\r\n \r\n \r\n بيد أن هذه التصريحات التي أشاعت جواً من التفاؤل، قد لا تقود في النهاية إلى أية نتائج ملموسة ما لم تدرك كوريا الشمالية وتقتنع تماماً بأن التخلي عن برنامجها النووي هو سبيلها الوحيد لضمان استمرار النظام. وبإلقاء نظرة على تاريخ نزع السلاح النووي والتجارب السابقة المتعلقة بتخلي دول أخرى عن برامجها النووية، فضلاً عن الظروف الاستراتيجية الخاصة المحيطة بكوريا الشمالية، نرى أن مسألة نزع السلاح النووي لكوريا الشمالية أمر بعيد المنال. ويكفي أن نقارن حالتها وحالة ثلاث دول سلمت أسلحتها في السابق، وهي جنوب أفريقيا وليبيا وأوكرانيا، لنصل إلى خلاصة مفادها أن كوريا الشمالية مازالت بمنأى عن الدوافع المطلوبة التي قادت تلك الدول إلى التخلي طواعية عن أسلحتها النووية. \r\n \r\n فقد قامت جنوب أفريقيا، تحت غطاء برنامج نووي سلمي قالت إنه يرمي إلى تسهيل عملية حفر الموانئ وبناء منشآت تخزين النفط، بإنتاج ست قنابل نووية في عهد الرئيس الأسبق بي. دابل يو. بوثا. والسبب الحقيقي كان مواجهة عزلة دولية سببها نظام الفصل العنصري ويغذيها الخوف من تحرك سوفييتي أو كوبي بالقرب من سواحلها. ورغم أن ليبيا لم تمتلك قط سلاحاً نووياً، فإنها أمضت عقوداً تسعى إلى شراء قنبلة نووية من الصين، والحصول على معدات لتخصيب اليورانيوم من فرنسا، فضلاً عن محاولتها الحصول على مفاعل نووي من الولاياتالمتحدة، وغواصة نووية من الاتحاد السوفييتي. واستطاعت طرابلس تحقيق بعض النجاح في مساعيها خلال تسعينيات القرن الماضي عندما استفادت من شبكة تهريب المواد النووية التي أقامها العالم الباكستاني عبدالقدير خان. \r\n \r\n وكانت أوكرانيا الدولة الوحيدة التي لم تسع إلى القنبلة النووية، بل وجدت نفسها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تمتلك ثلاثة آلاف سلاح نووي تكتيكي، بالإضافة إلى 176 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، ما جعلها تمتلك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم. \r\n \r\n لكن ما الذي دفع تلك الدول الثلاث إلى التخلي عن أسلحتها النووية؟ وما هي تداعيات ذلك بالنسبة لكوريا الشمالية؟ في جنوب أفريقيا أدى انسحاب القوات السوفييتية والكوبية إلى إعادة النظر في الحاجة إلى الحفاظ على سلاحها النووي، حيث اتخذ الرئيس دي كليرك القرار الصحيح بالتخلي عنها وفك العزلة عن بلاده. أما في الحالة الليبية فقد أدت العزلة المتصاعدة للبلاد على الصعيد العالمي، لاسيما بعد حادثة لوكيربي والانخفاض الحاد في أسعار النفط، إلى تكبيد الاقتصاد الليبي خسائر فادحة عجز النظام عن مسايرتها. كما أن طرابلس التي كانت في السابق تدعم الحركات الراديكالية، وجدت نفسها عرضة لهجمات المتطرفين الإسلاميين ما ساهم في تقاربها مع المجتمع الدولي، فضلاً عن المآل الذي انتهى إليه الرئيس العراقي صدام حسين... وهي عوامل كلها سرعت في القرار الليبي بالتخلي عن مساعي الحصول على السلاح النووي. ولأن الترسانة النووية لأوكرانيا كانت خاضعة في الواقع للسيطرة الروسية، فقد فضلت كييف التخلي عنها بدل الارتهان للقرار الروسي. \r\n \r\n هكذا يظهر أن الدول الثلاث السالفة قررت بمحض إرادتها التخلي عن أسلحتها النووية عندما أيقنت أنه الطريق الوحيد للحفاظ على تماسك النظام واستمراره، وهو ما يختلف جوهرياً مع الوضع في كوريا الشمالية التي بالعكس من ذلك تعتبر السلاح النووي والعزلة الدولية الورقة الرابحة في الحفاظ على سلامة النظام وتحصينه من الأخطار الخارجية. \r\n \r\n بينيت رامبورج \r\n \r\n مسؤول سابق في الخارجية الأميركية \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" \r\n \r\n