\r\n هناك توقع واسع النطاق بين العسكريين بأن يظل عشرات الالوف من الجنود في العراق ولمدة طويلة. وفي آخر مقابلة لي مع الجنرال ريموند اوديرنو, القائد الامريكي الاعلى في العراق, اجريتها في شهر تشرين الثاني الماضي قال لي انه يرغب في مكوث حوالي 30 الف جندي هناك لغاية 2014 أو .2015 \r\n \r\n ومع ذلك, فان الكثير من الامريكيين يعتقدون بأن الحرب في العراق تقترب من نهايتها. وهو امر يثير فيّ القلق, اذ يصعب تصور الوضع الذي ورطنا انفسنا فيه وكمية الاموال والدماء والنفوذ والمصداقية التي سيكون علينا ان نخسرها. \r\n \r\n فأنا لا اعتقد ان حرب العراق قد انتهت وما يقلقني هو ان القادم يتجاوز كثيرا ما يتوقعه اي منا. \r\n \r\n لعل افضل ما نرجو هو استمرار حضور عسكري امريكي صغير في العراق. لا تبدو فكرة ابقاء اعداد اقل من الجنود الامريكيين هناك كي يموتوا على مدى سنوات في صحارى العراق وبساتين نخيله فكرة مغرية, لكنها افضل من الطرد او الانسحاب وترك البلاد للمجازر الاهلية. \r\n \r\n يكاد كل من قابلته من المسؤولين الامريكيين على مدى السنوات الثلاث الماضية ان يجمعوا على ان هذه الحرب لا يمكن كسبها في عام او عامين. \r\n \r\n ومن بين الذين قالوا لي ذلك الكولونيل بيتر منصور المساعد التنفيذي للجنرال ديفيد بترايوس خلال وجوده في العراق الذي قال بالحرف الواحد سيكون على الولاياتالمتحدة ان تواصل هذه العبء لسنوات وسنوات. وليس بوسعي ان الون الصورة بألوان زاهية. \r\n \r\n يخشى الكثيرون ان يتفاقم توجه العراقيين نحو العنف مع انسحاب الولاياتالمتحدة واضمحلال نفوذها. في ايلول ,2008 تنبأ جون ماكريري, وهو محلل مخضرم في وكالة الاستخبارات الدفاعية, بأن الاجراءات التي تفرضها الحكومة الامريكية, على الطوائف العراقية ينبغي ان تقلقنا لاكثر من سبب. اولا, لانها تنتج ما يشبه السلام, لكنه ليس سلاما. وثانيا, ان احد الطوائف في مثل هذا الوضع لا بد ان يحاول الخروج على هذه الاجراءات, لان المشاركة في النفوذ تصلح دائما كمقدمة للعنف, حسب رأيه. \r\n \r\n الكثير من المطلعين على الوضع في العراق يتوقعون حربا اهلية على نطاق واسع في السنوات المقبلة. يقول كولونيل لم يشأ ذكر اسمه لا اعتقد ان حرب العراق الاهلية قد وقعت بعد. \r\n \r\n وهناك اخرون يعتقدون ان العراق ينزلق باتجاه استيلاء عسكري على مقاليد الامور. \r\n \r\n يشير ديفيد كيلكولين, الخبير في مكافحة الارهاب, الى ان الشروط التقليدية للانقلاب العسكري تنمو في العراق. فهناك نخبة سياسية معزولة عن الشعب تعيش داخل المنطقة الخضراء, في حين ينتشر الجيش العراقي خارج جدران تلك المنطقة ويزداد قوة واقترابا من الشعب عن طريق التعامل معهم ومحاولة معالجة همومهم. \r\n \r\n يضاف الى ذلك ان تبني الامريكيين للمتمردين السابقين قد افرز مراكز قوى داخلية جديدة لا وجه لها. يقول الكولونيل مايكل غالوسيس, قائد الشرطة العسكرية في بغداد, لقد ابرمنا الكثير من الصفقات مع اشخاص غامضين, والامر مفيد لحد الان. لكن هل سيستمر?. \r\n \r\n احد اولئك الاشخاص الغامضين هو مقتدى الصدر. لقد اساءت الحكومة الامريكية تقدير هذا الرجل عند الدخول الى العراق ثم في عام 2004 عندما تصدى لمواجهة القوة الامريكية العظمى. \r\n \r\n ولم يكتف الصدر بالبقاء حيا بعد تلك