د.مازن النجار \n\n أفادت دراسة طبية حديثة أن سائل الرحم الذي يغلف ويحمي الأجنة أثناء فترة الحمل يؤوي أيضاً ميكروبات بكتيرية وفطرية معدية لكنها غير معروفة في السابق لدى العلماء. فقد وجد باحثون بكليتي طب جامعة ستانفورد وجامعة وين أن هذا السائل الشفاف المائل للإصفرار، والذي يحيط بالجنين خلال أشهر الحمل، يضم أيضاً ميكروبات معدية مجهولة وغير مشخصة سابقاً. نشرت نتائج الدراسة مؤخراً بالنسخة الإليكترونية لدورية \"المكتبة العامة للعلوم\".\nأضافت هذه الدراسة دليلاً يدعم المقدمة أو الفرضية الطبية القائلة بأن الميكروبات المعدية المتواجدة في سوائل الرحم المحيطة بالجنين يمكن أن تسبب ولادات مبتسرة قبل أوانها.\nفوجئ الباحثون بكمية البكتيريا غير المتوقعة التي عثروا عليها في سوائل الرحم، كما فوجئوا بأنواع جديدة أو مجهولة من البكتيريا كذلك. ولدى فحص هذا السائل بالأساليب التقليدية وبأسلوب آخر جديد لفك متتابعات الحمض النووي، تعرف الباحثون على بكتيريا أو فطريات معدية لدى 25 من 166 امرأة شاركن في الدراسة. \nالابتسار رد فعل مناعي\nجاءت نسبة العدوى البالغة 15 بالمائة أعلى بحوالي 50 بالمائة مما كانت عليه في الدراسات السابقة. ويتوقع العلماء أن تكون نسبة الإصابة (العدوى) أعلى من ذلك، لأن الاختبارات التي أجريت لم تفصح عن جميع مسببات الأمراض في سائل الرحم.\nيقول بعض الخبراء أن الأنواع المعروفة بأسمائها بين هذه الأنواع البكتيرية العديدة قليلة نسبياً، وكثير منها يصعب أوربما يستحيل زراعتها مخبرياً باستخدام التقنيات المتاحة حالياً. ولدى استمرار دراسة سائل الرحم بتقنيات محسّنة، يتوقعون التعرف على مزيد من الميكروبات المسببة للأمراض.\nيعتبر المولود قبل إتمام 37 أسبوعاً من الحمل طفلاً مبتسراً. وفي الولاياتالمتحدة مثلاً، يولد 12 بالمائة من الأطفال مبتسرين. والحقيقة أن الولادة المبكر هي السبب الرئيس لوفيات الأطفال حديثي الولادة عالمياً.\nفي حوالي نصف الولادات المبتسرة، يبقى السبب مجهولاً. لكن الأطباء يشتبهون في أن الميكروبات المعدية التي تعيش في سائل الرحم هي التي تستحث استجابة جسم المرأة باتجاه الولادة المبكرة.\nتتمكن الميكروبات المعدية من اختراق محيط الجنين عبر المهبل أو الدورة الدموية من خلال الفم أو أجزاء الجسم الأخرى. نتيجة لذلك، يُستنفر جهاز المناعة لمكافحة العدوى، مما يؤدي إلى استجابات التهابية تسبب بدورها طلقاً أو تقلصات في الرحم تفضي إلى الولادة.\nارتباط العدوى بالولادة المبكرة\nدرس الباحثون سوائل الرحم المحيطة بأجنة 166 امرأة حاملاً جاءهن طلق الولادة قبل أوانه بمستشفى هوتزل للنساء في ديترويت بين عامي 1998 و2002. من بين جميع حالات الحمل هذه اختتمت 113 حالة بولادة مبتسرة، وكان بينها أيضاً 25 حالة إصابة بالميكروبات المعدية كانت جميعها ولادات مبتسرة كذلك.\nولوحظ أن الحالات الأكثر إصابة بالميكروبات جاء ولاداتهن هي الأكثر ابتساراً (تبكيراً)، وهي إشارة دالة على ارتباط الميكروبات المعدية بالولادة المبتسرة. وهناك أدلة كافية على أن عدوى الجهاز البولي تسبب الولادة المبكرة، على وجه الخصوص.