\r\n فقد سجلت كوندوليزا رايس زيارة أخرى للقدس الغربية في الأسبوع الماضي، بهدف الضغط باتجاه رؤية التزامات إسرائيلية ملموسة واضحة إزاء ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر أنابوليس الذي عقد في العام الماضي. وفيما يبدو فقد تمكنت من تحقيق بعض التقدم في مساعيها هذه، متمثلاً في إزالة بضع مئات من حواجز الطرق العسكرية المنصوبة في الضفة الغربية. ولكن على رغم هذا التقدم الظاهري، ربما كان في تعاقب سلسلة الزيارات الخفية التي قام بها عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى واشنطن خلال الشهر الماضي، أقوى مؤشر على تطورات الوضع الإسرائيلي الفلسطيني اللاحقة: احتمال أن إسرائيل تعد لخوض مواجهة واسعة النطاق مع حركة \"حماس\"، التي لا تزال تفرض سيطرتها على قطاع غزة. \r\n \r\n وكادت تشتعل نيران هذه المواجهة بالفعل خلال الشهر الماضي، عندما شرعت \"حماس\" للمرة الأولى في إطلاق صواريخ إيرانية الصنع على مدينة عسقلان، إضافة إلى أسراب الصواريخ المحلية الصنع التي ظلت تستهدف بها الحركة بلدة \"سديروت\" منذ عدة سنوات. غير أن نيران تلك المعركة الوشيكة أطفأتها سلسلة الطلعات الجوية التي قامت بها الطائرات الإسرائيلية فوق سماء غزة الشهر الماضي، إلى جانب دخول مصر طرفاً في التوسط بين طرفي النزاع، من أجل التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، بتشجيع من الخارجية الأميركية. \r\n \r\n بسبب الحرج الذي تثيره التغطية التلفزيونية الواسعة لمعاناة غزة، فالأرجح أن ينتظر أولمرت أي استفزاز من \"حماس\" لشن هجومه المدبر سلفاً على القطاع. \r\n \r\n \r\n غير أن المسؤولين الإسرائيليين يصورون كلاً من رئيس الوزراء إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، بأنهما ليسا على درجة من الاستعداد بما يكفي للتوصل إلى أي صفقة مع حركة \"حماس\". فمن جانبهما يعترفان بأن وقف الهجمات من كلا الجانبين سيذلل محادثات السلام، وبأن اندلاع مواجهة شاملة لا يعني شيئاً آخر سوى وأد قمة أنابوليس. بيد أن هذه الاعترافات لا تثني المسؤولين الإسرائيليين عن الاعتقاد المستمر بأن خوض مواجهة واسعة وحاسمة مع حركة \"حماس\"، هو أكثر أهمية استراتيجية بالنسبة لهم من دخولهم في محادثات سلمية مع التيار الفلسطيني المعتدل الذي يرمز إليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس \"أبو مازن\". وفيما نقله لي أكثر من مسؤول إسرائيلي في القدسالغربية، أنه لا مناص من مواجهة كهذه مع \"حماس\"، ربما قبيل نهاية ولاية الرئيس بوش الحالية. \r\n \r\n ومما يزيد من احتمالات هذه المواجهة، ما يأخذه الإسرائيليون على حركة \"حماس\" من تزايد عمليات تهريبها للأسلحة من إيران عبر الحدود المصرية، على رغم الضغوط التي تواصلها واشنطن من أجل وقف هذه العمليات. ويقول المسؤولون في القدسالغربية إن حركة \"حماس\" تحاكي بدرجة كبيرة وملحوظة، ما فعله \"حزب الله\" اللبناني المدعوم من قبل إيران، فيما يبدو من انهماكها ببناء ترسانتها الصاروخية وأسلحتها التقليدية الأخرى، وكذلك انشغالها ببناء الحصون الدفاعية وغيرها من عناصر البنية التحتية القتالية. وفيما قاله هؤلاء المسؤولون، فقد سافر المئات من مقاتلي مليشيات \"حماس\" إلى إيران، بهدف تلقي التدريبات العسكرية في استخدام صواريخ \"Grad\"، وهي النسخة الإيرانية من صواريخ \"كاتيوشا\" السوفييتية الصنع. \r\n \r\n وبسبب الضربة الموجعة التي وجهها \"حزب الله\" إلى الجيش الإسرائيلي في حرب صيف عام 2006 بجنوب لبنان، فقد خاض هذا الأخير سلسلة من الدورات والتدريبات العسكرية المضادة لمعاقل وحصون حركة \"حماس\" في قطاع غزة. ولكن كلما امتد انتظار الجيش الإسرائيلي للانقضاض على الحركة -وهي تشكل في نظره تهديداً خطيراً وجدياً لأمن إسرائيل- كلما ازدادت فرص تمكن \"حماس\" من شن المزيد من هجماتها الصاروخية على البلدات الإسرائيلية الجنوبية، وبالتالي تزداد فرصها في قتل أعداد أكبر من الإسرائيليين. ووفقاً للتحليل الإسرائيلي، فإن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تتوسط من أجله مصر -ويتظاهر قادة \"حماس\" برغبتهم فيه- إنما يزيد الوضع سوءاً وتفاقماً، طالما أنه يتيح الفرصة ل\"حماس\" ويمنحها وقتاً وظروفاً أفضل لتسريع بناء ترسانتها العسكرية. \r\n \r\n ومن جانبهما يود الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس لو توقف إسرائيل هجماتها على \"حماس\"، حتى يتمكن إيهود أولمرت من إبرام اتفاق على مبادئ التسوية السلمية المستديمة للنزاع الدائر بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. ولكن على رغم ما يبديه أولمرت من رغبة في التوصل إلى اتفاق كهذا، فإن قناعة الإسرائيليين تتزايد يوماً بعد الآخر بأنه لن يكون في وسع حكومة فلسطينية يقودها \"أبو مازن\" تطبيق اتفاق كهذا. وهذا ما يزيد من احتمالات مواجهة تبدو حتمية ووشيكة بين إسرائيل و\"حماس\"، يصفها مسؤولون إسرائيليون بأنه ليس بالضرورة أن تنتهي إلى إعادة احتلال كامل للقطاع. ولكن بسبب ردة الفعل الدولية الغاضبة المتوقعة على أي اعتداء إسرائيلي على فلسطينيي القطاع، وبسبب الحرج الذي تثيره التغطية التلفزيونية الواسعة لمعاناة هؤلاء، فالأرجح أن ينتظر أولمرت أي استفزاز يبدر من جانب \"حماس\" لشن هجومه المدبر سلفاً على القطاع. \r\n \r\n \r\n \r\n جاكسون ديل \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n