فيما لا يوجد في حرب العراق ما يمكن أن نطلق عليه وصف «ناجح»، فإن باستطاعتنا أن نعلن أنها نجحت في التأكيد على حقيقة أن السياستين الخارجية والداخلية للبلاد مرتبطتان بشكل لا يمكن معه فصل إحداهما عن الأخرى. في كتابه الذي حمل عنوان: «حرب الثلاثة تريليونات دولار: التكلفة الحقيقية لحرب العراق», يقول العالم الاقتصادي جوزيف ستغليتز، الحاصل على جائزة نوبل، إن حرب العراق ستكلف أميركا 3 تريليونات دولار على الأقل ، ويمكن أن يصل هذا الرقم إلى 5 تريليونات. \r\n \r\n \r\n أضاف العالم الاقتصادي إن الحرب لعبت دوراً رئيسياً في وقوع أزمة الائتمان الحالية وفي حالة الركود التي نتجه إليها ببطء. فبسبب الحرب كان الاحتياطي الفيدرالي يغرق السوق بالقروض. وكانت القروض تمنح لأي شخص كان، على حد تعبيره. \r\n \r\n \r\n ويقول العالم في كتابه إن تكلفة الحرب تزيد 60 مرة على التكلفة التي أعلنها دونا لد رامسفيلد، الذي قال إن تلك التكلفة لن تتعدى 50 أو 60 ملياراً. إن حرب العراق هي ثاني أكثر الحروب تكلفة في تاريخ أميركا ولا تفوقها تكلفة سوى الحرب العالمية الثانية. \r\n \r\n \r\n وقال العالم إنه لا توجد دولة في العالم يمكنها خوض حرب ممتدة من دون أن يكون هناك أثر سلبي على السياسة الداخلية، لاسيما عندما يكون هناك تقليص ضريبي مقترن بهذه الحرب. هذا لا يعني أن الحرب لا يجب خوضها الآن، وإنما يعني أن قادتنا يجب أن يكونوا أمناء في تصريحاتهم حول تكلفة الحرب. \r\n \r\n \r\n إن السمة الرئيسية الوحيدة المتواصلة لتلك الحرب الكارثية المستمرة منذ 5 سنوات هي عدم وجود أي أمانة من جانب هؤلاء الذين أقحمونا فيها والذين يؤيدون تواصلها ومنهم جون ماكين. وفيما يتبين حب ماكين لتقديم إيحاءات فارغة حول التضحية. \r\n \r\n \r\n فإنه بشكل أو بآخر يعتقد أن النقاش حول تكلفة الحرب لا يجب أن يتعدى هذا الأمر. ولي كلمة أقولها لماكين: «إن ما تقوله حول الإنفاق الحكومي الذي خرج عن نطاق السيطرة كان يمكن أن يحمل معنى إذا لم يكن مصاحبا بتصريحات أخرى تدعو فيها إلى الإبقاء على التقليص الضريبي الذي سبق وأنت عارضته أنت شخصيا بوصفه إجراءً لا يناسب وقت حرب، على حد تعبيرك وقتها». \r\n \r\n \r\n ربما كانت رأس صدام حسين تستحق 3-5 تريليونات دولار، وربما لم تكن تستحق، (وأنا مثل معظم أفراد الشعب الأميركي أعتقد أنها لم تكن تستحق) غير أنه إذا كان ماكين يريد أن يبقينا هناك لمدة 100 أو 1000 أو مليون عام، فإنه مطالب بأن يوضح لنا كيف أن فوائد البقاء هناك تفوق عواقب الحرب على سياستنا الداخلية والخارجية. \r\n \r\n \r\n فكما كتبت عايدة إيدرمريام في صحيفة «غار ديان», فإن تكلفة تلك الحرب كان يمكن استغلالها في بناء «8 ملايين وحدة سكنية أو في دفع رواتب 15 مليون مدرس أو توفير خدمات صحية ل530 مليون طفل لمدة عام كامل أو توفير منح جامعية ل 43 مليون طالب». \r\n \r\n \r\n بالطبع جون ماكين نفسه قال لنا إنه لا يفهم بشكل فعلي في علم الاقتصاد. ولكن السياسة الخارجية لا توجد في فراغ اقتصادي. وعلى الرغم من كل هذا، هل يشك أي أحد في أن الانتخابات العامة ستتخللها مقالات وبرامج إذاعية تمتدح «الخبرة السياسية التي يتمتع بها ماكين». \r\n \r\n \r\n وحتى إذا تم سؤاله عن تكلفة البقاء في العراق، فإن ماكين في أغلب الاحتمالات سيجيب بالطريقة نفسها التي يجيب بها بوش والتي تعتمد على إشاعة الخوف واسترجاع ما حدث في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وذلك بالقول: «هؤلاء من أمثال ستغليتز تنقصهم الشجاعة للأخذ في الاعتبار تكلفة الفشل وعدم فعل شيء. فالمرء منا لن يستطيع تحديد الخسارة التي تجرعتها أميركا بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر». \r\n \r\n \r\n إذن ها هي ذريعة الحادي عشر من سبتمبر ثانية التي تغلق النقاش حول أي شيء. فهل سينجح استخدام هذه الذريعة في الخريف المقبل؟ إلى حد كبير تعتمد الإجابة على هذا السؤال على ما إذا كانت وسائل الإعلام ستتسم بالخوف الذي كانت عليه في فترة الاستعداد لحرب العراق أم لا. \r\n \r\n \r\n فإذا كان لنا أن نأخذ من طريقة تغطية إجراء زيادة القوات في العراق مؤشرا للمسلك الذي يمكن أن تنتهجه وسائل الإعلام، فإن الأمر لن يبدو مشجعا على توقع أن تقال الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة. يبدو أن وسائل الإعلام قد قررت أن تلك الزيادة تمثل نقطة قوة تضاف إلى سجل ماكين السياسي ستمكنه من المضي قدما في انتخابات نوفمبر على أساس أن الزيادة في عدد القوات قد ساعدت على ترسيخ أقدامنا في العراق. \r\n \r\n \r\n إذا هل سيُستدعى ماكين لتبرير استمرار القوات الأميركية في العراق؟ ليس من الحتمي حدوث هذا. فإبعاد وسائل الإعلام عن مساءلة الحكومة حول تكلفة الحرب، سواء على مستوى الإنفاق أو على مستوى الخسائر البشرية، كان أحد الأهداف الرئيسية لزيادة القوات الأميركية في العراق، وعلى هذا المستوى للأسف نجح قرار الزيادة في تحقيق أهدافه. \r\n \r\n \r\n المشكلة في تكلفة الثلاثة تريليونات دولار هي أن الأمر يتحول إلى شيء يصعب تجاهله في مرحلة معينة. وفيما تلوح في الأفق بشدة بوادر الركود الاقتصادي، فإن المرء يمكنه المراهنة على أن وسائل الإعلام ستضع الاقتصاد كأهم أولوياتها. \r\n \r\n \r\n والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشأن هو: هل ستربط وسائل الإعلام بين الخطوط وتتيقن من أن هناك علاقة بين الحرب التي يحبها ماكين بشدة وبين الدمار الاقتصادي الذي ساعدت تلك الحرب على وجوده؟ الإجابة يمكن أن تحدد اسم الرئيس الأميركي المقبل. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس أنجلوس تايمز» خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n