د.مازن النجار \n\nخلصت دراسة ألمانية حديثة إلى أن المراهقين الذين يعكفون مساء -بعد أوقات المذاكرة وأداء الفروض المدرسية- على ألعاب الفيديو التفاعلية الحاسوبية يتعرضون للأرق أو النوم القلِق، ومشكلات فى التحصيل الدراسي واستحضار ما تمت مذاكرته بالفعل.\nأجرى الدراسة فريق من علماء من جامعة كولون الألمانية بقيادة الدكتور ماركوس دْفوراك، ونشرت حصيلتها بمجلة \"طب الأطفال\" الكتخصصة.\nينطلق الباحثون في هذه الدراسة من فرضية تؤكد على تأثير وسائط الإعلام على صحة الاطفال العقلية والبدنية وسلوكهم الاجتماعي وأحوالهم عموماً، وهو أمر بات معترفاً به على نحو واسع كمشكلة صحية ملموسة وملحّة.\nألعاب تفاعلية وأفلام انفعالية\nيقول الباحثون أن نتائج دراستهم تقدم دليلاً إضافياً على التأثير الضار للإفراط في استخدام هذه الوسائط على نوم وصحة وأداء الأطفال أكاديمياً.\nشملت الدراسة 11 مراهقاً تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً، ولا يعانون أي مشكلات تتصل بالنوم ولا يتلقون أي علاج فى هذا السياق.\nعلى مدى يومين من مختلف التجارب، لعب هؤلاء المراهقون مباريات سباق تفاعلية حاسوبية متناسبة مع أعمارهم وممتدة لفترة 60 دقيقة؛ أو شاهدوا شريط فيديو على التلفزيون كفيلم \"هاري بوتر\" أو \"رحلة النجوم\". وقاموا بذلك فى المساء قبل ساعتين الى ثلاثة من موعد النوم. \nأجرى علماء جامعة كولون دراسات عن النوم خلال الليل؛ وقبل وبعد فحوصات على الذاكرة الشفاهية والبصرية.\nأظهرت نتائج الدراسة أنه عقب مباراة تفاعلية على الحاسوب، استغرق المشاركون فترة أطول للإخلاد إلى النوم، ونالوا ساعات أقل من النوم العميق، وهو النوم الذى يساعد الشخص النائم على تشكيل الذاكرة الواقعية؛ ونالوا ساعات أطول من النوم قليل النشاط الذي يلى مباشرة مرحلة الإخلاد إلى النوم ويسبق النوم العميق.\nتماسك الذاكرة وكفاءة النوم\nوكانت دراسات سابقة أجريت على الاطفال قد أظهرت أن ممارسة ألعاب الفيديو التفاعلية يمكنها أن تؤدي إلى زيادة ملموسة فى نبض القلب وضغط الدم ومعدل التنفس؛ وهذا يعني حدوث حالة استنفار أكبر للنظام العصبي المركزي.\nكما ظهر من اختبارات القدرات الإدراكية، التي أجريت في تلك الدراسات، قبل ألعاب الفيديو الحاسوبية وبعدها، أنها قد أحدثت تراجعاً فى الأداء الشفاهي للذاكرة بعد ممارسة ألعاب الفيديو الحاسوبية لفترة ساعة.\nأهمية هذه النتيجة في أنها تظهر أن التعرض لتجارب انفعالية قوية، كأداء لعبة فيديو حاسوبية أو مشاهدة فيلم مثير للانفعالات، يمكن ان يؤثر بشكل حاسم على عملية التعلم.\nونظراً لأن المعرفة التى تم تحصيلها من خلال المذاكرة وأداء الواجبات المدرسية حساسة للغاية فى فترة الاندماج اللاحقة بالذاكرة، فإنه يمكن للتجارب الانفعالية المستمرة لساعات بعد الجهد الدراسي أن تؤثر على تماسك الذاكرة إلى حد كبير.\nوجد الباحثون أن مشاهدة فيلم مثير للانفعالات لم تؤثر على أداء الذاكرة أو على وتائر النوم الإجمالية، لكنها تخفض بشكل واضح كفاءة النوم، أي نسبة وقت النوم الفعلي إلى الوقت الإجمالى للشخص فى الفراش.\nإدمان ألعاب الفيديو مرض عقلي؟!