المواجهات انما خرج منها اكثر قوة. واذا ظل الصدر على قيد الحياة فإن من المرجح ان يحصل على المزيد من القوة. \r\n \r\n لاسباب تتعلق بالوطنية, يمكن للصدر ان يكون حليفا للامريكيين اذا امكن اجتذابه الى الساحة السياسية, لان آل الصدر هم الاعداء التاريخيون لايران بين شيعة العراق, لكن هناك من يعتقد ان الصدر متوار عن الانظار بانتظار مغادرة الامريكيين كي يستأنف دوره القتالي. \r\n \r\n هناك مشكلة اخرى تتعلق بإيران التي يبدو انها الرابح الاكبر في الحرب في العراق وربما في المنطقة بكاملها. يقول جيفري وايت, المتخصص في شؤون الشرق الاوسط الامنية في وكالة الاستخبارات الدفاعية, ان نفوذ ايران سيستمر ويتعزز, فالايرانيون لديهم الكثير من العلاقات ووسائل التأثير في العراق, وحدودهم مع العراق ذات اهمية استراتيجية كما ان دورهم في الاقتصاد العراقي يتنامى. \r\n \r\n لكن الكثير من العسكريين الامريكيين الذين خدموا في العراق يعتقدون ان الخطر الاكبر على التطلعات الامريكية بشأن ذلك البلد لا يأتي من الايرانيين انما من العراقيين انفسهم. فالجيش العراقي يتطور لكنه مؤسسة مخترقة. وقد اخبرني الميجور مات وايتني الذي عمل مستشارا للجنرالات العراقيين عام 2006 بأن القادة العسكريين العراقيين سوف ينكصون على اعقابهم الى تلك الممارسات الوحشية التي كانت سائدة في الماضي. يقول الميجور وايتني لقد علمهم صدام حسين كيف يقمعون سكان المدن وقد قمنا, نحن الامريكيين, بتعزيز ذلك الدرس خلال سنوات تواجدنا هناك, وهم مستعدون لقتل الناس, الكثير من الناس, بغرض الاستقرار في البلاد. \r\n \r\n في آخر مقابلة لي مع الجنرال اوديرنو, قال لي انه لا يوافق على هذا الرأي. اذ انه يعتقد ان القادة العراقيين قد تحسنوا وانهم لن يرجعوا الى اساليب صدام حسين بشكل اوتوماتيكي. \r\n \r\n واضاف يقول اعتقد ان ذلك كان صحيحا قبل عامين, لكنه اليوم ليس كذلك, ومع ذلك فان ثمة مشاكل ما تزال قائمة ولهذا السبب اعتقد ان الوجود الامريكي سيكون مطلوبا لبعض الوقت. \r\n \r\n تتعارض نظرة اوديرنو المتفائلة مع آراء القادة العراقيين انفسهم. يقول الميجور تشاد كويل, الذي عمل مستشارا لوحدة عسكرية عراقية في بغداد, عندما تقترب منهم, فإنهم سيصارحونك بأنه يعتقدون ان فكرة الديمقراطية وممثلي الشعب فكرة مثيرة للسخرية. \r\n \r\n اخيرا علينا ان نواجه السؤال المهم الذي طرحه بترايوس اثناء الغزو حين قال على اي وجه سينتهي هذا الامر?. \r\n \r\n لعل الجواب الافضل هو ما جاء به تشارلي ميلر الذي وضع المسودة الاولى لخطة عمل بترايوس. يقول ميلر لا اعتقد انه سينتهي. سيكون هناك نوع من الوجود الامريكي, وبعض العلاقة مع العراقيين على مدى عقود مقبلة.... اننا نفكر بإعادة الاعمار بعد الحرب الاهلية. \r\n \r\n هناك اجماع صامت بين العديد من الامريكيين الذين خدموا في العراق على ان الجنود الامريكيين سوف يظلون منخرطين في اعمال قتالية هناك الى عام 2015 على الاقل. \r\n \r\n وقد قال لي السفير الامريكي رايان كروكر العام الماضي, ان ما سيحمله العالم عنا من افكار وما سنفكره نحن بشأن انفسنا سوف يتقرر بما سيقع من الان فصاعدا وليس بما وقع لحد الان. \r\n \r\n وبكلمة اخرى, فإن الاحداث التي ستعلق بذاكرة العالم حول الحرب في العراق هي تلك التي لم تحدث بعد.