وإذا لم تكونوا ممن تابعوا الأخبار مؤخراً، فإن هذه الفضيحة الزائفة الجديدة تتعلق بمقابلة خصت بها هيلاري هيئة تحرير صحيفة \"آرغس ليدر\" في ولاية \"ساوث داكوتا\"، وحاولت خلالها الدفاع عن أسباب مواصلة حملتها، مشيرة في هذا السياق إلى أن المعارك من أجل الفوز بترشيح الحزب كانت تستمر في حالات كثيرة إلى غاية فصل الصيف. ومن بين الأمثلة التي ساقتها هيلاري كلينتون حقيقة أن بوبي كينيدي اغتيل في يونيو. \r\n \r\n الأكيد أنه لم يكن مثلاً موفقاً، إلا أنه من السخف القول، مثلما قال مؤيدو أوباما على الفور، إن هيلاري كانت تلمِّح إلى مصير مشابه لباراك أوباما. \r\n \r\n ولكن، من ناحية أخرى، فإنه من السخف أيضاً وصف تصريحات هيلاري، التي قالت فيها إن الرئيس الأميركي ليندون جونسون كان في حاجة إلى كل براعته السياسية لتحويل رؤية مارتن لوثر كينج إلى تشريع، كمثال على تسييس قضية العرق. والحال أن الزعم بأنها كانت تلعب ورقة العرق، مثلما روَّج لذلك بعض أنصار أوباما وورد في رسالة أحد موظفي حملته، ذاع وانتشر انتشار النار في الهشيم. \r\n \r\n على أوباما وأنصاره أن يركزوا على عدم خسارة الانتخابات العامة أمام \"ماكين\"، وليس حرمان هيلاري من فرصة التبجُّح بأنها فازت في فلوريدا. \r\n \r\n \r\n لماذا تعد كل هذه الأمور مهمة؟ ليس من أجل نيل ترشح الحزب، فجل المؤشرات تشير إلى أن أوباما هو من سيكون مرشح \"الديمقراطيين\"، ولكنه يواجه مشكلة، ذلك أن العديد من أنصار هيلاري يشعرون بأنها عوملت معاملة مجحفة، بل وفجة. والخطير هو أن المرارة التي ستبقى بعد حملة الانتخابات التمهيدية قد لا تُمحى بسرعة، وقد تكلف أوباما فرصه في دخول البيت الأبيض. \r\n \r\n في ما يخص مواضيع الانتخابات العامة، يفترض ألا تكون لدى أوباما مشكلة في كسب أنصار هيلاري السابقين، ولاسيما ناخبي الطبقة العاملة البيض الذين خسرهم في الانتخابات التمهيدية. فعلى رغم العيوب والنواقص التي يعانيها مخطط الرعاية الطبية الذي يقترحه، إلا أن أوباما سيخوض السباق ببرنامج \"صديق\" للعمال مقارنة بخصمه. وعلاوة على ذلك، فإن جون ماكين تخلص من أي ميول انشقاقية كان يتصف بها ربما في وقت من الأوقات، وبات محافظاً كبقية المحافظين داخل حزبه، حيث بات يدافع عن فكرة دفع الأغنياء والشركات لضرائب أقل، وعن خصخصة الخدمات الاجتماعية التي توفرها الدولة. \r\n \r\n والحال أنه إلى جانب المواضيع الانتخابية، فإن الانتخابات تتعلق أيضاً بالمشاعر، وهناك مؤشرات تبعث على القلق في بيانات استطلاعات الرأي. ففي فلوريدا، بصفة خاصة، تُظهر تقديرات خبراء Pollster.com تقدم ماكين بشكل مهم على أوباما، وإن كان متأخراً بشكل كبير عن هيلاري. وبدورها، تبدو ولاية أوهايو مثيرة للقلق. صحيح أن لاستطلاعات الرأي التي تُجرى قبل خمسة أشهر على موعد الانتخابات العامة سجلاً ضعيفاً بخصوص صحة ونجاح توقعاتها، إلا أن الأكيد أن نتائجها تبعث على القلق. والقصد هو أن أوباما قد يحتاج إلى أنصار هيلاري المستائين، حتى لا ينهزم، في ما تقول معظم المؤشرات إنها سنة جيدة بالنسبة ل\"الديمقراطيين\". \r\n \r\n ولنطرح الآن سؤالاً مهماً: ماذا على أوباما وأنصاره أن يفعلوا لرفع هذا التحدي؟ لعل أكثر الأشياء إلحاحاً هو ضرورة أن يدركوا أن شيْطنة هيلاري بشكل مستمر لا تخدم أحداً باستثناء جون ماكين. ذلك أن فضيحة إضافية لن تُقنع ملايين الناخبين الذين يساندونها، على رغم الهجمات المستمرة عليها، واتهامها بأنها لجأت إلى أساليب شريرة طيلة الحملة الانتخابية. وقد يدفع المضي بعيدة في شيطنتها مزيداً من أنصارها الحاليين إلى البقاء في منازلهم في نوفمبر المقبل (موعد الانتخابات). كما ينبغي على أنصار أوباما ألا يصفوا قوة هيلاري بأنها ليست سوى ظاهرة عابرة أو فقاعة، نظراً لما ينطوي عليه ذلك من إيحاء بأن من صوتوا لها ليسوا سوى حفنة من الأغبياء. \r\n \r\n ثم ماذا بعد ذلك؟ من جانبها، يتعين على هيلاري أن تحرص على ألا تتصرف كمفسِدة على حزبها خلال ما تبقى من الانتخابات التمهيدية، وعليها أن تنسحب بكرامة في حال تلقى أوباما تزكية الحزب، وهو أمر يبدو شبه مؤكد، وعليها أيضاً أن تخوض حملة قوية لصالح المرشح الرئاسي بعد انتهاء مؤتمر الحزب. فقد سبق لها أن وعدت بذلك، ولا يوجد ما يدفع إلى الاعتقاد بأنها لا تعني ما تقول. \r\n \r\n على أن عودة الإجماع الحزبي \"الديمقراطي\" أمر مرهون بأوباما نفسه في المقام الأول، وهو الذي كان يعد بها دائماً. ولعل ذلك يبدأ بالقيام بالتفاتة تنمُّ عن الاحترام تجاه \"الديمقراطيين\" الذين صوتوا بحسن نية، وذلك عبر الاعتراف بأصوات نتائج الانتخابات التمهيدية التي جرت في فلوريدا -والتي لن تغير في هذه المرحلة نتيجة السباق على ترشيح الحزب. \r\n \r\n ولعل السبب الوحيد الذي قد أفسرُ به رفض أنصار أوباما مشاركة فلوريدا في مؤتمر الحزب هو خشيتهم من أن يسمح ذلك لهيلاري بالقول إنها حصلت على أغلبية الأصوات الشعبية. ولكن الأمر الأهم الذي على أوباما وأنصاره أن يركزوا عليه هو عدم خسارة الانتخابات العامة أمام ماكين، وليس حرمان هيلاري من فرصة التبجُّح بأنها فازت في فلوريدا. \r\n \r\n ثم إنه سيكون أمراً جيداً لو أن أوباما عرض منصب نائبة الرئيس على هيلاري، فلو كنتُ مكانه، لفعلتُ ذلك دون تردد. ذلك أن من شأن التنافس في السباق الرئاسي رفقة هيلاري ضد ماكين -أو تقديم العرض على الأقل- أن يساعد على التئام جروح المعارك الشرسة التي ميزت الانتخابات التمهيدية \"الديمقراطية\". وبيت القصيد هنا هو أن الكابوس الذي على أوباما وأنصاره أن يخشوه هو إمكانية خسارته في سنة انتخابية حيث كل شيء يبدو في صالح \"الديمقراطيين\". وبالتالي، فعليه أن يفعل كل ما في وسعه، من بوادر حكمة وترضيات سياسية داخلية، تجنباً لحدوث ذلك. \r\n \r\n \r\n \r\n بول كروجمان \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"نيويورك تايمز\" \r\n \r\n \r\n