\r\n كان ذلك الاعتقاد حالة من التفكير المرغوب بصحته. لكنه مع تواصل سقوط الصواريخ على المدن الاسرائيلية, ودعوات السياسيين الاسرائيليين المطالبة برد قاس عليها, صارت اسرائيل تواجه مأزقا حادا في غزة. وهكذا تحاول اسرائيل الان احتواء شكل جديد من السياسة, يتمثل في: شبه دولة بشبه احتلال, من دون سيادة تسيطر عليها حماس, التي تعتبرها الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي جماعة ارهابية, تلتزم رسميا بتدمير اسرائيل الملزمة بامدادها بالمحروقات والكهرباء والماء والغذاء. \r\n \r\n ويطالب السياسيون الاسرائيليون باغتيال قادة حماس, وباقتحام عسكري واسع لوقف الصواريخ, في حين يسعى وزير الدفاع ايهود باراك, ورئيس الحكومة ايهود اولمرت الى الوعظ بالصبر والتريث. \r\n \r\n اليوم, وحيث سلم اولمرت من مسؤولية فشل حربه ضد حزب الله, بموجب تقرير »فينوغراد«, تحاول حملة اعلام حكومية تبرير القيام بعملية عسكرية كبرى في غزة. ويقول مسؤولون اسرائيليون ان حماس اصبحت حزب الله, اي منظمة عسكرية متطورة تهدد الاستقلال في المنطقة. فمنذ شهر حزيران الماضي, وعندما قامت قوات حماس بطرد »فتح« من غزة, اصبح القطاع »حماسستان«, كما يصفه حاييم رامون, نائب رئيس الوزراء, واحد المقربين من اولمرت. مضيفا القول, حماس »ليست منظمة ارهابية مختبئة في دولة, بل انها الدولة, وتنظيم ارهابي يرفض حق اسرائيل في الوجود«. \r\n \r\n ومع ذلك, فغزة ليست دولة, بل جزء من الكيان الفلسطيني المحتل. وهذه هي معضلة اسرائيل. \r\n \r\n على ان رامون يؤيد مباحثات السلام مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس, »والحرب ضد حماسستان« في الوقت نفسه. ويقول »ما من مجتمع في العالم يوفر الوقود والكهرباء لبلاد تقصفه بالصواريخ«. هذا على الرغم من ان قطع اسرائيل للامدادات عن غزة, قد عرضها لانتقادات حادة من الاممالمتحدة ومنظمات حقوق الانسان بشأن »العقاب الجماعي« للمدنيين, وحتى بتحذيرات من جانب الولاياتالمتحدة. \r\n \r\n واصطحبت وزيرة الخارجية, تسيبي ليني, دبلوماسيين الى الحدود مع غزة, وحذرتهم من ان »الوضع في المنطقة لا يحتمل, وان التهديد بالرعب من غزة يتعاظم من سنة لاخرى«. وقالت ليني ايضا ان المشكلة ليست, ببساطة, في الصواريخ, »بل ايضا في تقوّي منظمات الارهاب«, مضيفة بأن »على اسرائيل العمل على تخفيف هذه التهديدات«. \r\n \r\n حسنا, لكن كيف بالتحديد? يقول شلومو بروم, الجنرال المتقاعد الذي يعمل بمعهد دراسات الامن القومي, لا يعتبر اي من الخيارات العسكرية جذابا على نحو خاص. ولوقف الصواريخ, على اسرائيل احتلال مواقع اطلاقها, كما تعلّم الجيش ذلك في لبنان. \r\n \r\n غير ان مدى الصواريخ آخذ في التحسن. وقال بروم »ان ذلك يعني الاستيلاء على معظم قطاع غزة. وما من احد في اسرائيل, سوى اليمين المتطرف, يرغب في اعادة احتلال القطاع«. فالجيش الاسرائيلي قادر على الانتصار بسهولة, يقول بروم, »لكن ذلك يستغرق وقتا طويلا, ولكن لاي هدف? اللاعودة الى حكم 1.5 مليون فلسطيني? وما هي استراتيجية الخروج?