\r\n وهو ما يبدو بالنسبة للعديد من الخبراء والمسؤولين الإسرائيليين كإعادة لسيناريو الشريط الأمني الفاشل الذي كان قائما خلال الثمانينيات والتسعينيات. وفي هذا السياق، يقول مسؤول من وزارة الدفاع الإسرائيلية \"في حال علِقت إسرائيل داخل منطقة أمنية واضطرت إلى الدفاع عن قواتها، فإننا نكون بذلك قد عدنا إلى نقطة البداية\". \r\n \r\n الواقع أن ثمة أوجه تشابه بين المنطقتين الأمنيتين القديمة والجديدة، ذلك أن المنطقتين العازلتين كلاهما تعكسان مأزقاً نتج عن غزو إسرائيل للبنان بهدف القضاء على الهجمات التي ينفذها \"حزب الله\" عبر الحدود. كما أن إسرائيل تلح هذه المرة أيضاً على أن لا نية لديها في البقاء بجنوب لبنان. والحال أنه إذا وجدت إسرائيل نفسها وحيدة ضد ما تصفه بوكيل إيران بالمنطقة، فمن الممكن أن تحافظ على المنطقة العازلة قصد منع \"حزب الله\" من العودة إلى المواقع المحاذية للحدود. وفي هذا السياق، يقول الجنرال السابق \"يوسي بيليد\"، الذي ترأس القيادة الشمالية الإسرائيلية خلال السنوات الأولى للمنطقة الأمنية الأولى، \"سيتم سد الفراغ في وقت وجيز\"، مضيفاً \"إذا قبلنا بوقف لإطلاق النار وانسحبنا إلى الحدود في غياب قوة بديلة، فما الذي نكون قد حققناه؟\". \r\n \r\n غير أن عددا من المحللين يرون أن إعادة احتلال لبنان تنطوي على خطر تمكين \"حزب الله\" من حشد الأنصار من حوله وتقوية شوكته مثلما حدث أثناء مقاومته الاحتلال في الثمانينيات والتسعينيات. وفي هذا الإطار، كتب \"ألوف بين\"، المراسل الدبلوماسي لصحيفة هآرتس الإسرائيلية يقول \"يتساءل المرء ما إن كان حضور طويل الأمد في لبنان وإعادة تشكيل منطقة أمنية لصالح إسرائيل أو ضدها، ذلك أنه سيمنح \"حزب الله\" مبررات لمحاربة الاحتلال ورفض التجرد من السلاح\". \r\n \r\n وتعود الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان بهدف تأمين الحدود إلى عقد السبعينيات، أما المنطقة الأمنية فلم تُقم سوى عام 1985، وشكلت طيلة 15 عاما ساحة للمناوشات مع \"حزب الله\". وقد كانت إقامة المنطقة العازلة جزءاً من الانسحاب الثاني بعد غزو إسرائيل للبنان عام 1982 ومحاولة تغيير النظام، حيث احتفظت إسرائيل بشريط بعمق يتراوح ما بين ميلين إلى 12 ميلاً بهدف منع تسرب مقاتلي \"حزب الله\" وتفادي الهجمات بالصواريخ. ولاقتسام عبء المنطقة العازلة، قامت إسرائيل بتفويض المهمة إلى ميليشيا من الحلفاء اللبنانيين عُرفت بجيش جنوب لبنان، وذلك عبر تمويلها وتدريبها. \r\n \r\n الواقع أن المنطقة العازلة كانت تشكل جزءاً من الهدف الأولي الذي وضعته إسرائيل لحرب 1982، والمتمثل في مقايضة الأرض التي احتلتها بمعاهدة سلام. غير أن الحجم الصغير للشريط جعله غير ذي جدوى. ولئن كانت المنطقة الأمنية القديمة نجحت في منع معظم عمليات التسلل عبر الحدود، فإنها لم تكن قادرة على وقف الصواريخ التي كان يطلقها \"حزب الله\" في اتجاه مدن إسرائيل الشمالية بين الفينة والأخرى. كما أنها جعلت