وعندما اتهم بوش \"البعض\" -ومنهم أوباما- بأنهم يسعون إلى \"الشعور الزائف بالراحة من خلال استرضاء الآخرين\"، كرر ماكين هذا الإفتراء عندما تساءل مستنكراً: \"ما الذي يريد أوباما أن يتحدث بشأنه مع أحمدي نجاد\"؟ في محاولة بائسة للربط بين أوباما والتصريحات العدائية للرئيس الإيراني تجاه الولاياتالمتحدة. وخلال فترة وجيزة، أصبح هذا الأمر مثار جدل داخل أروقة الحزب الجمهوري. \r\n ولم يكن هذا هو السؤال الذي يتعين على ماكين أن يطرحه. والسؤال الضائع وسط هذا الكم من التصريحات والذي تستحق الولاياتالمتحدة أن تحصل على إجابة عليه هو: \"لماذا يجب علينا الدخول في محادثات مع إيران؟ \r\n وقبل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعترف في بداية الأمر بأن سياسة عدم الدخول في محادثات مع إيران قد حققت فشلاً ذريعاً. \r\n وقد انشغل بوش بخداع نفسه عندما قال بأن سياسة عدم التفاوض مع إيران قد نجحت في تحقيق أهدافها، بيد أن ما حدث في الواقع يتنافى مع ذلك، حيث ازدادت إيران قوة، كما أنها لا تزال تواصل سعيها لإتقان دورة الوقود النووي، وتواصل سياسة تسليح الميليشيات المسلحة في العراق ولبنان، وتدعم المنظمات الإرهابية المعادية لإسرائيل، وتحتضن رئيس الوزراء العراقي \"نوري المالكي\"، وتنفق بسخاء على إعادة بناء أفغانستان، وترسيخ نفوذها عبر أرجاء المنطقة. \r\n وبدلاً من تأييد خطاب بوش المسموم، كان يتعين على ماكين أن يستدعي تجربة جيمس بيكر وزير خارجية جورج بوش الأب. وبعد سنوات من التهرّب والتمنع، اختبرت إدارة الرئيس الأميركي على مضض التوصيات، التي وردت في تقرير \"بيكر- هامليتون\" وشرعت في إجراء محادثات مع إيران، وإن إتخذ ذلك شكل حوار على مستوى منخفض، يقتصر فقط على موضوع العراق. فهل كان جيمس بيكر شخصاً متواطئاً يسعى لإسترضاء جهات خارجية عندما قدم تلك التوصيات؟ \r\n وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس يهاجم خصومه السياسيين من منصة الكنيست، كان هناك مسؤولون في إدارته يلتقون وجهاً لوجه مع الإيرانيين. ولا خلاف على أن كلمات أحمدي نجاد غالباً ما تكون منفرة، وأن إيران قد لعبت دوراً ضاراً في سياسات الشرق الأوسط، ولكن عندما يلتقي سفيرنا في العراق بنظيره الإيراني، فإنه لم يكن يسعى للإحساس \"بشعور زائف بالراحة من خلال استرضاء الأعداء\"، ولكنه كان يسعى إلى مواجهة حقيقة واضحة، وهي أن إيران تمارس نفوذاً في العراق. ولا ننسى أيضاً أن وزير الدفاع \"بوب جيتس\" والأدميرال \"مايك مالين\" رئيس هيئة الأركان المشتركة كانا قد وجها الدعوة إلى الدخول في محادثات مع إيران، فهل يمكن أيضاً القول بأنهما من الساعين إلى استرضاء الأعداء؟ إنه هراء وسخف. \r\n وقد تكون المفاوضات المباشرة هي الوسيلة الوحيدة- غير الحرب بالطبع- لإقناع إيران بالتخلي عن قدراتها النووية. وبالنظر إلى أن إمتلاك إيران للأسلحة النووية سوف يمثل تهديداً لإسرائيل، وسوف يساهم في إرتفاع أسعار النفط أكثر من الحد القياسي الذي وصلت إليه، وربما تكون سبباً في إشعال نار سباق تسلح إقليمي إذا لم نبذل قصارى جهدنا لمنع حدوث ذلك الأمر. \r\n وعادة ما يسخر معارضو الحوار من هذه الفكرة بتأكيدهم على أن الحوار في حد \r\n ذاته لا يمثل استراتيجية. ولكننا يجب أن نقول بأن التباعد لا يمثل استراتيجية أيضاً. ويقول ماكين: \"إن الشيء الأسوأ من إستخدام أميركا للخيار العسكري هو إمتلاك إيران للسلاح النووي\". وعلى الرغم من معارضته المعلنة، فإن \"ماكين\" عندما يتبرأ من الدبلوماسية، سوف يبدو بذلك كمن يساهم في إعداد العدة لإستخدام خيار الحرب. \r\n ولكن ما الذي يمكن أن نحققه من الحوار مع إيران؟ يقول البعض بأن الدخول في محادثات مع إيران لم تحقق أي شيء حتى وقتنا هذا. قد يكون ذلك صحيحاً، ولكننا إذا اتبعنا طريقة تعامل أقل فتوراً وبدون فرض شروط مسبقة، فإننا قد ننجح في كسر الجمود، ولن نتمكن من إدراك معنى هذه الفكرة قبل تجربتها فعلياً. \r\n وسوف يساعدنا الحوار على عزل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، بدلاً من تقوية وضعه من خلال عدم الحوار معه وجعله قادراً على عزلنا. والأهم من ذلك هو أننا حتى إذا فشلنا في التوصل لإتفاقية، فإن الدخول في حوار مع إيران سوف يساعد على الدخول في ثلاثة حوارات من المحتمل أن يساهم في تقوية وضعية الولاياتالمتحدة. \r\n وسوف يتم الحوار الأول بين قادتنا وبين القادة الإيرانيين. صحيح أن إيران لن تهتم بمعظم ما نقوله بداية من منع الانتشار النووي، إلى جهود مكافحة الإرهاب، لكن ليس من غير المنطقي توقع أن إيران ستسعى في اللحظة المناسبة إلى عقد صفقة معنا مقابل الحصول على حوافز اقتصادية، ومساعدات في مجال الطاقة، وتطبيع للعلاقات، أو عدم تعهد بالغزو. \r\n وقد أكد البعض أن الإجتماع مع قادة إيران قد يضفي سياجاً من الشرعية على الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وهو لا يعتبر القائد الأعلى لإيران أو الشخص الذي وعد أوباما بالإجتماع معه على وجه الخصوص. ويروج بعض النقاد بغرابة إلى أن أحمدي نجاد يمثل تهديداً للقيم التاريخية، وهم بذلك يمنحونه المكانة التي يسعون لإنكارها. ويمكن أن تساهم الإنتخابات الإيرانية التي سوف تجرى في منتصف عام 2009 عن ظهور رئيس أقل معارضة للولايات المتحدة، والتحاور مع إيران يزيد من إحتمال حدوث هذه الفرضية. \r\n الحوار الثالث: هو الحوار مع العالم. ومن خلال استئناف حوارنا مع إيران، سوف نستعيد مكانتنا الأخلاقية السامية، وهو إنجاز ليس بالقليل. وإذا رفضت إيران أن تتزحزح عن موقفها وعنادها، فسوف تكون لدينا في تلك الحالة قوة دفع جديدة لكشفها كتهديد محتمل يحمل العديد من النوايا السيئة التي لا يمكن تبريرها. وهؤلاء الذين يقولون إنهم لا يستبعدون أي خيار من الخيارات المطروحة، عليهم ألا يقيدوا حركة أميركا من خلال رفض الدبلوماسية. \r\n وفي الوقت الذي تضخ فيه أجهزة الطرد المركزي الإيرانية اليورانيوم المخصب، ما زلنا نطرح السؤال الخطأ؛ حيث إنه بدلاً من السؤال عن السبب الذي يجعل \"باراك أوباما\" راغباً في الحديث مع إيران، يجب علينا أن نسأل: ما الذي يدعو جورج بوش وجون ماكين إلى الإنتظار؟ \r\n \r\n جون كيري \r\n سيناتور ديمقراطي من ولاية ماساشوستس خاض انتخابات الرئاسة الأميركية الماضية. \r\n خدمة واشنطن بوست خاص ب (الوطن) \r\n