخوان الأخيرة. متى سننتبه للعبة الجاري إحكامها منذ سقوط مبارك "الصوري" يوم 11 فبراير 2011، وهي لعبة تهدف إلى القضاء على الثورة تماما ببث الفرقة بين القوى الثورية وشق الصف حتى يسهل التعامل مع كل طرف على حدة، وهو ما حدث بقوة ونجاح على مدى الشهور الماضية ! قراءة الاحداث تدفعنا دفعا لمحاولة فهم أبعاد اللعبة الحالية والتي يتصدر فيها الإخوان دور البطولة وهي في زرع بذرة العداء بين الإخوان والثوار حتى لا يتوحدوا معا مرة أخرى ولا تقوم للثورة قائمة ! أتمنى أن يعي الطرفين أننا مازلنا في خندق واحد حتى لو ارتدى بعضنا البدل وذهب إلى مجلس الشعب وظل البعض بثيابه الرثه معتصما في ميدان التحرير! خصمنا مازال هو نظام مبارك وأعوانه! يستوي في ذلك من إرتدى الملابس العسكرية وتصدر المشهد ومن إنزوى من خلف الستار يدبر ويخطط وينفذ لإفشال الثورة وتركيع الشعب! هل يصدق عاقل أن المجلس العسكري سيسلم السلطة بعد حوالي 5 أشهر من الآن بدون ضغط متواصل؟ هل يصدق عاقل المحاكمات الهزلية التي تجري لرؤوس النظام بناء على اتهامات مضحكة وكأن كل مشاكلنا معهم هي فقط سرقتهم لحفنة من أموال الشعب؟ هل سمعتم عن محاكمة فتحي سرور أو صفوت الشريف أو أحمد عز أو غيرهم؟ هل تم تجديد حبسهم؟ أم أنه طرة أصبحت منتجعا لتجميع وإيواء المفسدين وتأمينهم؟ هل نسيتم آلاف المحكومين المسجونين في السجون العسكرية؟ هل تتذكرون أحداث شارع محمد محمود التي استشهد فيها العشرات فقط لكي نجبر المجلس العسكري على تحديد موعد لتسليم السلطة؟ ترى كم بحرا من الدماء سوف ننزف حتى يتم تسليم السلطة فعليا؟ متى نفيق؟ أختم بقول د. كمال الهلباوي في رسالته إلى قيادات الإخوان "كونوا فصيلا من فصائل الشعب المصري ولا تخطئوا كعادتكم التاريخية ويستبد بكم غرور ذكائكم فتسقطوا في هاوية الانتهازية السياسية، وليكن لديكم شيء من التواضع والحياء، وهل يحتفل المكلوم بفقد ابنه الشهيد؟ فيقيم الأفراح والليالي الملاح؟ على الأقل اصمتوا قليلا احتراما للشهداء الذين أخرجتكم تضحياتهم من الحظر والإقصاء وعذابات الزنازين إلى الظهور والبرلمان والحكم. أبلغت بكم الحكمة أن تعادوا من يطالبون بنهاية حكم العسكر وتسليم السلطة إلى المدنيين وأنتم المستفيد الأول والأخير من ذلك؟! أفي كل مرة لا تعقلون؟!