لعبة الرهائن

\r\n
وجاء هذا الهجوم في وقت بالغ الحساسية وليكون بمثابة تصعيد كبير للمواجهة بين الولايات المتحدة وايران.
\r\n
\r\n
وبريطانيا ضالعة في هذا كله لا محالة بصفتها حليف أمريكا الوحيد المهم في العراق وكان يمكن في الحقيقة ان يكون للغارة الامريكية عواقب أخطر بكثير فيما لو تمكنت القوات الامريكية من القبض على المسؤول الايراني رفيع المستوى الذي كانت تستهدفه. وقد ابلغني فؤاد حسين، رئيس أركان الزعيم الكردي مسعود البرزاني أنهم "كانوا يسعون وراء محمد الجعفري، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني ليعتقلوه".
\r\n
\r\n
ونحن هنا أمام مؤشر بالغ الأهمية يشعرنا بمدى الصعوبة التي تواجهها أمريكا في الحصول على حلفاء مقربين جداً، لا سيما الاكراد لينضموا إليها في حملتها لمواجهة إيران، فالجعفري المذكور هذا كان في اربيل ومن بين أعضاء وفد إيراني وكان قد زار للتو البرزاني في مقر قيادته في مدينة صلاح الدين، والتقى قبلها الرئيس العراقي جلال الطالباني في دوكان شرقي كردستان.
\r\n
\r\n
وسيكون من الصعب جداً فهم الصلات السياسية بين إيران والعراق، فمعظم قادة العراق السياسيين، العرب منهم والأكراد، كانوا في المنافي طوعاً أو كرهاً سواء في إيران أو في سوريا، وهم يدركون كذلك في قرارة أنفسهم أن الولايات المتحدة مآلها، الانسحاب من العراق، إن عاجلاً أو آجلاً، لكن إيران ستبقى هناك على الدوام على الاقل من خلال نفوذها.
\r\n
\r\n
ويشتمّ بعض رجال الأعمال في اربيل رائحة فرص مغرية مربحة في ثنايا إحكام الأمم المتحدة قبضتها وتشديد الحظر المفروض على التجارة مع إيران، والذي كانت الأمم المتحدة اعلنته الشهر الماضي.
\r\n
\r\n
فإذا ما دخلنا في لعبة تشديد الخناق الرسمي على التجارة ينفتح الباب على مصراعيه، كما يرى هؤلاء، أمام ازدهار السوق السوداء وتنتعش امكانية تهريب السلع والبضائع من ايران وإليها، مما يتيح فرصاً واعدة للإثراء الفاحش السريع.
\r\n
\r\n
ومن الناحية الاقتصادية، فإن الشمال العراقي بحاجة إلى ايران اكثر من حاجة، إيران إليه، فثمة شرايين حيوية لتجارة هذا الجزء من العالم ومفاتيحها في إيران، وتفرض إيران سعراً عالياً جداً على البترول الذي تبيعه للأكراد لأنه يعتبر نقياً عالي الجودة وكردستان تتلهف لزيادة إمدادها به، كما تتلهف لزيادة امدادها بالكهرباء من إيران لأنها تعاني من نقص مزمن في الطاقة الكهربائية.
\r\n
\r\n
ومن منظور السياسات الامريكية، المحلي منها والدولي، فإن المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن القضية النووية، ربما كان لها مغزى وثمة حكمة في تصعيدها والوصول بها الى التفجير، وتستطيع واشنطن حشد القوى وتجييش الدعم ضد إيران بطريقة تعجز عنها، إن هي التمست دعم احتلالها للعراق. ولربما تمادى الإيرانيون، وأوغلوا في تشبثهم بمتابعة سعيهم الحثيث لحيازة القوة النووية وهم يرون ان الولايات المتحدة تتردى يوماً عن يوم في حمأة مستنقعها في العراق.
\r\n
\r\n
والغارة الامريكية على اربيل في يناير كانت ستؤدي الى عواقب وخيمة وأعظم بكثير فيما لو نجح الأمريكان في اعتقال الجعفري، إلا أن القدر كانت له كلمة الفصل. ومع ذلك، وبالطريقة التي جرت عليها الأحداث، فإن اعتقال المسؤولين الايرانيين الخمسة هيأ المسرح، فيما يبدو لاعتقال الحرس الثوري الإيراني للبحارة البريطانيين الخمسة عشر.
\r\n
\r\n
* مؤلف كتاب: "الاحتلال: الحرب والمقاومة والحياة اليومية في العراق" وكان رشح للفوز بنهائيات مسابقة جائزة الدائرة القومية لنقاد الكتب لأحسن كتاب لعام 2006.
\r\n