\nوكان إخصائيون في الطب النفسي قد اقترحوا مؤخراً على الدوائر العلمية المختصة إعلان \"الإفراط القهري\" في ألعاب الفيديو رسمياً ك\"اضطراب نفسي\"، واعتباره إدماناً ينبغي علاجه على أساس أنه أحد صور الإدمان.\nفقد دعا تقرير علمي مقدم إلى الجمعية الطبية الأميركية (AMA) في شهر يونيو/حزيران الماضي إلى تصنيف الإدمان على ألعاب الفيديو مرضاً عقلياً، وذلك لإرغام شركات التأمين الصحي على تغطية مصاريف علاجه.\nيقول دعاة هذا المقترح أن الانكفاء على ألعاب الفيديو قد يكون خطراً ومدمراً كالإدمان على مخدر الهروين، وأن هذا الاضطراب (النفسي) ينبغي أن يكون له مدخل أو توصيف في دليل الاضطرابات العقلية الشامل الذي تصدره الجمعية الأميركية للطب النفسي (APA).\nمقترح مثير للجدل\nسيثير المقترح على الأرجح جدلاً حامي الوطيس، إذ أن الشركات المنتجة لألعاب الفيديو سترفض فكرة أن منتجاتها يمكن أن تسبب اضطراباً نفسياً. وتقول أن هذا الزعم يفتقد السند العلمي.\nبل إن بعض خبراء الصحة العقلية يرون أن إعلان هذه الصورة من التسلية إدماناً رسمياً خطوة بعيدة عن المعقول. لكن الدكتور مارتن وَسَرمان، المدير التنفيذي لجمعية ولاية مريلاند الطبية، وقائد جهود المقترح، يقول أن الإدمان على ألعاب الحاسوب قد يكون له تأثير عميق في حياة الأفراد، وغالباً ما يدمر حياة الأسرة.\nفالشخص المنكفئ على ألعاب الفيديو يخصص لها قدراً ملموساً من الوقت غير متناسب مع أمور واحتياجات الحياة الأخرى من الوقت أيضاً، وهذه الألعاب هي ما يفكر فيه هذا الشخص حتى عندما لا يكون في حالة ممارسة لها.\nوحتى عندما يكون لهذه الألعاب عواقب سلبية تجاه التحصيل الدراسي أو أحوال الأسرة أو تكلف قدراً غير متناسب أو مبرر من المال، يستمر ذلك الشخص في ممارسة ألعاب الفيديو. وهذا يعني قضاء أوقات أقل مع الأصدقاء أو المجالات الاجتماعية الأخرى.\nحدود اللعب\nووفقاً لمعطيات هذا التقرير الذي أعده مجلس العلوم والصحة بالجمعية الطبية الأميركية، هناك 90 بالمائة من الشبيبة والمراهقين يمارسون ألعاب الفيديو، وحوالي 15 بالمائة منهم، أي نحو 5 ملايين طفلاً ومراهقاً، ربما كانوا مدمنين على تلك اللعاب.\nيقول الدكتور جيمس سكولي، المدير الطبي لجمعية الطب النفسي الأميركية، أن هذه الجمعية ستنظر بجدية تامة في ذلك المقترح لإضافة \"إدمان ألعاب الأنترنت/الفيديو\" في الإصدار القادم من \"الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية\"، وهو المرجع المعياري التشخيصي الذي يستخدمه الأطباء النفسيون في العالم.\nبيد أن المناقشات حول مختلف الإضافات المقترحة، بعضها يتضمن انفجار الغضب بين السائقين في الطرق، سيستغرق وقتاً طويلاً. أما الإصدار القادم من ذلك الدليل فلن يظهر قبل عام 2012.\nويقترح التقرير المعروض على الجمعية الطبية الأميركية - ذات ربع المليون عضو- أن يمارس الأطباء ضغوطاً على هيئة التجارة الفيدرالية لتحسين نظام التصنيف الراهن لألعاب الفيديو.\nكما يلتمس من الأطباء تشجيع الوالدين على أن يضعوا لأطفالهم حداً لوقت ألعاب الفيديو والإنترنت والتلفاز، بحيث لا يتجاوز ساعتين يومياً. ومن المتوقع أن يتم التصويت حول المقترح وإضافاته هذا الأسبوع لدى انعقاد مؤتمر الجمعية الطبية السنوي حول السياسات.