\nلكن الحاجة لا تزال قائمة لدراسات أكثر تفصيلاً للتثبت من أن العدوى الميكروبية تسبب في الحقيقة الطلق المبكر أو الولادة المبتسرة. ومن أجل الوصول إلى علاقة سببية مؤكدة، لا بد من إجراء دراسات أوسع نطاقاً أيضاً.\nيعكف االباحثون حالياً على دراسة سوائل الرحم الجديدة وليست المخزنة، للنظر فيما إذا كان ممكناً التعرف على العدوى قبل أن تسبب طلقاً مبكراً أو ولادة مبتسرة. فإن أمكن ذلك، سيكون الوصول إلى علاج لهذه العدوى ممكناً أيضاً، وبالتالي منع حدوث بعض أو كل الولادات المبتسرة.\nوقاية مزدوجة للأم والجنين\nفي سياق متصل، أوصت دراسة طبية أخرى مؤخراً الأمهات الحوامل بانتظار الولادة أن يتلقين حقنة لقاح (تطعيم) ضد الأنفلونزا لأنها توفر الوقاية من الإصابة بالمرض لكل من الأم والجنين على السواء أثناء فترة الحمل. وقد أظهرت هذه الدراسة أن حقن المرأة الحامل باللقاح المضاد للأنفلونزا أثناء فترة الحمل قد خفّض مخاطر عدوى مولودها بالأنفلونزا بنسبة 63 بالمائة.\nقاد مشروع هذه الدراسة الدكتور مارك ستاينهوف، إخصائي طب الأطفال بكلية بلومبرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز بمدينة بلتيمور، في ولاية مريلاند. وقد وجد الباحثون أن حقنة لقاح (تطعيم) واحدة ضد الأنفلونزا تعطي فائدتين مزدوجتين وليست واحدة فقط، لأنها توفر الوقاية من عدوى المرض لكل من الأم وكذلك الطفل بعد ولادته.\nونظراً لأن معدلات دخول المواليد الصغار المستشفى تحت سن ستة أشهر للعلاج من إصابات الأنفلونزا هي الأعلى على الإطلاق بين جميع فئات المرضى في الولاياتالمتحدة، تزداد أهمية تلقي اللقاح لوقايتهم من المرض.\nهذه المعدلات لعلاج المواليد من الأنفلونزا في المستشفيات هي أعلى من نظيراتها لدى فئة كبار السن، وغيرها من فئات الراشدين الأكثر تعرضاً لمخاطر الإصابة بعدوى الأنفلونزا. وهي إصابات قابلة للعلاج لدى الراشدين، لكنها تكون قاتلة في المعتاد لدى الأطفال الصغار جداً.\nمخاطر عدوى أقل\nهذه الدراسة التي نشرت حصيلتها في النسخة الإليكترونية من دورية \"مجلة نيوإنغلاند الطبية\"، تم إجراؤها في جمهورية بنغلاديش بالتعاون مع باحثين من المركز الدولي لأبحاث الأمراض المسهلة (ICDDR, B). شارك في الدراسة مجموعة مكونة من 340 امرأة بحالة حمل في بنغلاديش.\nوجد الباحثون أن تلقي اللقاح المضاد للأنفلونزا قد خفض مخاطر (احتمالات) الإصابة بالمرض بنسبة 63 بالمائة، ومخاطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي بنسبة 29 بالمائة لدى المواليد حديثي السن. كذلك، خفضت حقن اللقاح من فرصة الإصابة بالحمّى (ارتفاع درجة حرارة الجسم) لدى الأمهات أو إصابتهن بأمراض الجهاز التنفسي أيضاً بنسبة 36 بالمائة.\nوتلفت الدراسة إلى أن مراكز الوقاية والسيطرة على المرض بالولاياتالمتحدة كانت قد أوصت رسمياً بتلقي النساء الحوامل حقن اللقاح المضاد للأنفلونزا منذ 1997، لكن تلك التوصية قد تم تجاهلها على نطاق واسع.\nوالمعلوم أن الأنفلونزا مرض فيروسي ينتشر أحياناً بشكل وبائي في أوقات معينة من السنة، وهو ينتقل عبر الهواء إلى الجهاز التنفسي، وتشمل أعراضه الحمى والسعال والقشعريرة والتهاب الحلق والصداع الشديد وآلام العضلات.\nتخلص الدراسة إلى التوكيد على ضرورة تشجيع النساء الحوامل على تلقي لقاحات ضد الأنفلونزا لوقاية أنفسهن وأطفالهن من عدوى المرض.