\r\n \r\n \r\n وأنا أقصد بكلامي هذا \"بول وولفوفيتز\" المعروف بلقب \"مهندس الحرب على العراق\"، والذي كان يُشار إليه قبل تلك الحرب باعتباره من أعظم المفكرين في مجال السياسة الخارجية، والذي كان يتمتع بمسيرة وظيفية رائعة شملت ضمن ما شملت شغل منصب سفير الولاياتالمتحدة في إندونيسيا، ومنصب عميد كلية الدراسات المتقدمة في جامعة جون هوبكنز قبل أن يعين نائباً لوزير الدفاع \"دونالد رامسفيلد\" وكبيراً لمستشاريه عام 2001 . \r\n \r\n واليوم حين تنهار السياسات التي وضعها، فإننا نتلفت حولنا بحثاً عن \"بول وولفوفيتز\" فلا نجده سواء في \"البنتاجون\"، أو في أي مكان آخر، لأن الرجل خرج من الإدارة، وأصبح رئيساً للبنك الدولي مقتفياً بذلك خطى \"روبرت ماكنمارا\" وزير الدفاع الأميركي إبان حرب فيتنام، الذي خرج من الوزارة وتولى منصب رئيس البنك الدولي عام 1968، عندما ارتفعت الخسائر البشرية الأميركية في ذلك البلد. \r\n \r\n والشيء الذي يبعث على الانزعاج الآن هو أن \"بول وولفوفيتز\"، يستمتع كما يبدو لنا بدوره كرئيس لواحدة من أشهر مؤسسات \"الإحسان\" العالمية، وأنه لا يكلف نفسه عناء التفوه بكلمة واحدة -من تلقاء نفسه- عن الكارثة التي كان سبباً فيها في العراق. وحتى عندما اضطر إلى ذلك تحت إلحاح الصحفيين وضغطهم فإن \"وولفوفيتز\" بدا مُصراً على الدفاع عن تصرف الولاياتالمتحدة، وعلى أن العراق سيتمكن من شق طريقه عبر الصعاب نحو الحرية، وعلى الادعاء بأن سبب عدم تطرقه للوضع في العراق هو أن هذا الموضوع قلما يثار في سياق أدائه لواجبات وظيفته كرئيس للبنك الدولي. \r\n \r\n في رسالة إليكترونية ل\"بول وولفوفيتز\" رداً على رسالة كنت قد بعثت بها إليه أطلب منه فيها موافاتي بآرائه عن العراق ومشكلة الديمقراطية في الشرق الأوسط الذي غدا راديكالياً كتب يقول: \"إنني لم أعد مسؤولاً أميركياً رسمياً، بل ولم أعد حتى مواطناً عادياً، وإنما أنا الآن رجل أعمال من أجل 148 دولة تتوقع مني أن أقوم بما يفترض علىَّ القيام به كرئيس للبنك الدولي... وليس هناك شيء أحب إليَّ من المشاركة في الحوار العام الدائر حول العراق، ولا شيء أحب إليَّ من إزالة بعض القاذورات التي ألقيت عليَّ أنا شخصياً، بيد أن المشكلة تكمن في أنني لو فعلت ذلك فسوف أجد من يقول لي إن ذلك يشغلني عن أداء واجبات وظيفتي كرئيس للبنك الدولي\". بالله عليكم هل يمثل هذا عذراً ل\"وولفوفيتز\" كي يلتزم الصمت بشأن العراق في الوقت الذي تعاني فيه بلاده مر المعاناة بسبب ما آلت إليه الأمور في العراق. \r\n \r\n في بداية هذا الشهر، وخلال كلمة له في ولاية \"أطلانطا\" وقف أحد المعارضين لينعته بأنه \"مجرم حرب\". بالطبع كانت تلك تهمة مبالغاً فيها.. ولكنني أقول مع ذلك إنني لا أختلف مع من يرون أن \"وولفوفيتز\" المستشار اللامع، قد لعب دوراً كبيراً من خلال قوة أفكاره في بيع فكرة الحرب على العراق لرؤسائه، ومن ثم للشعب الأميركي في نهاية المطاف. \r\n \r\n أقول هذا دون أن أنسى -وهو ما يحسب للرجل في الحقيقة- أن \"وولفوفيتز\" قد ظل لسنوات عديدة يجادل بأن السياسة الأميركية الخاصة بدعم الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط تمثل خطأً جسيماً، وأن الديمقراطية –والحرية- ليست قيمة أميركية بقدر ما هي أشواق عالمية، وأن بلاده قد ارتكبت خطأً جسيماً آخر عندما سمحت ببقاء صدام في السلطة عقب طرده من الكويت، وأنه قد ظل دائماً يدعو لإطاحة صدام. \r\n \r\n ولكن ليس هناك شك -مع ذلك- في أن الرجل كان مسؤولاً عن بعض جوانب سوء التقدير الجوهرية المتعلقة بالحرب على العراق وأبرزها حين قال أمام الكونجرس إن القوات الأميركية ستقابل كقوات تحرير وليس كقوات غزو، وأن ثروة العراق النفطية ستكون كافية للإنفاق على عمليات إعادة التعمير، وأنه ليس هناك احتمال كبير لاندلاع صراع أهلي، وأن الولاياتالمتحدة ليست بحاجة إلى أعداد كبيرة من القوات على الأرض للمحافظة على الاستقرار بعد إسقاط صدام. كل تلك أمور لم يقدم لنا \"وولفوفيتز\" تفسيراً لها، كما لم يقدم لنا تفسيراً عن الأسباب التي دفعته للترويج لأحمد شلبي الذي غدا الآن شخصاً لا يحظى بالمصداقية. \r\n \r\n \"بول وولفوفيتز\" الرجل الذي عرف بأمانته العملية التي أهلته لمنصب رئيس البنك الدولي، والذي يعتبر من كبار المفكرين الأميركيين، يدين للشعب الأميركي ليس فقط بالتفسير، ولكن أيضاً بتحليل دقيق وتشريح للأخطاء التي ارتكبها وكيف يمكن تجنب تكرارها. \r\n \r\n وإذا ما كان الرجل لا يزال يعتقد أن القرار الخاص بالذهاب للحرب كان صائباً، وأن تخصيص المزيد من الأموال لإعادة الإعمار يمكن أن ينقذ العراق، فإننا نعتقد أن الوقت قد حان كي يشرح لنا أسباب قناعته تلك. أما إذا كان يعتقد أنه قد أخطأ، فإن عليه أن يعترف بذلك، لأن هذا الاعتراف، هو الذي سيساعدنا على فهم ما حدث. ثم عليه بعد ذلك أن يعتذر عن خطئه هذا كمواطن أميركي عادي، ولا يجب علينا أن نسمح لمنصبه كرئيس للبنك الدولي أو أي منصب آخر مهم أن يحميه من المحاسبة. \r\n \r\n سوني إفرون \r\n \r\n محرر بصفحات الرأي في \"لوس أنجلوس تايمز\" \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n