«. \r\n \r\n ان من شأن هكذا عملية ان تجعل من المستحيل على عباس الفتحاوي الاستمرار في مباحثات السلام مع اسرائيل, بصرف النظر عما يريد ان يرى من اضعاف حماس, او ازاحتها عن السلطة في غزة. \r\n \r\n وتتضمن خيارات عسكرية اخرى توسيع العمليات الحالية, وتكثيفها ضد حماس, لكن ذلك لن يوقف اطلاق الصواريخ. ذلك ان العمليات البرية, ذات الاهداف المحدودة - مثل ضمان ان تكون عسقلان في منأى عن مرمى الصواريخ - قد يعني اعادة الاستيلاء على شمال غزة, اضافة الى منطقة واسعة محاذية للحدود الغزّية - المصرية, بغاية تقليص تهريب الاسلحة. كما ان اغتيال قادة حماس قد يردع الصواريخ, لكنه قد ينطوي على عواقب غير متوقعة, مثل شنّ حملة جديدة من التفجيرات الاستشهادية. \r\n \r\n وحذر عاموس عوز, الكاتب الاسرائيلي الاكثر شهرة, من مغبة »وقوع اسرائيل في شرك تنصبه لها حماس, والتوغل في غزة. واضاف عوز بأن »قوات الاحتلال في هذه الحالة لن تنعم بيوم هادىء واحد, كما لن تعرف سديروت السكينة«. \r\n \r\n ولاحظ عوز ان هناك خيارا اخرا, وهو الاتفاق على وقف اطلاق النار مع حماس الذي يقترحه قادتها منذ مدة. ويقول دبلوماسيون ان مصر, المنصعقة من ازمة الحدود مع غزة, تعمل على رزمة طموحة - تشمل تبادل الاسرى, بمن فيهم العريف جلعاد شاريت, الاسير في غزة منذ حزيران ,2006 وربما الزعيم الفتحاوي مروان البرغوثي, ووقف طويل لاطلاق النار في غزة, واعادة فتح الحدود الغزية - المصرية. \r\n \r\n ولعلّ اسرائيل ستلتزم الحذر ازاء ذلك, على الارجح. ذلك ان التوصل الى اتفاق مع حماس سيزيد من اضعاف عباس, في الوقت الذي تقوم السياسة الاسرائيلية والغربية على تقويته واضعاف حماس. \r\n \r\n على ان وقفا طويل الاجل للنار قد يجلب الهدوء لسديروت, لكنه سيتيح الفرصة ايضا لحماس لاعادة تجميع الصفوف, والتسلح من جديد, ومواصلة تحسين قدراتها العسكرية, وتعزيز سيطرتها السياسية والامنية على غزة. \r\n \r\n ومع ذلك, وكما يبين برنارد ايشاي, مؤلف كتاب »الجمهورية العبرية«, ان لدى اسرائيل هدنة مع حزب الله, الرافض مثل حماس, اضافة الى فصل القوات. وقال »علينا ايقاف دائرة العنف. فإسرائيل لن تستطيع كسب الحرب في غزة, لكنها لن تقوى على فقدان السلام مع غزة«. \r\n \r\n ويود غيورا أيلاند, مستشار الامن القومي السابق, استخدام العقوبات العسكرية والاقتصادية القاسية, ليس لايقاع الهزيمة بحماس, بل لاقناعها بوقف اطلاق الصواريخ, والا فيقترح آيلاند التوصل الى صفقة حول: وقف النار, وتبادل الاسرى, والامدادات الطبيعية من المحروقات والكهرباء, واعادة فتح الحدود ومراقبتها مع مصر. واذا رفضت حماس هذا العرض, فانه يقترح سياسة العصا الشديدة المتمثلة في: قصف الوزارات في غزة, وكذلك مراكز الشرطة والبنى التحتية, ووقف امدادات الغذاء والوقود والكهرباء, وفصل غزة عن الضفة الغربية اقتصاديا. \r\n \r\n انه لحل غير محبذ, آخذين بالاعتبار لصرخات الاحتجاج الدولية التي ستترتب على ذلك. ولعل الردّ الافضل يكون في تحقيق معاهدة سلام بسرعة, تقيم دولة فلسطينية مسنودة من جامعة الدول العربية وتعزل حماس, مع تواجد قوات دولية تساعد في مراقبة الحدود. \r\n \r\n لكنه بفضل غياب مصلحة كبيرة لدى اسرائيل وحماس في التوصل الى تسوية نهائية الان, فيبدو الامر اقرب الى التفكير والقناعة المرغوبة.