الجنود الإسرائيليين عرضة للكمائن التي كان ينصبها لهم مقاتلو الحزب الذين كانوا لا يجدون صعوبة في اختراق المنطقة. \r\n \r\n وعلاوة على ذلك، ونتيجة لارتفاع عدد الإصابات في أوساط القوات الإسرائيلية، تناقص تدريجياً تأييد الرأي العام الإسرائيلي للبقاء في المنطقة الأمنية. وفي هذا السياق، يقول مايكل أورين، المؤرخ العسكري وزميل مركز شاليم بالقدس \"لقد جلبت المنطقة الأمنية الأمن إلى شمال إسرائيل، ولكنها لم توفر الأمن للجنود بالمنطقة\". \r\n \r\n وفي وقت تقيم فيه إسرائيل منطقة أمنية جديدة بلبنان بملامح شبيهة بالمنطقة الأمنية القديمة، يقول محللون إنها لن تكون عميقة بما يكفي لحماية المدنيين في شمال إسرائيل، وذلك لأن \"حزب الله\" ما زال يتوفر -حسبما يُعتقد- على ترسانة مهمة من بينها مئات الصواريخ متوسطة المدى القادرة على التحليق فوق المنطقة العازلة. ونتيجة لذلك، يدور جدل محتدم في إسرائيل حول ما إن كان عليها التقدم إلى غاية نهر الليطاني الذي يبعد عن حدود إسرائيل الشمالية بما قد يصل إلى 25 ميلا أو البقاء في الشريط الضيق بمحاذاة الحدود. \r\n \r\n المؤيدون لفكرة منطقة عازلة تمتد إلى نهر الليطاني يرون أنه سيكون من الأسهل الدفاع من وراء حدود طبيعية. وفي هذا الإطار، يقول يوفال ستينيتز، العضو بالبرلمان الإسرائيلي، \"إما أن تختار خطا دفاعيا منطقيا، أو تنسحب إلى الحدود الدولية. أما أن تبقى في منطقة تتراوح ما بين 6 و10 كيلومترات فهي وصفة للكارثة، وستضعنا وجها لوجه أمام إرهابيي \"حزب الله\"\". \r\n \r\n أما أليكس فيشمان فقد كتب في صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية يوم الأحد تعليقا على المقترح الأممي القاضي بوقف لإطلاق النار قال فيه \"يمكن لإسرائيل أن تبقى كما هي الآن بالمنطقة الأمنية، أو أن تنسحب إلى الحدود الدولية، أو تستعمل سلاح الجو والمدفعية لضبط \"حزب الله\"، أو تأتي وتذهب وتقوم بتوغلات متى كان ذلك ضروريا\". \r\n \r\n هذا ويتمثل الدور الرئيسي الذي قد تلعبه المنطقة العازلة في إمكانية استعمالها كورقة مقايضة يتم إرجاعها مقابل هدوء في الحدود. وبهذا المعنى، تكون إسرائيل قد عادت إلى صيغة الأرض مقابل السلام التي استعملت في أعقاب غزو لبنان عام 1982. وحسب عدد من المحللين، فإن إسرائيل تراهن هذه المرة أيضا على تدخل المجتمع الدولي بدلا من اتفاق سلام لإخراجها من المنطقة العازلة. \r\n \r\n والواقع أن التاريخ أظهر للإسرائيليين أن أفضل عمليات الدخول إلى لبنان كثيرا ما لا تتوفر على مخرج واضح. وحول هذا الموضوع يقول ديفيد نيومان، أستاذ الجغرافيا بجامعة بن غوريون، \"إن لهذه الأمور آلياتها الخاصة، وأشك كثيرا في أن تكون إسرائيل قد توقعت، عندما دخلت قبل 20 عاما، أنها ستمكث هناك طيلة 20 عاما\". \r\n \r\n جوشوا ميتنيك \r\n \r\n مراسل \"كريستيان ساينس مونيتور\" في تل أبيب \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"كريستيان ساينس مونيتور\" \r\n \r\n